:: ومن أغرب الأحكام القضائية بأمريكا، واستنكره الرأي العام: كان الفتى المراهق كارل ترومان، منهمكاً في سرقة طاسات إطارات عربة جارتهم.. والجارة لم تنتبه لاختباء هذا الفتى تحت عربتها - بغرض سرقة الطاسات - عندما صعدت إلى العربة وأدارتها ودهست بها الفتى، وتسببت في كسر يده. أمام المحكمة، توقع الجميع أن يحكم القاضي لصالح الجارة، وضد الفتى المراهق بتهمة (السرقة).. ولكن، فاجأتهم المحكمة بالحكم على الجارة وإلزامها بدفع تعويض مالي قدره أربعة وسبعون ألف دولار للفتى السارق.. وتم توثيق هذا الحكم في موسوعة أغرب الأحكام القضائية!. :: لو لم يمت، فالذين أفسدوا تقاوي قمح هذا الموسم بمشروع الجزيرة بحاجة إلى هذا القاضي الأمريكي، ليحكم لهم بالتعويض المالي نظير إفسادهم للتقاوي. نعم، فحسب بيانات اتحاد المزارعين قبل تشكيل لجنة التحقيق، وكذلك تصريحات وزارة الزراعة، بعد نتائج لجنة التحقيق، فإن المسار المحاسبي - بشكل عام - يُشير إلى أن المفسدين قد يكسبون القضية، ثم يلزمون المزارعين بدفع التعويض. ولاعتماد هذا الحكم - بشكل قانوني - نقترح على مجلس الوزراء استجلاب ذاك القاضي الأمريكي، ثم تجنيسه وتعيينه (عاجلاً).. فالعقل البشري لا يستوعب اختزال فساد وإهمال أجهزة دولة - بي حالها - في التخزين فقط لا غير، أو كما يقول تقرير لجنة التحقيق. ولو أحالوا هذا التقرير- بتلك النتائج السطحية - إلى المحكمة، فإن المحكمة حتماً (ح تحاكم المخزنجية)، وتبرئ الآخرين (وزيراً كان أو وكيلاً أو مديراً)، وتقريباً (ده المطلوب)!. :: قصة التقاوي الفاسدة واضحة، وليست بحاجة إلى لجان تحقيق، و(دفن الليل أب كُراعا بره)، سردت تفاصيلها قبل أسبوع وهذا مختصرها لمن يهمهم الأمر: في موسم 2005، وفي إطار اتفاق التعاون، قدمت تركيا للسودان منحة قدرها (3000 طن تقاوي محسنة).. وبعد اختبارها، أجازت البحوث الزراعية صنفين (إمام ونبتة)، وتم زرعهما و(نجح الموسم).. ومنذ موسم 2005، توالى استيراد تقاوي الصنفين - إمام ونبتة - من هيئة إنتاج التقاوي التابعة لوازرة الزراعة التركية، وظلت تجتاز الاختبار، وتحقق النجاح المطلوب بالجزيرة وحلفا والشمالية والنيل الأبيض وغيرها.. وفي موسم 2012، كالعادة حدث العجز في هذه التقاوي، وهذا قدرنا، بحيث لم نعد نحقق الاكتفاء الذاتي إلا في (الحرب والفقر والنزوح والهجرة).. المهم، تم سد العجز من تركيا بواسطة البنك الزراعي (8.300 طن)، بقيمة قدرها (5.000.000 دولار)، ولكن بعد (فوات أوان الزرع).. وهذا لا يحدث إلا في السودان؛ استيراد التقاوي (بعد فوات الموسم)! :: المهم، كما تفاجأت وزارة الزراعة بموسم القمح، تلكأت وزارة المالية أيضاً في الإجراءات المالية، ولذلك حضرت التقاوي و(لم تجدهم بخير).. وقت الزرع لا ينتظر الكسالى و(العاجزون عن التخطيط).. وتم تخزينها - بواسطة البنك الزراعي - بمخازن الجزيرة وحلفا وغيرها من المشاريع، لحين هذا الموسم (2013).. ولكن في شهر مايو الفائت، فاحت رائحة فساد تقاوي مخازن الجزيرة، وتم التأكد من فسادها بواسطة لجان فنية، ووزارة الزراعة تعلم ذلك، وأشرفت على الفحص، وكذلك إدارة مشروع الجزيرة، ثم البنك الزراعي، واتحاد المزارعين بالسودان والجزيرة.. كلهم تأكدوا بعض الفحص بأنها (تقاوي فاسدة)، ويجب التخلص منها ومحاكمة الذين جلبوها بعد ذاك الموسم، ثم أفسدوها قبل هذا الموسم.. ولكن، لم يتم التخلص منها ولا محاسبة هؤلاء، بل بعلم وإشراف وزارة الزراعة ومشروع الجزيرة والبنك الزراعي، تم توزيعها للمزارعين، وكان طبيعياً ألا تنبت الأرض غير (الفساد والإهمال).. وبعد كل هذه المراحل والمسؤوليات والمسؤولين، يكاد تقرير لجنة التحقيق أن يقول للناس والحياة بلا حياء (المخزنجي غلطان)!