جلس (بخيت) علي طرف السرير في توتر، واصبح يبحلق في الحوش ببلاهة..دقائق معدودة حتي ارتفعت رنة هاتفه الجوال (المشلع)..فضغط علي زر الإستقبال وراح يتحدث مع الطرف الاخر بهمس شديد، لم تتضح منه إلا بضع كلمات مثل: (الولية مامريحاني..وبراحة براحة..وكلمة (يالطيف) التي كان يرددها لأكثر من مرة..بعد ربع ساعة اغلق الهاتف، وظل يتلفت حوله زي سواق التاكسي..ثم نهض في اعياء متجهاً نحو فراشه و... (بتتكلم مع منو ياراجل انصاص الليالي).. انتزعته تلك العبارة من السكون الذي يغرق بداخله، فألتفت في ذعر ليواجه زوجته (بت المنا)..التي كان يختلف شكلها في الليل تماماً عن نظيره في النهار، ففي الليل تكون بت المنا عبارة عن كتلة من اللهب، بعينيها المحمرتين، وشفتيها الغليظتين والناشفتين تماماً زي (ضنب الكديس الميت)..وذلك الشكل (الليلي) يجعل بخيت يتفادي إي إصطدام معها، خوفاً من ان تكون العواقب وخيمة..والنتائج غير مُرضية خصوصاً في جانب (رجولته) ومنظره امام الشفع (اولاد الحنود)، الذي يراقبون المعركة غالباً عبر (ثقب البطانية) المتهتكة.. ابتلع (بخيت) ريقه بصعوبة وهو يجيب علي (بت المنا) في لامبالاة: (ابداً..كنت بتكلم مع ناس الشغل)..نظرت بت المنا اليه نظرة مملوءة بالشك قبل ان تقول في غلظة: (ناس منو؟؟ إنت شغال (حرامي) ونحنا ماعارفين ولاشنو؟؟)..لوح بخيت بيديه في حركة مسرحية وهو يجيبها بلهجة اكثر صرامة:(قصدك شنو يامرة)..وليته لم يحدثها بتلك اللهجة..فقد تغيرت ملامح بت المنا الهادئة نوعاً ما..وازدادت عيناها احمراراً واصبحت (جمُر شيشة عدييييل)..بينما ارتفعت دقات قلبها مثل (نوبة ذكر) وصاحت في وحشية عجيبة:(انت بتتكلم معاي كدا ليه..خلاص..لقيت ليك واحدة تانية من بنات الزمن دا..خلاص داير تلعب بي ضنبك..ااا...خلاص داير تتلولو معاي..شوف ياراجل هنا..والله..والله..ماتعترف لي كنت بتتكلم مع منو..الليلة دي ياأنا..ياأنت..في البيت دا...)....وطبعاً عزيزي القارئ لو كنت في مكان (بخيت)، فلاشك انك (ستنبطح) فوراً..وتحافظ علي ماتبقى لك من كرامة..وتعترف بكل شئ..وهذا بالضبط مافعله (بخيت)..فقد انهار تماماً..ورد عليها بلهجة تختلف تماماً عن تلك الاولي: (والله بصراحة ياولية..انا داير أعرس فوقك).. لا لا...مهلاً عزيزي القارئ..فماحدث في تلك اللحظة لايشبه بأي حال من الاحوال ماتفكر فيه..فلم تفعل (بت المنا) سوى ان اطلقت ضحكة هستيرية عالية واستلقت علي فراشها زي (اللوري المقلوب)..واغمضت عينيها في هدوء..قبل ان تقول في لهجة هادئة جداً: (والله صحي...العُشر قام ليهو شوك). شربكة اخيرة: (بخيت) لم يتزوج....ليس لأنه خاف من حديث (بت المنا)....ولكن لأن (العُشر لايمكن ان يقوم ليهو شوك) ولو طال الزمان....ولاشنو؟