الغرب وصل مرحلة متقدمة من الحريات في كل شيء، وأظن أن أهم الحريات التي أرساها الغرب هي حرية الأديان، على الرغم من أن الإسلام قد كفل هذه الحرية منذ بدايته الأولى عندما قال تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ)، وعلى الرغم من ذلك نتصارع نحن أصحاب الدين الواحد، دعك من غير المسلمين الذين يتعرض بعضهم للإيذاء من بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة. أما صراعنا المذهبي، فقد بدأ يأخذ أبعاداً كبيرة بين العديد من الدول وفي مقدمتها إيران التي تنتهج المذهب الشيعي، والسعودية ذات المنهج السني، وكلا الدولتين تعتبر من الدول الكبرى والمؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي، وتعمل كل دولة على استقطاب الدول الأخرى في وجه خصمها، ووصل الصراع إلى مناطق النفوذ، وكان للثورة السورية تأثير كبير على هذا الصراع، فإيران تعمل على دعم بشار الأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، وهي إحدى طوائف الشيعة؛ في حين تنتمي المعارضة التي تدعمها السعودية وقطر وتركيا وغيرها من الدول إلى الطائفة السنيّة، ومعها الأقلية المسيحية، وبعض الطوائف الصغيرة الأخرى، وبذلك أصبحت سوريا مرتعاً لهذا الصراع داخل الدين الواحد، على الرغم من أن بعض العلماء يكفر (الشيعة)، ويعتبر أن خطرهم على الإسلام والمسلمين أكبر من اليهود والنصارى، فمذهبهم كما يقول العلماء أنهم يسبون الصحابة والسيدة عائشة رضي الله عنها، إلى غير ذلك من الأمور الأخرى التي تخرج من الملة. لسنا بصدد مناقشتها، فأهل السنة الذين يحبون آل البيت كما يحبون صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعاً لن يتقبلوا أن يسيء أي كان لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم خير الناس كما أخبر بذلك رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. دائما ما أتساءل كيف لشخص يريد أن يدخل في الدين الإسلامي الحنيف، وهو يرى التقاتل الذي تشهده معظم بلدان المسلمين في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال والشيشان وسوريا، وباقي دول الربيع العربي؛ كيف لشخص يريد أن يدخل في دين الإسلام أن يسلم، وهو يرى المسلمين يتقاتلون وبلادهم تفتقر إلى أبسط مقومات العلم والتأهيل، أو يرى بعض المسلمين ما يزالون يمارسون بعض طقوس الجاهلية من التبرك بالقبور والأضرحة وغيرها مما يسيء لهذا الدين؛ أتذكر كيف قال الألماني الذي دخل الإسلام قولته الشهيرة: (الحمد لله الذي جعلني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين). الصراعات التي يشهدها العالم الإسلامي، سواء كانت مذهبية أو قبلية، تؤثر كثيراً في غير المسلمين، الذين يتساءلون عن ماذا يتصارع هؤلاء المسلمون: هل دينهم دين حرب واقتتال؟ وقد جعل البعض يوجه الاتهام إلى الدين الإسلامي بالإرهاب، وهو ما نزال ندفع ثمنه بعد أحداث 11 سبتمبر، وظهور تنظيم القاعدة والتنظيمات التي تدور في فلكه. نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة أو فلنقل إلى لقاء جامع لبحث الاستقرار في الدول العربية والاسلامية، فنحن لا تنقصنا الإرادة ولا المال ولا القوة فقط؛ تنقصنا الحكمة.