روت مصادر ل(السوداني) التفاصيل الكاملة للمحاسب الذى عثر على جثته بعد ثلاثة ايام من وفاته داخل مرحاض احد البنوك الشهيرة بالخرطوم (2) حيث افادت المصادر أن المتوفى فى الستين من العمر يقيم بالثورة ام درمان وله من الابناء اثنين وهما صبيتان صغيرتان عرف عنه النزاهة والاخلاص فى العمل والامانة حيث كانت أمانته وصدقه واخلاصه امراً يتحدث عنه كل من عرفه او تعامل معه، شاءت الاقدار ان يعمل مع مستثمر تركي يملك مصنعاً للبلك ومنذ ان تسلم عمله بالمصنع اكتشف المستثمر مدى امانته فقرر ان يجعله مديراً للحسابات ومسئولاً عن امواله ولم يقف الامر عند ذلك الحد بل ان المستثمر ولشدة ثقته به قام بشراء عقارات باسم ذلك الرجل الامين وكان يستأمنه على اموال طائلة تصل لمليارات الجنيهات فكان يؤدي الامانة كما تسلمها دون ان تنقص فلساً واحداً واستمر فى العمل. فى يوم الخميس وهو اليوم الذى شهد الحادثة استيقظ الرجل صباحاً وتوجه الى عمله كالمعتاد وبينما كان فى العربة الامجاد متوجهاً الى عمله بالمصنع رن جرس هاتفه فتحدث اليه شقيقه متصلاً من المملكة العربية السعودية وبعد السلام والتحايا استفسره عن بعض الامور الخاصة فأكد له شقيقه انه على متن عربة امجاد فى طريقه الى مقر عمله وبمجرد وصوله سيعاود الاتصال به وبالفعل ودع شقيقه وأنهى المكالمة، وعند وصوله الى مقر عمله طلب منه مدير المصنع المستثمر التركى ان يذهب معه الى البنك بغرض سحب مبلغ لدفع أجور العاملين بالمصنع وبالفعل ركبا السيارة حتى وصلا الى البنك بالخرطوم (2) وهنالك امسك المستثمر بدفتر الشيكات وقام بتوقيع شيك على بياض وطلب منه ان يضع المبلغ الذى يكفي لصرفه وان يصرف النقود من الصراف واكد له أنه يريد مقابلة مدير البنك بغرض اجراءات شراء سيارة وبالفعل صعد المدير الى الطابق العلوي بينما ظل الرجل فى الطابق الاسفل يستعد لصرف المبلغ. المستثمر عقب اكماله اجراءاته مع المدير خرج من مكتبه وتوجه الى الطابق الاسفل وأدار عيناه على كل الحاضرين ولكنه لم يجد المحاسب بحث عنه فى كل مكان دون جدوى فأجرى اتصالاً هاتفياً به ولكنه لم يرد وكرر الاتصال مراراً دون جدوى فشعر باستياء ولكنه ظن ان الرجل صرف النقود وتوجه الى المصنع لتصريف العمال فاقتاد سيارته وبينما هو فى الطريق عاود الاتصال دون رد او جدوى فقام بالاتصال بالعمال بالمصنع الا أنهم أكدوا له أن المحاسب لم يحضر الى المصنع فذهب المستثمر الى المصنع وقام بصرف أجور العمال من نقود كان يحملها لبعض الاغراض وبدأت موجة قلقه تزداد فاتصل بأسرة الرجل ولكنهم اكدوا انه لم يحضر الى المنزل وزادت موجات توتره فذهب الى الاسرة بالمنزل واجروا اتصالاً بشقيقه الذى اكد لهم انه حادثه نهاراً ولازال ينتظر رده فتوالت الاتصالات بهاتفه دون جدوى وحل المساء دون ان يظهر اثر للمرحوم. كان المحاسب يعاني من مرض الأزمة الصدرية وحينما أنهى صرف