بعد تصريحات عن مشاركتها فى معركة (العتمور) السودان.. تحت عيون الجواسيس المعلقة تقرير: محمد عبد العزيز في سبتمبر من العام 2011 حالة من القلق ضربت مكاتب في ميدان هارفارد بضواحي بوسطن الامريكية، والعاملون يتابعون بقلق ما كشفه تحليل لمجموعة من صور القمر الصناعي عن هجوم وشيك للجيش السوداني على مدينة الكرمك بولاية النيل الأزرق لتحريرها والقضاء على اكبر معاقل المتمردين فى المنطقة. كانت الصور بالوضوح الذى سمح بمعرفة ان تعداد القوات المهاجمة لا يقل عن ثلاثة آلاف جندي مجهزين بدبابات ومدافع ومروحيات هجومية. مما حدا برئيس الفريق نثانييل ريموند والمكلف هو طاقمه بمراقبة الأحداث على الأرض السودانية وخاصة المناطق التي تشهد شكلا من أشكال الحرب عبر الاقمار الصناعية إلى إصدار تحذير عاجل منح الكثيرين فرصة للفرار. وشكل هذا التحذير نقطة تحول بمشروع القمر الصناعي الحارس (إس إس بي) الذي يديره ريموند وفريقه، فتحولوا من مجرد مراقبين إلى ناشطين فاعلين من على بعد آلاف الكيلومترات عن منطقة الأزمة، وهم يجتمعون فى مكاتبهم بالساحل الشرقي للولايات المتحدة كل يوم فيما يسمى غرفة العمليات من أجل تحليل التقارير والأخبار والصور الواردة من القمر الصناعي فوق السودان، ويقومون بمقارنة الصور الجديدة بالسابقة للكشف عن أي تغيرات بالمواقع أو القوات العسكرية أو مخيمات اللاجئين. ومنذ ذلك الوقت درج نثانييل ريموند على عقد المؤتمرات الصحفية ووضع الخرائط لجنوب كردفان ودارفور كما حدث قبل عامين حسبما نقلت صحيفة (الاوبزرفر) البريطانية وهو يقول انهم قاموا بتحليل الصور القادمة من الفضاء لمعرفة عدد دبابات الجيش السوداني المتحركة على الأرض وتزويد جورج كلوني بالمعلومات. وامام المتابعين راح ريموند يعرض سلسلة من صور الأقمار الصناعية على الجدار بجانبه، وبكبسة من (الفارة) كان يستعرض صورا لدبابات تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية من على بعد مئات الكيلومترات بالفضاء الذي فوقها. معركة العتمور أعادت تصريحات قائد قوات الدعم السريع بولاية جنوب كردفان اللواء علي النصيح القلّع عن مشاركة مجموعة (سنتنال ستلايت بروجكت SSP) المملوكة للممثل الأمريكى جورج كلوني فى معاركهم مع قوات الجبهة الثورية عبر تقديم دعم تقني لها كما حدث فى معركة (العتمور) فى السادس من الشهر الماضى، اعاد النقاش مجددا حول صراع السودان للخروج من شبكة معقدة من الاقمار الصناعية التى تظلل سماءه وترصد كل صغيرة وكبيرة فيه. فاللواء القلّع كشف عن أن أنشطة الأقمار الاصطناعية التي تعمل لصالح مجموعة (SSP)، تقوم بها تصوير شركة (Digital Globe) داخل الأراضي السودانية، عبر ستة أقمار اصطناعية، تتعاقب لمراقبة تحركات القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، وقال: "عندما تقدمت القوات الحكومية لتحرير منطقة العتمور، قامت الأقمار، (IKonos.Worldview1,2,3.Geoeye)، برصد تحركات القوات الحكومية، خاصة أثناء الاشتباك مع العدو، وكذلك توجيه المتمردين أثناء الانسحاب"، واضاف: "وفرت لهم معلومات في الهجومين المضادين لاستعادة