الكمية الهائلة من الخمور المستوردة التى ضبطتها شرطة امن المجتمع مؤخراً باتت مثاراً للنقاش واحتلت موقعاًً فى مجالس المدينة في حلها وترحالها، ورغم ان الشرطة تقول ان تلك الكميات البالغة (37.000) قارورة قد ضبطت بمنطقتي المنشية والطائف إلا ان السؤال يظل قائماً كيف لشرطة الجمارك والاجهزة الامنية المنتشرة بمداخل العاصمة والولايات ان تسمح بدخول مثل تلك الشحنات المهولة؟ والتى حسبما قالت الشرطة تعد اكبر ضبطية للخمور فى السودان منذ أمد بعيد والمعروف ان شرطة الجمارك لا تفوت عليها (ابرة) فكيف فاتت عليها حاويات؟ كل الدلائل تشير الى ان تلك الكميات الكبيرة التى عبرت الحدود بسلام ودون مساءلات قانونية ربما تخص سفارات بعينها لأن الاتفاقيات الخاصة بالبعثات الدبلوماسية تنص على عدم تفتيش الأمتعة الخاصة بالدبلوماسيين او السفارات، ورغم ان الشرطة تقول ان الحاوية تشير اوراقها الى انها تحوي أثاثاً منزلياً بداخلها وانهم استخدموا اساليب التمويه لادخالها الا ان ذلك يعني ان هنالك تقصيراً كبيراً من سلطات الميناء الذى عبرت به تلك الحاويات، وان سلطاته لم تكلف خاطرها معاينة الشحنة او تفتيشها بنظام الأشعة السينية الذى كانت قد أعلنت عنه سلطات الجمارك مسبقاً، تخيلوا ان الشحنة التى عبرت دون تفتيش كانت عبارة عن متفجرات او مخدرات او حتى مواد ضارة او اجهزة تجسس او أي شيء من شأنه ان يشكل مهدداً أمنياً اكبر مع التسليم ان الخمور هي ايضا خطر كبير جدا، قلت ما كان سيحدث لو ان تلك الحاويات كانت محملة بمتفجرات فى ظل المنعطف الذى تمر به البلاد ، تخيلوا معي كيف كانت النتيجة، أليس ذلك يتطلب وقفة من قبل السلطات الأمنية ككل، من الصعب إلغاء الاتفاقيات والمعاهدات الدبلوماسية ولكن من السهل ان تقوم الشرطة السودانية بعملها دون تعطيل للمصالح ودون ان تشعر الجهات الأخرى انها تخضع للتفتيش، وان لم تكن ضبطتها شرطة امن المجتمع لكانت الآن تلك الكميات تروج داخل الخرطوم ولفشلتم فى ضبطها، أما اذا لم تكن هنالك أي جهة دبلوماسية متورطة فى الامر فذلك سيصبح ضربة قاضية تتطلب الوقوف عندها مراراً. محطة ثانية معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر فاجأنا بزيارته وتكريمه لأسرة اول عمدة للخرطوم كرم الله محمد علي وهو شخصية تاريخية لها مواقفها واقل تلك المواقف انه عمد للاشتباك مع الحكمدار الانجليزى عندما رآه يتهجم على امرأة سودانية فى السوق وقالت له (يا كرم الله أنجدنى..) فقام كرم الله بضرب المأمور فتم عزله من منصبه لمدة عام وبعدها طالب الشعب بإرجاعه لمنصبه فاستجابت الحكومة الانجليزية آنذاك وأعيد لمنصبه فى 1925م أي بعد عام من الحادث، زيارة معتمد الخرطوم لمنزل تلك الشخصية التاريخية لاقت إعجاب الكثيرين من اهل الرأي والشورى واعتبروها تواصلاً للأجيال، والغريب فى الأمر انه لولا زيارة عمر نمر لما عرفت تلك الشخصية وزيارة نمر سلطت الأضواء على ذلك العمدة وعلى أسرته.