حول الدستور أعجبتني عبارة قالها الدكتور بركات الحواتي في المؤتمر التداولي لمبادرة جامعة النيلين بتقديم مسودة دستور بقاعة الصداقة بتاريخ 12/أبريل/2014م, قال إننا دائما نخلي الساحة للسياسيين في الشأن العام ونترفع كأكاديمين وباحثين, ومن المفترض أن تتقدم الجامعات ومراكز البحث المنتشرة والمثقفين وتمهد الطريق بالأساليب العلمية وتُثري الساحة بالتجارب وذلك بوضع خارطة طريق تجبر السياسيين على السير على هديها دون اجتهاد منهم لا يكون مسنوداً بعلم أو تجربة, ولعل الدكتور الحواتي أصاب كبد الحقيقة وجسد ما يحدث في الواقع بصورة لا التباس فيها, فالواقع يقول إننا نترك ساحة الشأن العام للسياسيين القادمين من مختلف المشارب و المهن ونزج بهم في هذا المعترك , لنبقى في أبراجنا العاجية ننتقد هذا وذاك بل نتندر على أفعالهم ونسخر منهم دون أن نتقدم خطوة واحدة. وفي البدء لابد أن نزجي التحية والتقدير لجامعة النيلين على هذه الخطوة المفتاحية الجريئة في مناقشة إحدى قضايا المجتمع الملحة باعتبار أن الاهداف العامة من إنشاء هذه الجامعات هي الربط بين التعليم ومخرجاته بالمجتمع, فخطط التعليم بالذات الجامعي التي لا تستجيب لحاجات المجتمع وتساهم في تنميته وحل قضاياه هي خطط هلامية وانصرافية, والحكمة في تقديري من مثل هذه المبادرات التي تأتي من مفكرينا وعلمائنا بالجامعات هي توفير أكبر قدر من المعلومات حول الموضوع في مناخ عام يتيح الخيارات, ولعلنا أيضاً مطالبون في هذه الجامعات ومراكز البحوث أن نهتم بالتوثيق والارشفة في القضايا العامة وأن تكون هذه الدراسات متاحة للجمهور والعامة. وبالعودة لموضوع الدستور الذي هو سنام القوانين جميعاً ويحتوي على قيم عامة تتضمن استجابة لفطرة الانسان وحقه في الحرية و العدالة والمساواة, وإن مسودة الدستور وسماتها العامة تتمثل في التراضي الوطني والثوابت الوطنية والتنوع والتسامح والحكم الرشيد وسيادة حكم القانون كما قال بذلك الدكتور عز الدين الطيب عميد كلية القانون بجامعة النيلين, وأضاف الدكتور بركات الحواتي أن المبادرة جاءت لبناء الدستور من الأدنى للاعلى فالمواطن هو الذي يضع الدستور من خلال علمائه وخبراته ومؤسساته وقواه السياسية قبل السلطة السياسية, وإن كان لنا ثمة إضافة على ما قاله الدكتور الحواتي نرى أن مشاركة المواطن بالشكل الذي ذكرناه هي أدَعى لإحساس المواطن بقيمته ودوره وتنمية الحس الوطني في دواخله, ويبقى مطلوباً أيضاً تربية المواطن على احترام القانون وأهميته من خلال العدالة التي يوفره والحقوق التي يصونها. محمد علي عبد الجابر