المنطقة، والذين أفشلتهما القوات الحكومية تباعاً". وأوضح )القلّع( أن البيانات التي تم تحليلها حول المسح الذي قامت به تلك الأقمار لمعركة "العتمور"، بيّنت أن مرور القمر Geoeye كان قد استغرق (12:7) دقيقة، والقمرWorldview2 استغرق (13:17) دقيقة، فيما استغرق القمرIKonos حوالي (9:55) دقيقة فوق أرض المعركة. ولفت قائد القيادة المتقدمة، إلى أن جورج كلوني خلال تسلله مؤخراً لمناطق المتمردين، كان قد ساعد في تركيب محطات لاستقبال المعلومات الملتقطة عبر هذه الأقمار الإصطناعية في مناطق (كاودا)، (طابانية) و(الدار). ويقول الخبير الاستراتيجي اللواء د.محمد العباس الأمين إن العالم بأسره يقع تحت رقابة الأقمار الصناعية، فالدول الكبرى وبإمكاناتها الضخمة تعرف التحركات التي تدور على الأرض لا سيما أرض المعارك المفترضة، وبالتالي فإن المراقبة عبر الفضاء من البديهيات، كما أنها ليست خافية على أحد فهي معروفة على مستوى العالم، وهنا تكمن أهمية التحالف مع الولاياتالمتحدة التي تعتبر الأقمار الصناعية أحد مصادر قوتها. \ تمويل كلوني تبرع الممثل الامريكي جورج كلوني بتأمين التمويل الباهظ اللازم لمشروع القمر الصناعي لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان بالسودان، عبر برنامج بدا منذ نهاية 2010م. ويرى مراقبون انه تم تصميم مشروع القمر الصناعي الحارس بالبداية من أجل جمع الأدلة التي يمكن استخدامها بأي محكمة جرائم حرب في المستقبل ضد القادة السودانيين، ولكن الصور الدقيقة جدا جعلت الفريق يستخدمها أيضا لرصد الادعاءات بشأن المجازر والمقابر الجماعية. وقد واصل كلوني فى برنامجه وقام عبر منظمته منظمة تسمى "لن يحدث تحت أنظارنا" فى تمويل برنامج الأممالمتحدة (يونوسات) الذى يعنى بجمع وتحليل صور الاقمار الصناعية، والتى يتم فيها التعاون مع مبادرة هارفارد للشؤون الإنسانية بالبحث ومزيد من التحليل، والتأكد من التقارير الميدانية التي سيقدمها "مشروع كفاية" لمناهضة ما يسمى الإبادة الجماعية. وقال كلوني في بيان صحفي وقتها "نريد أن نجعل مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب الأخرى المحتملين يعرفون أننا نراقب، العالم يراقب". وأشار كلوني لمجلة تايم في مقال نشر على موقعها بالإنترنت إلى أنه توصل إلى هذه الفكرة عندما كان في السودان يلتقي بلاجئين، ووصف المشروع بأنه "المتجسس المناهض للإبادة الجماعية". كلوني الذى زار وتسلل للسودان عدة مرات اجتمع بالرئيس الامريكي باراك اوباما فى المكتب البيضاوي وشرح له طبيعة المشروع. غير ان وزيرة الدولة بالاعلام سناء حمد قالت وقتها ل(السوداني) ان بعض ممثلي هوليود اصبحوا للاسف كومبارس على مسرح جماعة الضغط فى قضايا لا يجيدونها، لافتة الى ان كلوني اذا كان يرغب فى ان يلعب دور الرئيس الامريكي رونالد ريغان - كان ممثلا فى بداية حياته- فقد اخطأ فى اختيار القضية المناسبة. خبير تكنولجيا الفضاء المهندس بدر الدين محمد علي ل(السوداني): يتعتبر مجال الاستشعار عن بعد او تقنيات الاقمار الصناعية من المجالات الحديثة التى ارتبطت بالعديد من العلوم وعلى رأسها العسكرية. (السوداني) جلست مع خبير تكنولجيا الفضاء المهندس بدر الدين محمد علي مدير شركة (معراج) لتقنيات الفضاء، وطرحت عليه العديد من التساؤلات المتعلقة باستخدام الاقمار الصناعية فى مجال التصوير العسكري. * كيف تعمل تقنيات التصوير فى الاقمار الصناعية؟ يعمل القمر الصناعى على اسس علم يسمى (الاستشعار عن بعد) وهو ان تتعرف على اشكال فى سطح الارض دون ان تكون فى اتصال مباشر او تكون مجاور لها وفى بعض الاحيان تحتاج الصورة المأخوذة من القمر الصناعى الى معلومات ارضية حتى تستطيع ان تعمم هذه المعلومات على مستوى الصورة مثلا اذا ظهر لك جسم معين فى صورة وانت تعرفت على هذا الجسم من خلال معلومة ارضية تستطيع ان تعطي البرامج وان تختار ان هذا الجسم هو الشيء الفلاني اوجد لي الاجسام المشابهة له فى هذه الصورة وبالتالي البرامج تستطيع ان تحلل وتسهل عملية البحث والاستكشاف فهى عبارة عن علم يجمع بين التقنية الفضائية فى التصوير وبرمجيات للتحليل والتابعة حتى تستنبط المعلومات بشكل اوسع، ويمكن الاستفادة منه فى مختلف المجالات وعلى رأسها الشئون العسكرية، وكما سمعت تصريحات قوات الدعم السريع الأخيرة. * إذا سماء السودان مليئة بالأقمار الصناعية التى تنقل كل ما يدور فيه؟ الكثير من الاقمار تغطي الفضاء السوداني ومن مختلف الجنسيات، فالمصريون لديهم قمر كان كثيرا ما يستكشف السودان، ولكنه خرج فى الآونة الأخيرة عن مداره وبات فى عداد المفقودين. وفرنسا اطلقت العديد من الاقمار لدعم وتقوية القوات المنتشرة فى العالم بوسائل استخباراتية حديثة، آخرها (هيليوس تو بى) المزود بنظام الأشعة تحت الحمراء والذى يغطي اقليم دارفور فى سياق دعم للقوات الفرنسية المنتشرة فى تشاد وافريقيا الوسطى. اما امريكا فلديها العديد من الاقمار التى تغطي المجال السوداني فعلى سبيل المثال الاقمار (IKonos.World view1,2,3.Geoeye) والتى اشير لمشاركتها فى معركة (العتمور) هى اقمار تجارية وليس عسكرية والممثل الامريكي جورج كلوني والذى نشط فى قضية السودان ويسعى للعب ادوار سياسية فى الفترة المقبلة، تعاقد مع شركة للاستشعار عن بعد لتوفير صور اقمار صناعية لمناطق جنوب كردفان ودارفور. * ما تأثير استخدام الأقمار الصناعية على معادلة الصراع بين القوات المسلحة والحركات المتمردة؟ من الأمور التى تحدد اهمية القمر الصناعي هو مقدرته على اعادة التصوير من نفس المنطقة ومن خلال دورانه فى مساره يستطيع ان يعود الى نفس النقطة فى خلال يوم واحد وهذه الميزة تعطيه ميزة استخباراتية لأنه من خلال تصويره لمواقع معينة وإعادة تصوير نفس المواقع فى اليوم الثاني يكشف التحركات المتتابعة لقوات معينة ظهرت فى صور اليوم صورها فى اليوم الذى يليه وهكذا يستطيع ان يحدد التحركات واتجهاها وحجمها وهذه معلومات استخباراتية مهمة جدا للقوات العسكرية يمكن من خلالها معرفة واستقراء كيفية تفكير القوات الاخرى وتحركاتها. * هل هذه الصور تنقل تحركات مباشرة أم صور ثابتة؟ صور ثابتة، واهمية كل قمر صناعي تتحدد وفقا للدقة التصويرية، واعادة التصوير من نفس المنطقة، اضافة لنوعية المتحسس الموضوع فى القمر الصناعى الذى يقوم بالتصوير، اضافة لنوع الكاميرا الموضوعة فى القمر الصناعى التى تحدد الدقة التصويرية. * ما المعني بالدقة التصويرية؟ والدقة تصويرية معني بها اقل من متر واحد والمقصود بها اصغر وحدة فى الارض يمكن ان تظهر فى الصورة، وهذه الامكانية متاحة الآن فى العديد من الاقمار الصناعية، بل انها اصبحت متاحة فى الاقمار التجارية، وعلى سبيل المثال اسرائيل تمتلك قمر صناعي يعطي دقة تصويرية حتى 70سم. الولاياتالمتحدة تملك اقمار صناعية عديدة التجاري منها فقط يعطي حتى 40 و50 سم، أما القطاع العسكري فهي اكثر وضوحا ودقة وقد تصل حتى 10 و20 سم. ولك أن تعلم ان كانت الصورة بمعدل (50-60) سم فانها تكون واضحة. ودعني اشير هنا الى ان القمر World view 3)) سيتم اطلاقه فى 13 و14 اغسطس القادم، سيوفر صور عن السودان فى نوفمبر القادم بدقة عالية تصل ل25 سم، ربما ليعوض القمر (IKonos) الذى توقف عن العمل بعد أن انتهى عمره الافتراضي فقد اطلق فى العام 2000م وفى العادة يتراوح عمر القمر بين (5-7) وقد يستمر فى الفضاء حتى عشر سنوات قبل أن يسقط. * هل تتأثر دقة الصورة بأشعة الشمس؟ هذا سؤال جيد، فالأقمار الحالية خاصة التجاري منها تنتج صور نهارية معتمدة على الضوء النهاري، ومعظم اوقات التصوير تكون فى العادة بين العاشرة صباحاً والثانية ظهراً، وقد اجريت تحديثات على القمر World view 3)) ليتمكن من التصوير عصراً، بشكل عام الذى يميز القمر عن الآخر نوعية المتحسس الموضوع فيه والذى يقوم بالتصوير، اضافة لنوع الكاميرا الموضوعة فى القمر الصناعي ومدى تصويرها للأشياء، خاصة اذا كان يتمتع بخاصية التصوير بالأشعة فوق الحمراء مما يمنحه ميزة التصوير الليلي. * هل يعنى ذلك أنه لتفادي التصوير عبر الاقمار الصناعية يمكن التحرك ليلا؟ نعم الى حدما فالتحركات الليلية تكون محمية من الاقمار، ويمكن فى النهار إخفاء الآليات والمعدات تحت الاشجار او ما شابه ذلك، ولكن ذلك لا ينطلي على الاقمار التى تعمل بالأشعة الحمراء او التى تعمل بالتصوير الحراري، ولكن هذا النوع من التقنيات مكلف للغاية. * ماهي المدة التى يستغرقها القمر لنقل الصورة للمحطة الأرضية؟ يقوم القمر بالتقاط الصورة وإرسالها مباشرة للمحطة الارضة، الا ان معالجتها قد تستغرق قرابة الثلاث الى اربع ساعات. * هل يعني ذلك ان التصوير يفقد جدواه فى حال الاشتباك المباشر؟ اثناء الاشتباك المباشر للقوات من الصعب التمييز بين القوات المتلاحمة فى الميدان الا اذا كان هناك فارق كبير فى شكل التسليح وآلياته، لذلك يصبح غير مفيد، الا اذا كنت تريد ان تتفادى قوات فى طريقك، او تتعرف على موقع عسكري وطريقة دفاعاته. * هل من الممكن استقبال الصور خارج المحطات الرئيسية عبر محطات أرضية أخرى فى مناطق جنوب كردفان او دارفور مثلا؟ من الممكن ان تكون هناك محطات ارضية ثابتة تلتقط الصور وتقوم بمعالجتها، او تستقبل المعالج منها من المحطات الرئيسية، وقد تكون المحطات متحركة (عربات) ولكن يجب ان تكون مزودة بهوائي لا يقل قطره عن سبعة أمتار، ولكن كل ذلك يحتاج لإمكانيات مادية وتقنية عالية جداً.