:: بالبحر الأحمر، على سبيل المثال، عندما شرعت حكومتها في استثمار الساحل لم تأت بالوسطاء - والسماسرة - ليكونوا بينهم وبين المستثمرين بلا (عطاء أو جهد).. بل بدأت الحكومة هناك بنظافة الشواطئ وتخطيطها ثم بمدها بكل الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وبنايات ثم فتحت باب التقديم للناس (لكل الناس).. وكانت المنافسة الشريفة والاستلام من السلطات الحكومية مباشرة، أي بلا وسطاء أو (سمسارة). واليوم، أكثر من سبعين مستثمراً على شواطئ البحر في المقاهي والمطاعم يدفعون للسلطات الحكومية هناك مبلغاً لا يتجاوز (الألف جنيه فقط لا غير، شهرياً)، نظير تشغيل وإدارة واستثمار المحلات التجارية بالساحل.. أو هكذا كانت - ولا تزال - الشفافية والتنافس الشريف ببن المستثمرين في استثمار الشواطئ بولاية البحر الأحمر. :: ولكن بالخرطوم، حيث النافذ يأكل والمواطن مأكول، عندما شرعت حكومتها في استثمار شارع النيل، جاءت بالشركات ك(وسطاء وسماسرة)، بينها وبين المستثمرين.. بعضها بالتمليك، أي امتلكوا الشاطئ ب(شهادة بحث)، وكان يجب يكون (ملكا عاما)، ومتنفساً للجميع.. والبعض الآخر بالإيجار غير المشروع والمخالف لحزمة قوانين ذات صلة بنيابتي المال العام والثراء الحرام.. وعلى سبيل المثال، نقرأ أهم نصوص العقد الموقع بين محلية الخرطوم وشركة ملبينيوم، فالعقد مُعيب للغاية، وفيه إهدار - وإهمال - للحق العام. :: فالعقد مسمى باتفاق شراكة، تلزم الشركة بكافة الخدمات وتشييد حدائق ومباني كافتريات على طول الشاطئ، خمسمائة متر جنوب كبري المنشية وخمسمائة متر شمال الكبري، في حدود مبلغ لا يتجاوز (1.131.259.2 جنيه)، أي مليون جنيه، ومدة العقد (5 سنوات).. المخالفة الأولى، لم تلتزم الشركة بتوفير المياه إلى يومنا هذا، فالمياه تأتي إلى كل المحلات التجارية للمشروع ب(الكارو والفنطاس)، منذ العام 2012.. والمخالفة الثانية، لم تلتزم الشركة بتوفير الكهرباء لكل المحلات التجارية، إذ هناك المحل المظلم منذ العام 2012، والمحل العام بالمولد الخاص منذ العام 2012.. والمهم، بعد تشييد المباني، تلتزم الشركة بإدارة وتشغيل كل مقاهي ومطاعم هذا المشروع.. ومن صافي أرباح السنة الأولى والثانية (30% للمحلية، و 70% للشركة)، ومن صافي أرباح السنوات الثالثة والرابعة والخامسة (40% للمحلية، و60% للشركة).. هكذا أهم نصوص العقد بين المحلية التي تمثل المواطن وشركة ملنيوم التي يمتلكها إليسع عثمان القاسم. :: والمخالفة الثالثة، وهذه مهداة لنيابة الأموال العامة.. المواطن - الذي تمثله المحلية في هذه الشراكة - شريك بتلك النسبة فقط في (صافي الأرباح).. قد يربح المشروع و قد لا يربح، كيف تعرف المحلية التي تمثل المواطن الربح أو الخسارة؟.. هل بواسطة المراجع العام؟.. نعم، ولكن لكي يراجع المراجع العام مثل هذا المشروع يجب أن تتم كل التعاملات المالية بين الشركة والمستثمرين الذين استأجروا تلك المقاهي والمطاعم فقط ب(أورنيك 15)، وهذا ما لا يحدث حالياً.. نعم، كل التعاملات المالية بين الشركة والمستأجرين تتم حالياً بأوراق صادرة عن الشركة ومختومة فقط ب(ختم الشركة)، وهذا ما لا يجوز في أي شراكة للحكومة فيها نصيب. :: والمخالفة الرابعة - وهذه مهداة لنيابة الثراء الحرام - هذا النص الواضح المعاني بالعقد: (لا يجوز للشركة التنازل عن إدارة المشروع ولا يجوز تأجيره من الباطن).. ورغم هذا الوضوح، قسمت الشركة هذه الألف متر إلى عشرات المقاهي والمطاعم ثم أجرتها - بالباطن - بمبالغ تتراوح ما بين (5 و6 آلاف جنيه، شهرياً)، لكل مطعم أو مقهى.. ورغم أنف العقد والشريك الحكومي، يتم تحصيل الإيجار ورسوم العداد وكل الخدمات ب(أوراق ساكت)، أي ليس بالأورنيك المعتمد لدى الشريك الحكومي المنوط به تمثيل المواطن وليس التمثيل به وإهدار حقوقه بمثل هذا العقد المُعيب (شكلاً ومضموناً).