محاسن أحمد عبد الله ظلوا طيلة مشوارهم على العربة من مدينة أمدرمان وحتى الحاج يوسف وهن ينهشن في لحم تلك المرأة.. تحدثت الأولى: (ما شفتيها بقت سمينة كيف.. كل شيء قدامها لابعاه لبع, عدمت راجلها الحتة, دخلت عليه بالساحق والماحق) استعدلت إحداهن ثوبها وتحكرت في جلستها على مقعد (الهايس) قائلة (انتو ما سمعتو.. قال ليك آخر مرة لما جات بكا ناس فاطمة بت الطاهر ..قالوا ليك داك يا التوب الما خمج والشبشب مسمار عشرة أمتار ونقش الحنة داك يا الرسمة .. والحالة راجلها عيان راقد سلطة قالوا ليك بين الحياة والموت يمكن يدي الروح في أي لحظة) ردت إحداهن بدهشة وهي تحرك شفتيها يمينا ويسارا (معقولة زولا زي ده بنفات, وكان الروح غرغرت منو البشهدو, بري يا يمه إن شاء الله ما حالي).. لفحت المتحدثة الأولى الحديث بعد أن قالت: (أستغفر الله من حقها, العجب ما شفتو البيت قلبتو قلب والسيراميك من الباب لي آخر غرفة, والفرش الجديد والستائر الما خمج, تقول الدنيا عيد). ردت عليها الثانية بعد أن ألقت علي نظرة معها (صرة) وش.. وبصوت خافت (قالوا ليك التلاجة دي ما بتفضي نهائي أربعة وعشرين ساعة مليانة لي درجة الفواكه ناس التفاح والعنب التقول عندهم خطوبة ولا قولة خير).. ظللن هكذا في حالة قطيعة ومع اقتراب المحطة التي يردن النزول فيها أطلقت كل واحدة منهن عبارة (أحي, أستغفر الله من كلام الناس, ربنا يغفر لينا الموت ما معروف). حقيقي اندهشت لهذا السيناريو العجيب الذي سمعته حتى كادت أذناي أن تصم لوقاحته. نساء (فارغات) طوال الطريق لم أسمع منهن كلمة يستفدن منها أو يستفيد منها من أقحموه للاستماع عنوة لحديثهم الذي أضاف إلى سيئاتهم سيئات أخرى والتخفيف عن المعنية بالأمر. للأسف أصبح واقعنا سيئا ومرعبا حتى أصبحنا نتخوف من أقرب الأقربين لنا من (القطيعة والنميمة) والتي أصبحت تدور في كل الأماكن بعد أن كانت محدودة في نطاق قعدات (الجبنات) في الأحياء لتنطلق انطلاقتها العالمية حيث الجامعات ومكاتب العمل وبمستوى راقٍ وممارسة جيدة لفن (القطيعة) يمكن أن تتم بإشارة أو غمزة عين أو ب(مسكول) أو مسج على (الواتساب). أنا عن نفسي بمنأى عن الصداقات الحميمة لأنني افتقدت المصداقية في الجميع دون فرز وأصبحت صاحبة نفسي للطعنات التي تلقيتها و(القطيعة) التي سببت لي (الفلايت) من أقرب الناس إلي. الله يجازي الكان السبب. أغلب النساء يستمتعن بهذه الصفة السيئة ويتلذذن بها وهن يطعن في ظهور بعضهن البعض غير مباليات بنتائج ما يقمن به من جرم في حق أنفسهن والآخرين, للأسف دائما ما يكون الحديث عن أعراض الناس وشرفهم. تمنيت أن نوعي بعضنا البعض وأن نتقبل نصيحة الآخرين لنا وأن لا نشغل أنفسنا بالآخرين بالتجسس على حركاتهم وسكناتهم، وأن لا يكونوا شغلنا الشغال. عزيزتي.. الوقت الذي تقضينه في النميمة.. إن كنت عاملة أنتجي فيه, وإن كنت ربة منزل أولى بذلك الزمن المهدر زوجك وأبناؤك و(شغلة) البيت, وإن كنت طالبة فأفضل لك أن تراجعي دروسك لأن الدراسة مستقبلك.. وإن كنت (فاضية) خااااالص فعليك بالاستغفار. المرأة لها دور كبير في المجتمع, فهي من تقود دفة سفينة الحياة للوصول بها إلى بر الأمان بعيدا عن أي اصطدامات تؤثر على مسيرة حياتها, وأن تضع زوجها وأبناءها نصب عينيها وتعطيهم كل الاهتمام وأن لا تنقاد وراء مفاهيم خاطئة لنساء جاهلات بينهم وبين العقلانية مساحات شاسعة, لا تلتفتي إلى ما يقولونه عنك افتراء فأنت أوعى من أن تقلل من قدرك (حشرات) مكانها الأماكن القذرة, واحذري من المرأة (الحرباء) لأنها تتلون بلون المكان ووفقا للمصالح. ولتعلمي بأنك إذا كنت على قناعة ستحققين ما تتمنيه وسيظلوا هن في (جب) الجهل.. و(الما بتلحقوا جدعوا). بدون قيد: عزيزي.. ثقتك في شخصي منعتني من أن أغدر بك رغم إتاحة الفرص.. لقد سقط نقابي وكشفت نقطة ضعفي فأصبحت أسيرتك..(سمعا وطاعة) دون حجاب.