الجديد في "راديسون بلو" هو تدفق الوفود من جنوب السودان إلى فندق راديسون بلو ... سبحان الله .. كانت فنادق أديس أببا تحتضن مفاوضات الجنوب مع الشمال فقط لا غير ... وصارت الآن تستضيف مفاوضات الشمال مع الشمال ... والجنوب مع الجنوب ...! ليت شعري أي شيطان يصول ويجول في السودان؟ ... أي مصير مجهول ينتظر المنطقة برمتها ..؟! وكالعادة ما يمكن الحصول عليه من معلومات صحيحة وآراء جيدة وجديدة في الجلسات العابرة والونسات العابرة أكثر بكثير مما يقول الساسة والزعماء في "الميديا" ...! كل من استوقفني من قيادات الجنوب بغرض المجاملة والتحية وجدتهم لا يفوتون حلقة من حلقاتي في برنامج "خطوط عريضة" ومعظمهم يعرف تماما مواعيد حلقتي "يوم الأحد" ... واستنكر بعضهم تحريك الموعد من الأحد ليوم آخر ... انا سعيد جدا بهذا الجمهور من أبناء السودان الذي انقسم سياسيا ولم ينقسم ثقافيا ووجدانيا! بالتأكيد ما نسرده من آراء وتحليلات يجد التقدير من بعضهم ويجد الاستهجان وسوء الفهم من بعضهم ... كما يرى البعض أن ما يبثه تلفزيون السودان هو سياسة الدولة ولذلك يستغرب حديثنا عن أشياء تخالف بعض توجهات الدولة.... ودائما ما أقول لهم لقد كنتم في الشمال وتعرفون المساحة الواسعة التي يحدث فيها خلاف ونزاع حتى داخل المكاتب السياسية للاحزاب السودانية! المهم .... أن اهلنا وأحبابنا في جنوب السودان ما زالوا على الخط وما زالوا يعتمدون على تلفزيون ام درمان والشروق والنيل الأزرق في مناقشة وفهم شؤون شمال وجنوب السودان. سؤالي لهم هو ... ماذا يحتاجه فرقاء جنوب السودان ليتوصلوا لاتفاق؟ هل يحتاجون إلى ضغوط دولية أو وساطة إقليمية؟ أم أجاويد أهلية؟ أم سينتصر طرف على آخر؟ الإجابة محبطة للغاية ... الضغوط الدولية تم ممارستها ولكنها لم تفلح وكذلك الوساطة الإقليمية. أيضا لن ينتصر طرف على آخر في هذا الصراع المرير ... ولن يتنازل الدينكا ولا النوير ولا الحكومة ولا ياو ياو ولا أي شخص ... لن يتوقف موسيفيني عن التدخل ولا يوجد ما يكبح جماح طموحاته! بالذات ما يدور من صراع بين رياك مشار وسلفاكير لن ينتهي إلا بأمر واحد .... ما هو؟! أن يفتر الطرفان من الحرب ويتوقفا ثم يتصالحا. كم يا ترى يستغرق الوقت حتى يفتر الطرفان؟ كم يا ترى عدد الضحايا حتى يصل الطرفان إلى ميقات الفتور؟! الله اعلم ... اللهم الطف بجنوب السودان .... اللهم الطف بشمال السودان! .....................