حافظ انقابو هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته إنقاذ الوثائق! منتصف الأسبوع الماضي أرغمتني بعض الاحتياجات الخاصة للذهاب إلى دار الوثائق القومية للاطلاع على بعض الكتب وارشيف الصحف .. ولعلها المرة الأولى لي أزور دار الوثائق بغرض الاطلاع والبحث. في بداية الأمر تهجست من الذهاب وبدأت أبحث عن خيارات تقيني شر الذهاب باعتبار أن هذه المؤسسة جزء لا يتحزأ من المؤسسات الخدمية العامة التي عودتنا على اهدار الوقت و"الجرجرة" التي يعلمها الجميع من موظف الاستقبال حتى صاحب الامضاء الاحمر أو الاخضر .. خاصة أن هذه الأيام أصبح النهار في الخرطوم لا يكفي لانجاز المهام والواجبات.. توكلت على الله وذهبت إلى دار الوثائق بشارع السيد عبالرحمن.. وقمت بطلب المستندات والوثائق التي أحتاجها عبر استمارة مرتبة قدمتها لي الموظفة المسؤولة عن الاطلاع.. وجلست لانتظر على أمل أنني سأقضي اليوم كله في تلك الطاولة حسب الصورة الذهنية التي نضعها جميعاً عندما ننوي طلب أي خدمة من المؤسسات العامة .. لكني تفاجأت بأن كل المستندات تم إحضارها في أقل من ربع ساعة ووضعها على طاولة إطلاع في صالة تليق بالباحثين والمهتمين الذين يتخذون منها ملاذا للبحث والاطلاع.. لم أشعر بالوقت حتى نهاية اليوم لما وجدته من مستندات دسمة ونادرة أجبرتني لأعود للمواصلة صباح اليوم التالي لأواصل من حيث وقفت.. ما وجدته وشهدته بدار الوثائق بعث في نفسي أملاً بأن الخير لا يزال موجوداً في مؤسساتنا العامة.. يستحق العاملون في هذه الدار تحية وتقدير على ما يقدمونه من خدمة مقارنة بأي مؤسسة أخرى ..فقط ما لاحظته غريبا هو تبعية الدار لرئاسة مجلس الوزراء بدلا عن وزارة الثقافة أو السياحة. لكن الملاحظ أن الوثائق القديمة بحاجة إلى إعادة أرشفة إلكترونية لما يبدو عليها من آثار التمزق.. على إدارة الدار أن تعمل على ذلك اليوم قبل الغد لتكمل جميلها حتى لا يقفد الوطن ذاكرته.. فالأجيال القادمة تستحق أن تطلع على تاريخ السودان وأحداثه من خلال هذه الوثائق المتهالكة.. والتكنلوجيا التي تؤسس لقاعدة هذه البيانات ليست باهظة التكلفة سواء بشريا أو ماديا فالماسحات الضوئية أصبحت متوفرة حتى على "الموبايل". لم يكن هذا رأيي منعزلا.. فقد طرحت ذلك على مجموعة من الباحثين الذين وجدتهم هناك.. مهما يصل الناس من مراحل الاحباط يبقى هناك شيء من الأمل في أن ينصلح الحال "المايل" وتعود المؤسسات العامة والخدمية أكثر نظاماً وأسرع في تلبية حاجة المواطن.