شهد استاد سنجة في الأيام الماضية أحداثا مؤسفة راح ضحيتها عدد من الأشخاص وأصيب آخرون إثر انهيار حائط الاستاد بسبب التدافع الجماهيري الذي نتج عن استعمال الشرطة الغاز المسّيل للدموع والمفرّق للجموع، وكان الاحتفال بمناسبة أعياد الاستقلال وبحضور كبير على مستوى المركز والولاية وشارك في الاحتفال بالغناء الفنان عبد الله البعيو ولم يتمكن الفنان عبد الرحمن عبد الله من بداية وصلته الغنائية بسب تلك الأحداث العاصفة! وبما أن الاحتفال كان حكوميا، وفي ولاية مشهود لأهلها بحسن السيرة والسريرة، فإنني أستبعد شبهة العمل التخريبي ذي الخلفية السياسية، وطالما أن الموضوع "غُنا في غُنا" فالراجح أن التدافع كان بسبب خلل تنظيمي يشوب في العادة مثل هذه الاحتفالات، وبناء على هذا التحليل يبقى السؤال هو من أطلق البمبان؟ وعلى من؟ السؤال بصورة أخرى هل كان هناك فعلا ما يستوجب تفريق الجماهير التي أتت لتحتفل بالاستقلال أو لتستمتع بالبعيو وبلوم الغرب "الأمر واحد عندي" هل توفرت حالة الخطر التي تستوجب إطلاق البمبان في مناسبة قومية واحتفال مشهود؟ هل كان هناك استهداف واضح للأمن؟ وهل عدد الضحايا والخسائر سوف يكون أكبر إذا لم يتدخل البمبان؟ والسؤال الذي يجيب عن كل هذه الأسئلة: هل فتح تحقيق حول هذه الحادثة؟ ما حدث ذكرني بأحداث أخرى شبيهة، على رأسها حادثة استاد عطبرة التي وقعت أثناء مباراة الهلال العاصمي والأمل العطبراوي، حيث كانت المباراة تسير بصورة طيبة ولا يعكر صفوها سوى هتافات بعض جماهير الأمل وهي تتهم بعض لاعبيها بالتواطؤ على خلفية اكتمال مفاوضات الهلال مع اثنين من نجوم الأمل وكانا ضمن تشكيلة تلك المباراة. في ظل هذه المعطيات العادية جدا، فوجيء الجميع بالشرطة تطلق البمبان على المدرجات، ورغم ذلك استمرت المباراة، إلى أن فوجيء الحكم أثناء سير المبارة برجال الشرطة يضعون صندوق البمبان داخل خط "18" وبالقرب من حارس مرمى الهلال المعز محجوب، فاضطر الحكم إلى إيقاف اللعب وكان لاعبو الفريقين، خاصة الهلال، يسعفون المصابين من الجماهير وأظن الحكم استأنف المباراة بعد ذلك! وشنت الصحف الرياضية – حينذاك - هجوما على الذي أطلق البمبان وصدرت التصريحات التي تدين هذه الخطوة واعتبروا أن ذلك كان تقديرا خاطئة من قائد تلك المجموعة وطالب كثيرون بفتح تحقيق حول هذه الحادثة لكننا لم نسمع عن أي شيء بذلك الخصوص، وهنالك أمثلة عديدة لوقائع متشابهة في عدد من الاستادات والجامعات بالعاصمة والولايات. نريد أن نطمئن إلى مثل هذه الحوادث لا يطويها النسيان، بل تفتح فيها التحقيقات العادلة وتنشر نتائج هذه التحقيقات على الملأ، سواء أكان ذلك في دور الرياضة أم في التظاهرات السلمية، ويجب أن يكون التحقيق أسرع وأكثر جدية إذا استخدم الرصاص وهكذا فقط يثق الناس بالعدالة. ما حدث ذكرني أياما خوالي "في الديمقراطية الثالثة" حيث كانت المظاهرات هي وسيلة التعبير الأكثر شعبية لطلاب المدارس ورغم أننا كنا نسكن قشلاق البوليس في زمان مضى وأولاد عساكر إلا أننا كنا الأشرس في تلك المواجهات وكان هتافنا المحبب "البمبان سلاح نسوان" وقد تحول إلى العنوان أعلاه لأسباب خاصة بالجندرة!