أتم الزعماء الموالون لروسيا في شبه جزيرة القرم أمس الاستعدادات النهائية للاستفتاء المتوقع على نطاق واسع ان ينقل السيطرة على المنطقة المطلة على البحر الأسود من أوكرانيا إلى موسكو رغم انتقادات الغرب والتهديد بفرض عقوبات. واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعلن بطلان الاستفتاء في حين قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إنها دفعت بطائرات وقوات مظلية للتصدي لمحاولة للقوات الروسية لدخول شريط طويل من الأراضي تابع لمنطقة متاخمة لشبه جزيرة القرم. واتهم حكام أوكرانيا الجدد "عملاء تابعين للكرملين" بإثارة اعمال عنف مميتة في شرق البلاد الذي تقطنه اغلبية ناطقة بالروسية وحثوا المواطنين هناك على عدم الرد على اي إستفزازات تخشى كييف ان تستغلها موسكو لتبرير المزيد من عمليات التوغل بعد سيطرتها على القرم. وأصدرت روسيا بيانا جديدا تقول فيه انها مستعدة لحماية الأوكرانيين من متشددين قوميين قالت انهم يهددون المدن الشرقية. وأثار استفتاء اليوم في القرم الذي وصفته كييف وحكومات غربية بانه غير قانوني اسوأ ازمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة ويمثل تطورا جديدا في الإضطرابات التي تشهدها أوكرانيا منذ نوفمبر عندما تراجع الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش عن اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي. وسادت حالة من الهدوء في شبه جزيرة القرم أمس قبل الاستفتاء لكن التوترات ظلت شديدة في شرق أوكرانيا حيث قتل شخصان في خاركيف مساء الجمعة. وقال رئيس وزراء القرم سيرجي اكسينوف الذي لم تعترف كييف بانتخابه في جلسة مغلقة للبرلمان الاقليمي إن هناك ما يكفي من قوات الأمن لتأمين عملية التصويت في الاستفتاء. وأضاف للصحفيين "اعتقد ان لدينا ما يكفي من القوات-اكثر من 10 الاف من قوات الدفاع الذاتي واكثر من 5 الاف من وحدات مختلفة من وزارة الداخلية والاجهزة الأمنية لجمهورية القرم." وفي كييف وافق البرلمان الأوكراني على حل برلمان منطقة القرم الذي نظم الاستفتاء ويدعم الوحدة مع روسيا. وفي ميدان الاستقلال في كييف محور الانتفاضة ضد يانوكوفيتش المدعوم من موسكو ردد مئات الأشخاص هتافات تقول "القرم أوكرانية.. نحن ندعمكم يا سكان القرم." وقال زعيم قومي أوكراني في برلمان كييف إنه يجب فرض عقوبات على برلمان القرم لاجهاض تطلعات الحركات الانفصالية في الشرق الناطق بالروسية. ولا يعترف اكسينوف وموسكو رسميا بسيطرة القوات الروسية على القرم ويقولان إن الاف المسلحين الذين يمكن رؤيتهم في انحاء المنطقة ينتمون لمجموعات "الدفاع الذاتي" التي شكلت لتحقيق الاستقرار. لكن الجيش الروسي لم يبذل أي جهد لاخفاء وصول الاف الجنود مع شاحنات وعربات مدرعة ومدفعية. وعرف مسلحون ملثمون حول قواعد عسكرية أوكرانية أنفسهم بانهم قوات روسية. وتستأجر موسكو ميناء سيفاستوبول في القرم من كييف بموجب اتفاق لمرابطة اسطولها في البحر الأسود. وبموجب الاتفاق يحق لموسكو تمركز ما يصل إلى 25 ألف جندي هناك لكن تحركاتهم تخضع لقيود. وستفتح مراكز الاقتراع أبوابها صباح اليوم وستغلق بعد 12 ساعة. ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية خلال ساعات من اغلاق مراكز الاقتراع ليل الأحد. وسيختار الناخبون في القرم وعددهم 1.5 مليون طبقا لشكل ورقة الاقتراع التي صدرت الاسبوع الماضي بين خيارين لكن كلاهما يعني سيطرة روسيا على شبه الجزيرة. ومن المرجح ان يدعم الكثير من المواطنين من اصل روسي الذين يمثلون أغلبية في شبه الجزيرة الخيار الأول في الاقتراع وهو الوحدة مع روسيا حتى ولو لاسباب اقتصادية. اما الخيار الثاني فهو الاستقلال داخل أوكرانيا في البداية وهو ما يقول حكام القرم الجدد انهم سيستخدمونه كأساس لقبول الحكم الروسي. وقال تتار القرم وهم مسلمون من أصول تركية ويشكلون 12 في المئة من سكان شبه الجزيرة انهم سيقاطعون الاستفتاء رغم وعود السلطات بتقديم مساعدات مالية وحقوق ملائمة فيما يتعلق بالأرض. وأشار القائم بعمل رئيس أوكرانيا أولكسندر تيرتشينوف إلى مقتل ثلاثة أشخاص في يومين في مدينتين بشرق البلاد هما دونيتسك وخاركيف وقال إن ثمة "خطر حقيقي" من ان تقتحم القوات الروسية الحدود الشرقية لأوكرانيا. وتوجد أعداد كبيرة من سكان المدينتين من المتحدثين بالروسية وهو أمر مهم بالنظر إلى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد بحماية المواطنين من أصل روسي والناطقين بالروسية في أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية الروسية يوم السبت انها ستنظر في طلبات من أشخاص في أوكرانيا لحمايتهم وهي نفس اللغة التي استخدمت لتبرير تدخل موسكو في القرم. وقال تيرتشينوف في كلمة أمام اعضاء من حزب يانوكوفيتش "تعرفون كما نعرف من الذي ينظم الاحتجاجات الحاشدة في شرق أوكرانيا انهم عملاء الكرملين الذين ينظمون ويمولون هذه (الاحتجاجات) والذين يتسببون في سقوط قتلى." ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن تيرتشينوف قوله انه اختتم جلسة البرلمان بالقول بان "الوضع خطير للغاية. لا أبالغ. ثمة خطر حقيقي من تهديدات بغزو اراضي أوكرانية وسنعاود الاجتماع ثانية يوم الاثنين الساعة العاشرة." ورفضت روسيا الاعتراف بالادارة المؤقتة المدعومة من الغرب في كييف. وأغضبت وزارة الخارجية الروسية السلطات الجديدة في كييف عندما قالت ان الاشتباكات التي وقعت في دونيتسك توضح أن الأوكرانيين فقدوا السيطرة على الوضع هناك. وقالت الشرطة إنها احتجزت 32 ناشطا من رايت سيكتور وستة من المتظاهرين الموالين لروسيا وصادرت عدددا من الأسلحة. وقال حاكم خاركيف ايهور بالوتا الذي عينته مؤخرا السلطات المؤقتة في كييف إن محاولات "استفزازية منظمة للغاية من نشطين موالين لروسيا" بدأت عندما دخل رجال مجهولون على متن حافلة صغيرة في مواجهة مع المتظاهرين الموالين لروسيا ثم غادروا المكان بحافلتهم. وعندما لاحق المتظاهرون الحافلة وجدوها متوقفة أمام مبنى تابع للقوميين. ونقلت وكالة انترفاكس أوكرانيا للانباء عن المتحدث باسم رايت سيكتور قوله إن جماعته لم تشارك في الاشتباك ويعتقد ان افرادا آخرين تركوا الحافلة أمام مكتب الحركة. وقالت وزارة الخارجية الروسية ان لديها معلومات بان متشددين مسلحين من جماعة رايت سيكتور يفتحون "جبهة شرقية" ويعتزمون تعزيز انشطتهم في المدن الشرقية. وترفض القوى الغربية التي تعد عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب القرم وصف روسيا للسلطات الجديدة في كييف بانهم خلفاء لقوى أوكرانية تحالفت مع النازية وحاربت الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية. وحظرت السلطات في كييف التجمعات السياسية التي كانت مقررة في المدينة مطلع الاسبوع. وفي دونيتسك احتشد مئات الاشخاص في ميدان لينين ورفعوا الأعلام الروسية مطالبين باجراء استفتاء في المنطقة على غرار استفتاء القرم. وفي موسكو تظاهر آلاف الروس في شوارع العاصمة أمس تعبيرا عن تأييدهم لسياسات بوتين في أوكرانيا في حين جرت مظاهرات أخرى مناهضة. لكن يوم السبت أيضا شهد أكبر احتجاج على سياسات بوتين منذ عامين. وقالت الشرطة أن نحو ثلاثة آلاف شخص شاركوا في المظاهرة لكن شهودا قالوا إن عدد المشاركين وصل إلى 30 ألفا.