تعتبر دار الوثائق القومية السودانية من أعرق دُور حفظ التراث وجمعه وتصنيفه وأرشفته، وظلت تعمل على تخزين الوثائق التاريخية المهمة للسودان منذ ما يزيد على ثمانين عاماً، وتأتي بالمرتبة الثانية بعد نظيرتها المصرية من حيث الأقدمية. وتمكَّنت دار الوثائق السودانية من حفظ 30 مليون وثيقة تقع في نحو مئتي مجموعة وثائقية مع مجموعة أخرى من الخرائط والمخطوطات والكتب، التي تشكِّل في مجملها كنزاً نفيساً للسودان وغيره من الدول الأفريقية. وتعود فكرة إنشاء جهة لحفظ الوثائق الحكومية في السودان إلى عام 1916، عندما شرعت إدارة الحكم الثنائي في الحقبة الممتدة من 1898 إلى 1956 في جمع الأوراق المالية والقضائية وأرشفتها، ثم تطورت الفكرة إلى تأسيس مكتب محفوظات السودان عام 1948. حفظ الوثائق " دار الوثائق قامت بأرشفة الصحف السودانية وتحتفظ بأول صحيفة صدرت عام 1903، وهي صحيفة (السوداني) وما زالت تحفظ الجرائد السودانية اليومية " وتقول مديرة إدارة حفظ وخدمات الوثائق د. إخلاص مكاوي، إن دار الوثائق السودانية تقوم بحفظ الوثائق الرسمية من الدولة، وكذلك وثائق الأهالي والأسر، بطريقة تضمن سلامتها وتيسِّر سبل الاطلاع عليها والاستفادة منها في البحث العلمي. وتشير د.إخلاص في حديث ل"الجزيرة نت" إلى أن الدار تقوم بحفظ وأرشفة صحيفة "Gazzette"، وهي جريدة الدولة الرسمية التي لا تُباع في الأسواق، ويُوجد ضمن أرشيف صحف دار الوثائق السودانية أول عدد منها. وقد أبصرت الجريدة الرسمية النور عام 1899، وأول موضوع تناولته كان بعنوان: "الوفاق بين دولتيْ الحكم الثنائي بشأن إدارة السودان في المستقبل". وتضيف أنه إلى جانب الوثائق التاريخية، قامت الدار بأرشفة الجرائد والصحف السودانية، قائلة: لدينا أول صحيفة سودانية صدرت عام 1903، وهي صحيفة "السوداني"، وما زلنا نقوم بحفظ الجرائد اليومية باختلاف توجهاتها وتنوُّع مدارسها الفكرية. حقب تاريخية كما تحتفظ الدار بوثائق مهمة تغطي الحقب التاريخية كافة في السودان باختلاف مناشطها السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية، حيث تحتفظ بمجموعة سلطنتيْ "الفونج" أو "الفور" (1504-1916) ومجموعة المهدية (1881-1899)، وهي وثائق تاريخية أفردت لها الدار حيزاً واسعاً من الاهتمام. ويُوجد بالدار معرض يحوي صوراً ومخطوطات تاريخية نادرة، كالخط الصحراوي للمصحف الشريف، مع مجموعة من الرسائل المهدية، إلى جانب صور متنوعة تحكي تاريخاً مجيداً عاشه الشعب السوداني على مر العصور. وتتبع للدار مكتبة تضم 18 ألف كتاب تغطي مختلف دروب المعرفة، وتتكون من قسمين أحدهما عربي والآخر إنجليزي. ومن الإدارات الحديثة التي أُنشئت أخيراً وحدة المعالجة الإلكترونية، التي تختص بأرشفة المعلومات والوثائق إلكترونياً، لمسايرة الواقع التكنولوجي الذي يعشيه العالم، ومساعدة الباحث على الحصول على الوثائق التاريخية المتاحة للجمهور. ويقول رئيس قسم المعالجة الإلكترونية، إبراهيم سعيد، إن الهدف من تأسيس هذا القسم هو تحويل العمل الوثائقي من يدوي إلى آلي، بهدف دفع عجلة البحث العلمي إلى الأمام، ومواكبة آخر ما توصَّلت إليه التكنولوجيا الحديثة من حفظ وأرشفة المعلومات.