يبدو أن مؤتمر قضايا الإعلام الذي ينعقد خلال الايام القادمة هو فرصة طيبة لتقدم كل مؤسسات الاعلام الحكومية والخاصة رؤيتها من اجل الوصول الى ارضية تمهد الانطلاق لهذه المؤسسات الى آفاق ارحب في مجال الرسالة الاعلامية في ابعادها المهنية والوطنية ،وهذا مما يجعل ايام المؤتمر والورش التي تسبق الانعقاد فرصة كبيرة تتدفق فيها الآراء والمقترحات والتوصيات وتبقى بعد ذلك النتائج التي ستخرج هل هي قابلة للتنفيذ وقادرة على ايجاد تلك الارضية التي تمهد الانطلاقة لتلك المؤسسات الاعلامية ذات الصبغة الحكومية او الخاصة او أن تجد هذه المؤسسات ما تحافظ به على هوية الشعب السوداني في تماسكه الاجتماعي وارثه الثقافي ومعتقده الديني والتي في نهاية قد تكون ذات تأثير على أمنه القومي أن كان التعامل سلبا ،وبالتالي قد يختلف التعامل وقد تتسع الهوة بين السلطات والمؤسسات الاعلامية ويبرز سيف القانون الذي يجعل كل السقوفات اقرب الى الرؤوس من غيرها وهذه مرحلة لاتأتي الا بعد انفتاح وان الردة في تقليل سقف الحريات يحكمه التجريب والاختبار للمؤسسات الاعلامية؟ ونأمل أن يكون مؤتمر الاعلام فرصة طيبة للحديث عن الحريات في ظل مبدأ الحوار بين القوى السياسية خاصة وأن كثيرا من أهل السياسة يعتقدون أن حرية الاعلام واحدة من مقومات نجاح الحوار الوطني بين القوى السياسية خاصة الاعلام القومي او الحكومي مثل الاذاعة والتلفزيون ووكالة السودان للانباء فهذه الاجهزة ذات تأثير على المستوى العام في تشكيل الرأي العام لاتساع نطاقها ، وان هناك رأيا يقول أن للصحافة نسبة أكبر في تشكيل الرأي العام خاصة في العاصمة الخرطوم. وتبقى وسائل الاعلام الحكومية رغم نسبتها الى الحكومة الآن تلك الاجهزة تعاني ما تعاني في أن تؤدي رسالتها وتعمل في ظروف بالغة الصعوبة لا أحد يستطيع أن يتخيل هذا الاعلام المسمى حكوميا يعاني مما نسب اليه معاناة كبيرة جدا ،فاذا اخذنا وكالة السودان للانباء التي تأسست في عام 1970م من يصدق أنها تعاني من مشاكل كان يجب أن تحل في العام الثاني للتأسيس او من نشأتها واليوم سونا تدخل عامها ال(44) ولم تستطع أن تؤدي رسالتها بل أن وكالة السودان الانباء تعاني من ظلم ذوي القربى، من يصدق أن سونا تعمل بهيكلين اثنين: أحدهما تنظيمي، والآخر وظيفي، مصدقين في عام 1997م، أي مضت عليهما سبع عشرة سنةً، حدثت خلالها، متغيرات كبيرة، في الإعلام، وفي الوكالة، ولم يعد الهيكلان مستجيبين لهذه المتغيرات. من يصدق أن سونا تعمل بأقل من 50% من حجم الوظائف المصدقة وان هنالك خللا كبيرا أن يشغل الوظائف الاعلامية الاساسية 40% من الوظائف المشغولة والى اقل من 20% من الوظائف المصدقة مخالفاً للنسبة المعمول بها في وكالات الأنباء، التي لا يقل فيها عدد الصحفيين، عن 85% من حجم القوة الكلية.وهنالك مثال هو وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) التي يبلغ عدد الصحفيين فيها 800 من إجمالي عدد العاملين البالغ 900 موظفاً ،اي أن الوظائف المساندة هي (100) وظيفة فقط اي مقابل (8) صحافيين موظف واحد فقط وبالتالي فإن سونا محتاجة الى اعادة هيكلة تعيد التوزان المطلوب في الوظائف الاساسية والمساندة وعددها ونسبة الشباب فيها وتحتاج الى قانون يتناسب وطبيعة عمل الوكالة وطبيعة عمل الأخبار، التي يغلب عليها الطابع الاستثنائي، الذي تفرضه الحوادث الطارئة، في كثير من الأحيان، والتي هي خارج دائرة التنبؤ، والتخطيط؛ الأمر الذي يتطلب قانوناً خاصاً، يراعي الفروق بينها، ووحدات