تطور جديد: حركة العدل والمساواة تدخل أصابعها في الصراع الجنوبي الجنوبي، وتنحاز لمشار ضد سلفا كير وتحتل (فريانق) بولاية الوحدة! نعم، التطور جديد، ولكن بكل تأكيد لم يكن مستبعداً، بل دون ادعاء دعوني أقول: كنت أتوقع حدوثه على نحو مقارب. في مناسبة الصديق الطاهر ساتي، جاء وزير الدفاع، سعادة الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، وتجاذبنا معه أطراف الحديث حول ما يحدث في دولة الجنوب وتأثير ذلك علينا. كان سؤالي المباشر لسعادة الوزير، عن احتمال ظهور تحالف عسكري جديد بين حاملي السلاح في الدولتيْن؟ سعادة وزير الدفاع أدلى بإفادات مهمة حول الراهن وسيناريوهات القادم، ولكن لأن المجالس أمانات، والرجل لم يأذن لنا بالنشر، سنترك ما قال جانباً، لنقول ما نرى. هناك عدة معطيات تبرر نشوء هذا التحالف: أولاً/ كل طرف في حاجة إلى عون وعمق الآخر لتبادل المنافع والمهام وتلافي الأضرار، في ظل العزلة الإقليمية التي تعاني منها المجموعات الحاملة للسلاح في الدولتيْن. ثانيا/ التنسيق العسكري بين الجبهة الثورية في الشمال، وتحالف مشار وباقان وألور في الجنوب، سيجعل من عملية ضبط الحدود مهمة بالغة المشقة للخرطوم وجوبا كل واحدة على حِدَة. ثالثاً/ في الأساس يوجد تقارب فكري وسياسي بين قيادات الطرفيْن: باقان وألور في جانب؛ وعرمان والحلو وعقار، في الطرف الآخر، ومشار يجيد اللعب بما لديه من أوراق. رابعاً/ الظرف العسكري القائم على التفوق الميداني للحكومتيْن، سيدفع حاملي السلاح في البلديْن لانتهاج تكتيكات حرب العصابات على طريقة (مبادئ ماوتسي تونغ)، والتي أهمها: 1- انسحبوا إذا تقدم. 2- أزعجوه إذا أقام. 3- هاجموه متى تعب. 4- تابعوه إذا انسحب. الحدود بين الدولتيْن حدود وهمية وسائلة، تمتد على مساحة أكثر من مائتي ألف كيلومتر، يصعب ضبطها عسكرياً. ما يحدث في الجنوب، جاء لمصلحة متمردي الجبهة الثورية، وهم يواجهون هجمات شرسة من عدة محاور من قبل الجيش السوداني العازم على القضاء عليهم. الرئيس يوري موسفيني، أعلن أمس انحياز يوغندا التام لحكومة سلفاكير، وإعانته عسكرياً ودبلوماسياً، فلا مجال لأن تحصل قوات مشار على أي دعم من الجنوب، إن لم يأتِها الخطر من هناك في الأساس. من مصلحة المتمردين في الدولتيْن، عدم استقرار الحدود وجعلها ساخنة لأطول فترة ممكنة. الأخطر من ذلك في التطورات الأخيرة، أن النفط أصبح هدفاً مشروعاً للطرفين. الجبهة الثورية كانت حريصة على عدم المساس بالنفط، ليس حُبّاً في الخرطوم، ولكن مراعاةً لمصالح جوبا. النفط أهم ورقة في يد مجموعة مشار، توازن بها القوة العسكرية الضاربة لسلفا كير، وتحسّن بها وضعها التفاوضي عند الجلوس على الطاولة. على إثر التطورات الأخيرة، ودخول حركة العدل والمساواة لصالح تمرد مشار، لم يعد أمام الخرطوموجوبا من خيار سوى التنسيق والتعاون على ضبط الحدود. تعاون بين الخرطوموجوبا على نهج مقارب لبروتكول تأمين الحدود وتكوين القوات المشتركة، الذي تم توقيعه في مايو 2011، لحماية الحدود بين كلٍّ من السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى. حياد الخرطوم كان سيكون مجدياً، في حال عدم وجود تداخل وتعاون بين المتمردين في الدولتيْن؛ أما وقد كان فلا خيار سوى التنسيق والتعاون إلى أبعد حد.