جاء في صحيفة السوداني الصادرة بتاريخ التاسع من يونيو 2014 انه تبدأ في ذلك التاريخ فعاليات ورشة عمل تنويرية لمتخذي القرار لتعزيز قيام المجلس القومي للامن الغذائي والتغذية واجازة الوثيقة القومية لسياسات الأمن الغذائي والتي تنظمها الامانة الفنية للامن الغذائي بالتعاون مع منظمة الاغذية والزراعة برعاية نائب رئيس الجمهورية. ولأني احد المدركين لحقيقة انه لا يوجد " امن غذائي " من دون " امن مائي "، وهو امر بدهي اكده قوله سبحانه وتعالى ضمن الآية 30 من سورة الانبياء "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، فقد قرأت تلك التغطية الصحفية، والتي يبدو أن الصحيفة نقلتها حرفيا من مادة مكتوبة زودتها بها الجهة الحكومية المعنية، بتمعن بحثا عن الربط المطلوب بين " الأمن الغذائي" و "الامن المائي "، ولكنني للاسف لم اجد الا اشارات عابرة وغير مباشرة انحصرت في العبارات التالية:- (1) رهن عدد من الخبراء النجاح في تحقيق الأمن الغذائي محليا وخارجيا باتباع ما جاء في وثيقة النهضة الزراعية، مؤكدين أن الزراعة هي المخرج الوحيد للبلاد. وعلى الرغم من أن تلك الاشارة لا تتضمن ذكرا للامن المائي، الا أن وثيقة النهضة الزراعية التي وردت الاشارة اليها قد تكون قد غطت موضوع الأمن المائي بالتفصيل الذي يتطلبه، وإن كنت اشك في ذلك رغم عدم اطلاعي على وثيقة النهضة الزراعية. (2) اشار نائب رئيس اتحاد المزارعين إلى امكانيات السودان المائية،علما بأن تلك الامكانات محدودة للغاية ما لم تتم زيادتها من خلال مفهوم الأمن المائي الذي ندعو له. (3) حان الوقت لإنشاء آلية لدفع اعمال التنسيق والتكامل بين الجهات المختلفة ذات الصلة بالأمن الغذائي لمعالجة قضايا الأمن الغذائي ولتكون حلقة وصل بين الوزارات والمؤسسات ذات الصلة. ولذلك فانني اذكر الجهات المعنية في الدولة بانه يقبع هنالك في ثنايا قانون الموارد المائية لسنة 1995 مجلس قومي يسمى " المجلس القومي للموارد المائية "، وانه لا يستقيم الحديث عن الأمن الغذائي دون ربط وتنسيق مع المجلس القومي للموارد المائية الذي يقع على عاتقه عبء الأمن المائي، والذي هو اهم مدخلات الأمن الغذائي. ولقد سبق أن ذكرت في مقال نشر في الايام القليلة الماضية انه ينبغي الاسراع بإجراء اصلاح تشريعي في قوانين الموارد المائية يشمل تفعيل المجلس القومي للموارد المائية. وقد يتساءل كثيرون اذا كان ذلك كذلك، فما علاقة الأمن المائي بسد النهضة الاثيوبي؟ واجابتي في غاية البساطة وتتمثل في انه ما لم يبت السودان في امر سد النهضة الاثيوبي بمنظور استراتيجي وهو "الأمن المائي"، واختصار النقاش على الجوانب الفنية، كما يجري حاليا، فإن الفريضة الغائبة في ذلك النقاش وهي "الأمن المائي" الذي يعتمد عليه مستقبل السودان يكون قد تعرض لخطر يصعب تداركه مستقبلا. * وكيل وزارة العدل الأسبق