*أهداني صديقي الأستاذ محجوب عروة كتابه الذي صدر عن مركز الخرطوم للإعلام الاقتصادي، بعنوان "وهم الفقر -الإعلام الاقتصادي وأثره على الاقتصاد السوداني" الذي يتضمن بعض كتاباته وأبحاثه الاقتصادية حول الاقتصاد السوداني في فترات مختلفة من تاريخه المهني. *لم أتوقف عند المفاهيم والإحصائيات الاقتصادية، ولا عند ما أورده عن تطور الموازنة في السودان، وإنما أترك ذلك للدارسين والمعنيين بأمر الاقتصاد السوداني، لكن لا بد من التوقف عند حديثه عن التجربة الاقتصادية الإسلامية التي بدأ تطبيقها بعد حكم الإنقاذ، ولا أحتاج كي أذكركم بأن محجوب عروة هو أحد أبناء الحركة الإسلامية التي كانت وراء حكم الإنقاذ. *في ص 149 يقول محجوب عروة: "في مقابل دولة التنمية والرفاه عبر التطبيق الاشتراكي والنظام السلطوي الأحادي، تم تطبيق ما أطلق عليه دولة التوجه الحضاري الإسلامي، وتم اعتماد سياسة التحرير الاقتصادي منذ عام 1991م عبر نظام سلطوي تحكمي"، ليخلص عروة إلى القول بأن "كلا المنهجين الاقتصاديين الإشتراكي والإسلامي أنتجا ظواهر متشابهة مثل الإنفاق الحكومي الهائل وسيطرة البيروقراطية وعقلية الجباية عبر الضرائب والرسوم الباهظة لمقابلة الصرف الحكومي، التي عانى منها المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي". *عند حديثه عن التضخم وتدني الإنتاج وارتفاع تكلفته يقول عروة إن العوامل التي أسهمت بصورة مباشرة في ارتفاع التضخم وتدني الإنتاج وارتفاع تكلفته.. انفصال الجنوب وخروج موارد النفط وظهور وتنامي الاختلالات في جسم الاقتصاد السوداني. *أورد عروة في الكتاب نص المذكرة التي قدمها للمؤتمر الاقتصادي الذي عقد عام 2013م التي يقول فيها: "للأسف بسبب سوء السياسات والإهمال والفساد انهارت المؤسسات الاقتصادية الكبرى التي كانت العمود الفقري للاقتصاد السوداني مثل مشروع الجزيرة والمناقل والسكك الحديدية والنقل الجوي والبحري والنهري وغيرها من المشاريع، والأخطر من ذلك خروج نسبة عالية من الأراضي الصالحة للزراعة من عجلة الإنتاج.. بسبب الحروب والنزاعات في بعض الولايات المنتجة". *يقول عروة: "عندما مَنَّ الله علينا باستخراج البترول وتصديره - لأول مرة - أصابتنا لعنة الموارد وانتقلت إلينا عدوى المرض الهولندي، فلم نوجه عائداته الهائلة لدعم القطاعات الحية من زراعة بشقيها أو صناعة.. تعود علينا بالفائدة وتعوضنا عنما تقل عائدات البترول، كما حدث بعد انفصال الجنوب. *يمضي الأستاذ عروة في تشريح الوضع الاقتصادي وهو يؤكد أن السودان ليس بلداً فقيراً كما ظللنا نردد ونشيع حتى أصبحنا ننتظر القروض والمنح، ونستورد سلعا كان يفترض أن ننتجها، حتى تحول السودان بسبب فشل السياسات من سلة غذاء العام إلى سلة مبادرات العالم لحل مشكلاتنا التي عجزنا عن حلها بأنفسنا. *يقول محجوب عروة في خواتيم الكتاب: "إن الصرف الهائل على الحروب الأهلية والصرف السياسي والسيادي البذخي على الحكومات المركزية والولائية دون انضباط، زاد عجز الموازنة ودفع بوزارة المالية للمزيد من الاستدانة من النظام المصرفي، مما أضعف دور البنوك في توجيه مواردها للقطاع الخاص والاستثمارات المطلوبة". *كتاب "وهم الفقر" يقدم تشخيصاً صريحاً للوضع الاقتصادي الحالي، يجب الاستفادة منه في عملية الإصلاح الاقتصادي الأوجب في كل الحالات وفي كل الظروف. كلام الناس نور الدين مدني هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته