المسألة، ليس فقط مجرد رياضة للجسد. المسألة فيها- بالضرورة- رياضة للعقل، ذلك ببساطة لأن العقل السليم، في الجسم السليم! للجسد، دهون وشحوم ضارة، وكذا للعقل دهون وشحوم، تصيبه بالخمول والتبلد، فتريّض ياصاح تكتسب الحسنيين معا: صحة وحيوية في جسمك وعقلك! الفكرة سديدة، والأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حين نزلها على الأرض- يوما رياضيا للدولة- أرادها دولة مفعمة بالحيوية، كهولا وشبابا.. نساء ورجالا وأطفالا.. ديوانا أميريا، ووزارات، ومؤسسات حكومية وخاصة.. جسد الدولة- أي دولة- مثل الجسد الإنساني، يصيبه الكسل، ويضرب الخمول كل عضلاته ومفاصله.. وحين يكسل هذا الجسد ويخمل، يصاب العقل.. عقلها.. وحين يصبح عقل الدولة كسولا، تصبح الدولة بلا همة، ولا مروءة، ولا مثابرة، ولا خيال يجنح، ولا إبداع! أيضا، جسد هذا العالم، مثل جسد الدولة.. مثل الجسد الإنساني.. ولعل من هنا، التقطت الأممالمتحدة الفكرة- فكرة أمير الحيوية والشباب- لتخصيص يوم أممي للرياضة، يستحيل فيه العالم كله إلى ملعب- بطوله وعرضه- يمارس فيه كل البشر، مختلف الانشطة الرياضية. لو كان هذا العالم رياضيا.. يركض مثلا، لكان عقله يركض بارتياح، في حلحلة كل ازماته البسيطة والمعقدة، وما كان لنفسه ان يقوم، مع بداية كل ركضة.. وما كنا لنراه- هكذا- يلهث عقليا، والازمات تسبقه تشابك من وراء تشابك، وتعقيد من وراء تعقيد! لا من سبيل لتنشيط عقل هذا العالم، إلا بتنشيط جسده. لا يكفي- رياضيا- ان يعرق اثنان وعشرون لاعبا كرويا وثلاثة حكام، في الميدان الاخضر، ويظل المشجعون- في المقصورة الرئيسية والمدرجات- يصفقون ويهتفون ويشتمون التحكيم الخائن.. التصفيق، لا يُسيّل عرقا، ولا يحرق دهونا في الجسد، ولا في العقل.. وكذا الهتاف، مهما تعالى.. وكذا الشتائم. إنني هنا، لا أريد أن ينزل المشجعون كلهم، إلى الميدان، إلى جانب الخمسة والعشرين، وإنما أريد- لكل واحد منهم، ان يكون له ميدانه الذي يعرق فيه، في مكان آخر.. وزمان آخر. أريد لأي منهم أن يصير رياضيا، ولو في الحد الادنى. صرتُ- شخصيا- رياضيا بصورة أو بأخرى، منذ أول يوم لليوم الرياضي. كان همي أن يعبر جسدي سليما.. صرت.. صار جسدي خفيفا، وحيويا.. لا.. لا. ليس جسمي فقط. عقلي صار سليما، مفعما بالحيوية، صار حديدا، يرى الأشياء، إما بيضاء أو سوداء أو خاطفة لونين، أو بلون غير هذي الثلاثة، حتى في الاوقات التي تتعذر فيها الرؤية بضباب الجهل الكثيف، أو في الليالي الظالمة الظليمة!.