الدولة الأخرى، في كثير من الجوانب التوظيفية، والإدارية، والمالية، والتنظيمية. ان المشاكل التي تعاني منها الوكالة يجب أن تنظر اليها الحكومة ممثلة في وزارة الاعلام والمالية والعمل والعدل وممثل لوزارتي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء للنظر بشكل عاجل يخرج وكالة السودان من كبوتها هذه وتعود من جديد مثل ما كانت في ايام نميري وافضل واذكر انني كتبت مقالا بعنوان (سونا من فتاة نميري المدللة الى بنت الانقاذ الضائعة) قارنت بين الفترتين حيث كانت سونا ايام نميري افضل بكثير من المؤسسات الاخرى ذات الطبيعة الايرادية وغيرها وسونا اليوم تحتاج الى أن يرفع عنها ظلم ذوي القربى مثل الحكومة وحتى الصحافة المحلية وغيرها تساهم في ظلم سونا ظلت الوكالة تعاني وعلى وجه خاص مع معظم وسائل الإعلام الداخلية، وتتمثل في إهدار حقوقها الأدبية بالاستفادة من خدماتها ونقلها حرفياً أو بتعديلات طفيفة لأغراض التمويه الصحفي وتجاهل نسبتها إليها أو نسبتها بلا حياء (مهني) إلى غيرها. وفي هذا ظلم للوكالة كمؤسسة، وظلم لزملاء المهنة، من الصحفيين العاملين في الوكالة. وحتى نرفع هذا الظلم ونعيد للوكالة مكانتها القومية والاقليمية والدولية ونعيد اليها جزءا من رد الجميل التي تحملت فيه سنوات الاهمال فيجب أن تعمل جهات الاختصاص على تنفيذ هذه المقترحات او التوصيات وهي في اصل مخرجات لسنوات المعاناة التي عاشتها الوكالة. 1. الاعتراف بولاية (سونا)، على اختصاصها، في صناعة الأخبار، والمعلومات، وتمكينها من تخصصها فيها، بإعطائها أولوية الاهتمام، والأسبقية في الإعداد، والتجهيز للنهوض بهذه المهمة، لتكون المنتج الأساسي، والمصدر الأول، والمرجعي للأخبار والمعلومات السودانية، وطنياً، وإقليمياً، وعالمياً؛ ترشيداً للإنفاق، وتوجيهه إلى مقاصده الصحيحة، وإعلاءً لقيمة التخصص، للارتقاء بالخدمة، والتفوق فيها، وضبط مصادرها، وقنوات تدفقها، منعاً للتضارب، وتنسيقاً لخطاب مؤسسات الدولة. 2. تنشأ (سونا) بقانون خاص كهيئة عامة، ذات طبيعة خاصة، وإعادة تكييف علاقتها، مع الحكومة لتشابه علاقة المجلس القومي للصحافة، أو ديوان المراجعة القومي، أو السلطة القضائية لتعزيز مصداقيتها، وزيادة الثقة في مخرجاتها، ودرجة مقبوليتها وانتشارها، وتأثيرها داخلياً وخارجياً. وأن يكون على رأسها مجلس إدارة على الصيغة ذاتها التي تدار بها وكالة الصحافة الفرنسية ،(AFP)، مع إجازة الهيكل الإداري والمسار المهني المقترحين. 3. تقنين علاقة (سونا) بالوحدات الحكومية الاتحادية والولائية، لتحسين سرعة تدفق الأخبار، والمعلومات، وجودة محتواها، لتطوير قدراتها في التعبير، عن أداء أجهزة الدولة، وأهم أنشطتها، كأحد أهم جوانب التعريف بالسودان، وربطه ببنيه، وتقديمه للعالم. 4. التخلي تماماً عن نظام التعيين المستديم، واستبداله بالصيغ التعاقدية، سواءً بالمدة الزمنية، أو بالإنتاج، أو بالمهمة المحددة، أو التشغيل من الخارج (Out sourcing )، وربط الترقي بالمسار المهني، المتعلق بالأداء، والمسار التدريبي، والتأهيلي، إنصافاً للعاملين، وعلى الأقل، مساواتهم، بزملائهم العاملين، في الوظائف الأقل خطورةً بالمصارف، وشركات الاتصالات . 5. التعجيل بتنفيذ المرحلتين الثانية، والثالثة، من شبكة جمع الأخبار لتحقيق السيادة الإعلامية للوكالة، في التغطية الداخلية، وتأهيلها بقوة للانتقال، إلى وكالة إقليمية، لا سيما وأن (سونا) قد حققت ذلك من قبل، عندما وجدت الاهتمام اللازم، والتفهم لدورها ووظيفتها.