المهدي.. يقدم الشروط ويؤخر الحوار تقرير: خالد أحمد عندما صعد إمام الانصار ورئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي المنبر لخطبة الجمعة كان اعد خطبة يريد فيها أن يستعيد كل ما فقده في الفترة الماضية بعد أن حاز على تعاطف الجموع التي تدفقت للمسجد من كل انحاء البلاد للقاء "الحبيب" حيث عمل خلال خطبة امس على استخدام كل ما خبر من سياسة ليستفيد من اعتقاله اكبر استفادة حيث كما قال انه يسعى إلى أن يحولها من محنة إلى نعمة. المهدي قدم امس خطبة بها ثلاثة اشياء جديدة اولها أن موقفه من الحوار كمدخل للحل ما يزال ثابتا وثانيا انه لن يستمر في الحوار إلا بشروط يجب تنفيذها الامر الثالث فتح الباب لاعادة القيادات التاريخية "مبارك وأحمد المهدي" للحزب مجددا. خطبة الجمعة مثلت اول لقاء جماهيري للرجل عقب اطلاق سراحه حيث قدم خطبة سياسية لم يستبن فيها الخيط الاسود من الابيض حيث لم يرفض عملية الحوار الوطني صراحة ولم يقبلها. لكن الجديد في خطبته امس انه عاد لما اخرجه من تحالفه مع قوى المعارضة الاخرى وهي وضع اشتراطات قبل الدخول في الحوار حيث اعلن حزمة شروط قال انها ضرورة لاجراء حوار، فما يتلامع امام اعين الرجل ليس بالضرورة كله ذهباً وفضة، وهذا ربما يفسر فاتحة خطبته التي ردد فيها قول الشاعر:" على قدر فعل المرء تأتي خطوبه ويحمد فيه الصبر فيما يصيبه" فما الذي اصاب الرجل في طريق الحوار ومما يتخوف حقيقة؟ وعلى اي متكأ سيضع ايا من جوانبه ؟ اصل الحكاية الصادق المهدي في اول مخاطبة جماهيرية خطبة الجمعة امس بمسجد عبدالرحمن المهدي بودنوباوي اعلن انهيار الحوار الوطني الشامل الذي دعا له رئيس الجمهورية المشير عمر البشير يناير الماضي، وقال إن ذلك الانهيار يجيء امام اول اختبار لحرية الرأي –في إشارة لقضيته- واشار لعدم امكانية الاستمرار في تجربة الحوار التي وصفها ب"الموؤودة" وقدم ثلاثة اسباب قال انها ادت الى فشل الحوار الوطني اجملها في : "الطابع الانتقائي الذي صاحب التجربة، وعدم ربط الحل السياسي بعملية السلام، بالإضافة إلى عدم توافر الحريات العامة" لكن المهدي في نهاية خطبته عاد خطوتين الى الوراء ليقول : لا يمكن الاستمرار في التجربة الموؤودة بلا "مراجعات أساسية تحقق مشروع حل سياسي أكثر جدوى" مؤكداً انه سيقوم باجراء اتصالات واسعة مع كافة الأطراف السياسية للاتفاق على رؤية موحدة حول الآلية الجامعة المنشودة. تيارات الضغط وليس خافياً أن موافقة الصادق المهدي الدخول في الحوار الوطني صحبتها انقسامات حادة داخل حزب الأمة تمثلت في تيارين رئيسيين الاول يقوده الصادق نفسه ويؤيد المشاركة في الحوار والثاني ظل رافضا للحوار. واللافت أن التيار الاخير علا صوته في الآونة الاخيرة، برغم انه ظل رافضاً لاي تقارب مع الحكومة واجهض في مرات عديدة حزمة من الاتفاقيات والصفقات السياسية التي ابرمها الصادق المهدي مع حزب المؤتمر الوطني، ولذلك يمكن تفسير موقف الصادق المهدي من الحوار والذي اعلن عنها أمس أن هدفه الاول السيطرة على الحزب لاسيما عقب انطلاقة تيار "التغيير" الذي نشط في الآونة الاخيرة عقب عودة