مبلغ (5000) جنيه من خزينة البنك صعد الى الطابق العلوي بحثاً عن مديره المستثمر ولكنه يبدو انه شعر بحاجته لدخول دورات المياه وبالفعل دلف الى دورات المياه وأغلق الباب من الداخل وجلس على المقعد وحينما انتابته موجه الأزمة استخرج بخاخ الفنتولين ولكن فاضت روحه الى بارئها ومكثت جثته بدورة المياه منذ يوم الخميس الى ان عثر عليها يوم الأحد حيث عثر على الجثة كما هيئتها وكانت بخاخة الازمة بيده اليمنى وهو ممسك بها بينما كان المبلغ الذى قام بصرفه الى جواره بجانب دفتر شيكات وكل مستنداته وهاتفه الجوال جميعها كانت الى جواره تحكي لسان حاله. ليلة الخميس قرر المستثمر تدوين بلاغ اختفاء وبالفعل تحرك الى قسم الدرجة الاولى وقام بتدوين بلاغ اختفاء وظلوا يبحثون عنه فى كل مكان دون جدوى وكان المستثمر قلقاً لدرجة انه اعتزم ان يذبح (7) خرفان فى حال عثوره على محاسبه سالماً دون ان يصاب بأذى ومر يوم الجمعة وهم يبحثون فى كل اتجاه لدرجة انهم بحثوا عنه بطريقة تحديد المواقع بالهاتف ولم يقف الامر عند ذلك الحد بل طلبت اسرته من مدير البنك ان يتأكد عما اذا كان صرف المبلغ ام لا وبالفعل تم الاتصال بمدير البنك والذى اضطر للذهاب الى البنك يوم الجمعة ودلف الى البنك ولم يكن هنالك اي رائحة او اثر غير طبيعي رغم ان دورة المياه التى توفي بداخلها الرجل تقع بذات الممر المؤدي لمكتب المدير وبالفعل حضر المدير الى مكتبه وراجع المعاملات وتأكد من ان العميل صرف المبلغ المذكور فى يومها ويوم السبت تلقى المستثمر اتصالاً هاتفياً من اسرة المختفي ليقولوا له إن هنالك من يؤكد أنهم عثروا عليه فى قبضة الامن الاقتصادي. فرح المستثمر بنبأ العثور على محاسبه الامين وتذكر نذره فقام بشراء خروفين من جملة (7) خراف كانت عبارة عن نذر نذره على ان يشتري بقية الخراف بعد ان يقوم بسحب مبالغ صبيحة الأحد ولكن فى صبيحة الاحد تلقى اتصالاً هاتفياً من البنك أحبطه حينما حدثه محدثه بأن المحاسب المختفي عثر على جثته داخل دورات المياه الخاصة بالبنك ولكنه أنكر حديث محدثه وقال له إن ما يقوله ليس صحيحاً لأن المحاسب تم العثور عليه ولكن كان المتصل يتحدث بإصرار فركب سيارته وحينما ذهب الى البنك عثر على صديقه بالفعل متوفياً وبجواره كل مايثبت أنه ذات الشخص وعثر بحوزته على كل المستندات والنقود ودفتر الشيكات وكانت يده تقبض على بخاخة الفنتولين وماراج عن انه مقبوض بالامن الاقتصادي كان عبارة عن اشاعات لا اساس لها من الصحة، ليعم الحزن جو الاسرة ومعارفه وتنتهي قصة رجل امين عرفه الناس، وشعر المستثمر بحزن بالغ وعميق حيث اكد ان الرجل كان من أميز الشخصيات التى عرفها فى مسيرة حياته واكثرهم امانة وصدقاً ونزاهة وعلى الرغم من انه كان من المفترض ان يغادر السودان الى تركيا الا انه لم يستطع فقام بإرسال اسرته لتركيا وبقي هو فى السودان ليستقبل المعزين فى فقده الجلل.