تحدثت في مقال سابق عن ديوان السر قدور (ما سجله التاريخ في أمجاد المريخ) وهي مجموعة قصائد فكاهية الفها تمجيدا للانتصارات التي حققها المريخ على الهلال في حقبة الستينيات من القرن الماضي ومن بينها الانتصارات الثمانية الشهيرة التي قادها لاعب المريخ الاسطورة (ماجد) الذي رحل بالمملكة العربية السعودية قبل أشهر قليلة خلت عليه الرحمة. وهذا النوع من الشعر كان سائدا في تلك الحقب ومن أبرز شعراء المريخ عصرئذ موسى صالح سراج والسر قدور وعبد الله محمد زين وحسن بارا ومن أبرز شعراء الهلال ابو آمنة حامد ومحمد طاهر وقد توقفت اليوم أو كادت تلك المداعبات الشعرية الرياضية فهل من عودة لذلك الزمان الجميل الذي دخل فيه الشعر كل معترك؟ لم يكن وقتئذ من عسر ولا عناء في المعيشة وكان الناس في حبور ودعة حال تلهمهم انتصارات الكرة وتلهمهم الحسان وتلهمهم الزهور على ندرتها ويلهمهم الطاؤوس في حديقة الحيوان لذا لا غرو أن شهدت تلك الفترة المساجلات المرحة بين شعراء المريخ وشعراء الهلال ولم تعرف الاندية عصر ذلك الآلاف ولا حتى المئات من الجنيهات لشراء اللاعبين دعك من المليارات فقد كانت الكرة هواية لطيفة لاصحاب الموهبة لذا عندما انفض السامر يمم معظم كباتن الكرة شطر السعودية ودول الخليج طلبا للرزق.. سبت دودو، أمين زكي، ابراهومة، عمر النور، ماجد، عباس ريكس، وغيرهم وغيرهم.. يقول السر قدور "تمرد نجوم المريخ فاستبعدهم من مباراة المريخ بري حسن أبو العائلة واستبدلهم بفريق يقوده اللاعب ود الشايقي الذي سجل الاهداف وحقق النصر فاطلق رئيس نادي بري الطيب شيخ ادريس قولته المشهورة (يغلبنا المريخ معليش لكن بي ود الشايقي..) فرد عليه بهذه الابيات: (ود الشايقي خلاص اتبرعن وساب الشوت الارعن أصبح ماهر بارع في الفن دوخ بري ولعبو مقنن خلا الجمهور هاص وإتجنن بين الباكات هاج واتفرعن وتيم برى مرق مهزوم وشيخ الطيب واقف يلعن) وعبارة اتبرعن يقصد بها اصبح مثل برعى أحمد البشير لاعب المريخ الأسطورة الذي سارت بشهرته الركبان في ذلك الزمان البديع. ويستمر السر قدور بمداعبة الهلالاب ويقول إن فريق الهلال استدعى لاعبا جديدا (كان يلعب في الكويت هو (دقدق) لهزيمة المريخ في الدوري فأنشد قدور: في القمة مريخنا العظيم بين الفرق ما زيو تيم ماسك طريق الانتصار ليل أو نهار ماشيبو في خط مستقيم ما يهمو بي لاعب جديد ما يخصو بي لاعب قديم لو جبتو إبليس الرجيم نازل مع (دقدق) عديل من الكويت قادر دفاعنا يثبتو في لحظة بس فرمان من الملك (الثغر) ونربطو ونسمع صراخكم من جديد مين وين دا جابوه الغشيم وتتكلموا وتتججوا ما تفرحوا باكر نشوف فوق النجيل مين المعوج والعديل) ويتباهى السر قدور بانتصارات المريخ الثمانية الشهيرة التي تتالت على فريق الهلال في ذاك الزمان وهزائم الهلال الثمانية تلك كانت بالحق تاريخية إذ لم يتعرض فريق الهلال في تاريخه لمثلها خاصة وأنه كان يضم في تلك الفترة أفذاذ كرة القدم واساطينها السامقين ولكن الهلال وهو فريق عظيم رغم شعر قدور بدأ ينتصر بعد تلك الهزائم وكلما انتصر على المريخ يذكره شعراء المريخ بتلك الهزائم، فيكتب قدور: (لو الهزيمة بتترسم أو في الوجوه تقعد وسم من تيمنا إنتو موسمين دسينا منكم الكفر جوة الشراب ما قدرتو تضحكو موسمين لمينا ما خلينا كاس لا بالشمال لا باليمين وتمانية جن زافات بعض تاريخ بيقعد بالسنين والمرة دى شايف مرقتو مهللين رحتو البيوت ما مصدقين ومهرولين وفلتو من أسد العرين في مرة أفرح يا حزين والموسم الجاي القريب بتشوفو مريخنا المتين) ولم يترك السر قدور حتى حكام الكرة الذين يعتقد انهم تحاملوا على فريقه واتهام الحكام بالظلم أمر شائع عند المهزومين والحكام لا ينجون من المتعصبين ابدا فهم يوبخون ويشتمون ويتهمون بالظلم إن انهزم فريق المتعصبين ولا يشكرون في حالة الانتصار على عدلهم وهكذا هي الكورة وكم من حكم تم الاعتداء عليه دون ذنب.. يقول قدور: (الحكم منولي) بعد غيبة عاد ليحكم مباراة المريخ والنيل فكان ظالما متغاضيا عن عنف فريق النيل) ويبدو أن فريق النيل قد انتصر في تلك المباراة فكتب قدور: (حكم الزمان بتدللك بعد الغياب جابوك يا زين الشباب من غير سبب واقف تصفر ومن عينك الفاولات تفوت مستني إيه؟ لازم تشوف لاعب يموت نظرك كليل والدنيا ليل ونسيتها نضارتك قبيل بالله مين الوصلك وخلاك تخلي الماتشي لك). هكذا ينثر الشاعر السر قدور مداعباته هنا وهناك ورغم أن معظم قصائد ديوانه المرح اللطيف في تمجيد انتصارات المريخ إلا أنه يخصص بعض القصائد للاشادة بفريق الموردة باعتبار أن فريق الموردة ليس خصما لدودا للمريخ مثل الهلال: (أنا بيك سعادتي مؤكدة عزك يدوم يا موردة ومحمية من كيد العدا إن شاء الله مشوارك بدا وطوالي عايزنك كدا أمشيهو ما مترددا وليك الأغاني نرددا) وفي لفتة وفاء باهرة يخصص السر قدور في ديوانه بابا لرثاء أفذاذ الرؤساء والاداريين الذين تعاقبوا على المريخ فيرثي المرحوم شاخور أبو المريخ الروحي ورئيس المريخ عبد الرحيم عثمان صالح وفقيد الرياضة والمريخ حسن أبو العائلة وقطب المريخ محمد عثمان صالح ولاعب الهلال الفنان الاسطورة حسن عطية ولا يفوت قدور أن يشرك معه في قصائده في ديوانه بعض شعراء الرياضة.. موسى صالح سراج، محمد الزبير وبكري النعيم وعبد الله محمد زين وحسن بارا. والسر قدور فنان شامل فهو شاعر وملحن وصحفي وممثل وإذاعي وقد يعتقد أبناء الجيل الجديد أنه فقط مقدم برنامج (أغاني وأغاني) الرمضاني. مع تحياتي