مبارك الفاضل الى الخرطوم، وقد وجد هذا التيار ارضية خصبة لغرس بذوره الاصلاحية اذ تزامن مع ازمة الامانة العامة التي انتهت بالاطاحة بإبراهيم الامين من منصب الامين العام وصعود سارة نقد الله المعروفة بتأييدها لتوجهات الصادق المهدي، وتحت هذه الظروف التي افرزت تيارات عديدة داخل الحزب ربما وجد الصادق المهدي نفسه "مضطراً" بدافع السيطرة على اوضاع الحزب، أن يجاري هذه المواقف المتصاعدة، وهنا يقول المحلل السياسي د. حسن الساعوري في تعليقه ل(السوداني) إن الصادق المهدي كان في الفترة الماضية يسعى لاقناع الرافضين لمشاركة حزب الأمة في الحوار بجدية الحكومة غير أن المهدي وجد أن الحكومة اظهرت له عدم جديتها. واعتبر الساعوري أن ما ادلى به الصادق المهدي في خطبة الامس، امر صدر من اجتماع داخل الحزب قال فيه الرافضون كلمتهم بأنهم منحوا الصادق الفرصة للمضي الى آخر الشوط ويشير الى أن الرافضين باتوا اصحاب اصوات عالية الامر الذي اضطر المهدي للتراجع. عودة الكبار المهدي يحاول عقب اطلاق سراحه أن يستفيد من الاعتقال بأكبر قدر خاصة من غضب منه بسبب مواقفه السابقة حيث يسعى الآن لإعادة تقديم نفسه لقطاعات واسعة من حزب الأمة حيث التقطت امس صورة جمعته بمبارك الفاضل والإمام أحمد المهدي وهي مؤشر اكد عليه الصادق في خطبته حيث قال "أقول لمن أدرك جدوى العمل الجماعي ويحترم عمل الجماعة المؤسسي ويريد اللحاق بالركب فإن البيت الكبير المفتوح لكافة أهل السودان بصفة عامة مفتوح لهم بصفة خاصة. وأرحب بمساعي أخي وعمي السيد أحمد في هذا الصدد". كما اشار وفي اطار الكسب الذي يسعى اليه المهدي من عملية الاعتقال الترويج إلى انه شخصية جامعة حتى تيار داخل (الوطني) يمكن أن يتعاطف معه حيث قالها صراحة امس في الخطبة "داخل حزب النظام وحلفائه عبروا عن تأييد إجماعي لموقفنا كأنما صوتوا في استفتاء بلا صناديق اقتراع." حيث اقام أحمد المهدي دعوة غداء بمنزله. وقال السكرتير الشخصي للصادق المهدي محمد زكي ل(السوداني)، إن عددا كبيرا من قادة حزب الأمة والانصار لبوا دعوة الغداء التي أقامها أحمد، في مقدمتهم مبارك الفاضل. تكلفة الاعتقال المهدي في خطبه امس افهم الناس أن لاعتقاله ثمنا لابد أن يدفع على مائدة الحوار الوطني الذي كان منه اكبر الناس ترحيبا به حيث ذكر المؤتمر الوطني بمواقفه من المحكمة الجنائية بجانب عدم دعم اي حركات عنف، مشيرا إلى أن مع كل هذه الاشياء لم يرد (الوطني) الثمن لذلك قال صراحة " الفرصة المتاحة لمراجعة مشروع الحل السياسي للتخلص من العيوب التي أثرت سلباً على جدواه". كما وضع المهدي خارطة طريق يبدو انها ستكون خطته السياسية في الفترة المقبلة ركائزها تقوم على مطالبة بأن يكون السلام مدخلا للنظام الديمقراطي بجانب دستور ثابت يرضي به اهل السودان واشار إلى انه يعمل على تجاوز المرارت. واشار المهدي إلى أن ازمات البلاد قد تقذف بها إلى الهاوية وان المخرج نظام جديد عريض الشرعية في ظل سلام شامل وهذا ملخص فكرة الامام التي قدمها امس في الخطبة التي تبين أن مواقف الرجل ما تزال مثل السابق لكنه زاد عليها بعض الشروط حيث يريد حوارا.