مشروع الدستور...مايجب أن يكون عليه تقرير: عمر رملي ضمن حراك اجتماعي يلتمس المشاركة الإصلاحية التي تنفتح الآن على فسحة الآراء وتبادل الرؤى، أطلقت جامعة النيلين مشروع دستور على هدى دستور 2005م تعديلاً له لمواءمة قضايا المرحلة الراهنة وقد أتاح دستور النيلين المقترح المزيد من الآراء وفي منتظمها الكلي أساسيات ومرجعيات للدستور القادم. مؤتمر علمي حول شكل الدولة، طرح أستاذ العلوم السياسية بروفيسور موسى الحواتي بعض الملاحظات على نظام الحكم الاتحادي الذي تتقاسمه عدة إشكاليات متمثلة في سيطرة المركز الظاهرة على الولايات والتي أصبحت مجرد مجالس تشريفية ولا تملك فعالية وكفاءة، كما أن هذه المجالس بنيت على نفس المواقع التي اختطها الاستعمار الانجليزي وافتقدت بذلك المدخل الثقافي الذي لم يشتمل جوانب خصوصياتها. وعلى صعيد آخر غاب الوعي بالحكم المركزي من قبل القائمين على أمره مما أفرز معه ترهل الأجهزة وظهور الشخصنة، وبالرغم من الدعم الهائل لهذه الولايات فإنها لجأت إلى نظام الجبايات الذي أرهق المواطنين. ويرى الحواتي ضرورة عمل مؤتمر علمي تدرس فيه ظاهرة الفيدرالية للخروج بتوصيات مع النظر في إعادة تقسيم الولايات وإعادة هيكلة مقوماتها، وبالنسبة لشرق السودان ودارفور ضرورة منح المزيد من الاختصاصات لإتاحة الاستقلالية لهما على المستويين الإقليمي والدولي، وكذلك النظر في مسألة العاصمة هل تكون على نظام إداري مثل واشنطن أو أبوجا باعتبار أن هنالك ولاية هي العاصمة وعاصمة هي ولاية، وكذلك النظر في ولايات التماس ومنحها حرية التحرك في المجالات الاقتصادية مع الدول المجاورة دفعاً لاقتصاديات هذه المناطق. استقلالية السلطة القضائية وحول الجوانب القضائية وآلية الإصلاح في منظومتها تحدث د. فضل إدريس عن العوامل التى تخل بالسلطة القضائية وسبل معالجتها ومنها ماهو متصل بالقوانين المنظمة للسلطة القضائية حيث إن دستور 2005م منح السلطة مهام التنظيم القضائي دون مشورة الكيان القضائي في حين أن دستور 1998م كان موفقاً في هذا الجانب بالرجوع ممثلاً في المجلس العالي للقضاء. وقد استبدل هذا المجلس وحل محله المفوضية القومية وطابعها السياسي يقدح في استقلالية السلطة القضائية خاصة بها 15 عضوًا و3 منهم فقط منهم ينتمون للسلطة القضائية مما تستدعي الضرورة إلى إحلال مجلس القضاء العالي من جديد، ومن العوامل المخلة باستقلالية القضاء كذلك، المحاكم الاستثنائية والخاصة التي تنافي كل المواثيق الدولية التي تقر بأن يمتثل كل فرد أمام قاضيه والمحاكم الخاصة تخل بهذا المبدأ، ويقترح د.فضل إضافة إلى إلغاء المفوضية القومية وإعادة القضاء العالي بأن يتولى مجلس القضاء العالي ترشيح أعضاء المحاكم الدستورية وأن تكون غالبيتهم من السلطة القضائية وبحسب الأقدمية، والنص على اختصاصات وسلطات مجلس القضاء العالي في الدستور، ويضيف المتحدث بأن هنالك مواداً في دستور 2005م يجب تعديلها، منها المادة 120 التي تنص على تعيين رئيس المحكمة الدستورية من رئيس الجمهورية فيجب أن يتم الانتخاب بدلاً من التعيين من طرف أعضاء المحكمة الدستورية، والفقرة الثانية من المادة 120 تعزل رئيس المحكمة الدستورية من طرف رئيس الجمهورية، والمقترح أن يكون العزل تبعاً لتوصية من القضاء العالي، وفي ذات الدستور المادة 23 بأن الرئيس يعين أعضاء المحكمة الدستورية والمطلوب أن يشتمل التعيين أيضاً المحامين وليس القضاة فحسب إضافة إلى أساتذة الجامعات، وتبقى أهم مادة في ضرورة حظر القاضي من أي انتماء سياسي وحزبي، وتحصين القرارات الإدارية بنص واضح يتيح هذه الحصانة. إشارات في متن الدستور باعتبار أن الدستور في نهايته المتحصلة اجتماع لكل الآراء والمقترحات التي تشكل الوعاء الجامع لتطلعات الشعب فقد زخر ملتقى الدستور بعدد من هذه الآراء ابتدرها مولانا محمد أبو قصيصة في اقتراحه القاضي بإكثار الأجهزة الرقابية في الدستور ومشيراً إلى دستور الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي احتوى على 7 مواد فقط وأجري عليها 27 تعديلاً في اشارة إلى أن كثرة التفاصيل تخلق ثغرات في الدستور والمناط بدلاً عن الكثرة تقوية الأجهزة الرقابية وإفساح مجالاتها في الدستور القادم، كما تمت الإشارة إلى مسألة الأمن الغذائي ومكافحة الفقر وجعلها مواداً واضحة في الدستور لتكتسي إلزامية دستورية واستنباط قوانين ملزمة للدولة بتوفير الأمن الغذائي، كما يجب أن يكون موضوع الأرض التي هي محل النزاعات منصوصاً عليها في الدستور وتابعة للسلطة القومية مثل ما هي منصوصة في دستور 1998م، وعن وضعية المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق تم تقديم مقترح بمنح المنطقتين حكماً ذاتياً يراعى فيه خصوصيتهما تسهيلاً لتحقيق السلام، وكذلك ضرورة مراجعة تجربة الحكم الاتحادي وما أفرزته من سيل من الإنفاق الحكومي. وعلى صعيد متصل أوضح ممثل حزب العدل والمساواة ومن منطلق أن السودان دولة مدنية متعددة الأعراق والثقافة بضرورة تمكين مفهوم المواطنة والمساواة والاعتراف باللهجات السودانية وفصل السلطات والاستقلالية الكاملة للقضاء، وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية وحق الوظيفة العمومية لكل أبناء الوطن والتزام الدولة بمجانية التعليم والاعتراف بالتنوع الثقافي وكل هذه الجوانب يجب أن ينص عليها الدستور بشكل واضح وصريح.