الحرب طائر شؤم أينما هبط على بلاد أورثها العدم والقفر اليباب، واستباح المدن والقرى، لترتكب مجموعة جرائم ضد الإنسان والإنسانية. تأتي الحروب لتستبدل الحياة بالموت، والإعمار بالعدم، وتستبدل كل جميل بما هو قبيح، تزرع مكان كل نبتة تحمل معنى الحياة، لغم يحمل معنى الدمار والقتل والإعاقة. تقتل الكرم والشرف، لا ترحم طفلأ ولا امرأة، ولا ترحم صغيرا ولا كبيرا، تستبيح كل شيء، وقاموسها لا يعرف الفضيلة. تقتل كل البشارات الحلوة، وتضيع سنوات من عمر الإنسان في الاقتتال، وتورثه الفقر والجوع والمرض. توقف التنمية، وتسافر كل الأمنيات الجميلة بعيداً تبحث عن المواره والاختفاء. تأتي الحرب لتعبر عن الحقد والكراهية والغبن من الإنسان لأخيه الإنسان. تستخرج شهادات الوفاة لمجموعة من الناس، وتستخرج شهادات الإعاقة للبعض الآخر. وتهدم البنيان، فتدمر مستشفى، وتحرق مدرسة. وتشعل النار وسط الحقول والغابات. وتطرد الناس من بيوتها وأوطانها وزرعها، وتجعلهم نازحين ومشردين وربما لاجئين. وتزرع الخوف والهلع بين الناس بعد امن. لذا تظل كل الأمكنة متلهفة لمن يبني جسور المحبة والثقة بين الناس. ويوقف نزيف الدم هنا وهناك. يصنع الدهشة، ويحقق السلام عرس المدائن، وفرح الأمكنة . إن الأمم التى ستنزف معظم ثرواتها الحروب والنزاعات المسلحة تقلل من فرص شعوبها في التنمية، وتبعاً لذلك يشكل خفض الإنفاق على هذه النزاعات حلقة أساسية في سلسلة التوصل بين التنمية وبناء السلام، اذ يوفر زيادة ملموسة في الأرصدة المخصصة لتمويل التنمية وتحقيق الرفاهية. بالإضافة للقتل الجماعي والتشريد واللجوء للسكان، هناك آثار أخرى للنزاعات والحروب الأهلية تتمثل في كلفة الفرص الضائعة، أي التكاليف الناتجة عن فقدان الإنتاج بسبب الموت او الاختفاء أو الانتقال القسري لأماكن أخرى من جانب الأفراد الذين اضطروا إلى هجر أنشطتهم اليومية، بسبب تجنيدهم في صفوف المليشيات، او حركات حرب العصابات. كذلك تدمير الأصول المادية من ممتلكات خاصة او عامة، والأضرار التى تصيب البنيات الأساسية من جسور وأبراج كهرباء. وفقد الاستثمارات الأجنبية المحتملة. أجهزت الحرب في بعض المناطق البنيات الأساسية للمشروعات الزراعية والصناعية ومرافق الخدمات. وعانت بعض المناطق من التدهور البيئي مما تسبب في الفقر الشديد، وعانت بعض المناطق من التدهور الصحي وانتشرت الأمراض. وأصبحت الملاريا مقيمة في بعض المدن أكثر من سكانها. ذهب الكثيرون إلى أن بناء السلام أصبح فرض عين نسبة للمآسي الإنسانية والنزاعات والحروب الأهلية. ففي الحروب الأهلية تكون البنادق موجهة دائماً نحو صدور المدنيين، ويخوضها دائماً شباب لم ينالوا التدريب العسكري الكافي. تقضي الحرب على الإنسان والموارد والثروات، بل تقضي على الحياة. عجباً ما ذا فعل الإنسان في هذه الحياة بأخيه الإنسان؟ أهداه الموت والتشريد والنزوح والضياع. إن التاريخ يخلد الذين يصنعون السلام، ويجعل ذكراهم على مر السنوات عطرة، فصناعة السلام تحتاج إلى مقدرات وحكمة، لان السلام صناعة لست سهلة.