الطاهر ساتي من أكثر الصحفيين إجاده في كتابة فن العمود، ذلك أن الرجل يستخدم القصة في مقدمة العمود وهي من أكثر العوامل جذباً للقراء وهي فن معروف للكتابة ..ولكن مايجيده الطاهر أكثر هو توصيف المستند دون إضافة أو حزف وهذا ما مكن الأخ الطاهر أن ينجو من كل المحاكم وقضايا الرأي التي واجهته في الفترة الماضية وأتذكر أن للرجل كرتونة مستندات يحرص عليها أكثر من أبنائه لدقته في تناول المعلومة..ولكن تشاء الأقدار أن يسهو الأخ الطاهر في قرار الأخ الوزير بروف مأمون حميدة والذي بموجبه أصدر استثناءً محدوداً ومحكوماً بضوابط في شأن ترخيص الصيدليات وكان تفسير الأخ الطاهر أن الوزير أصدر هذا القرار ليصدق لنفسه صيدلية بمستشفى الزيتونة والسبب في التفسير الخاطئ أن الطاهر لم ينتبه للسطر الأول والذي يبقي على قرار ال500 متر وهو قرار أصدره الوزير حميدة قبل عامين وينص على عدم إنشاء أي مؤسسة صحية مستشفى أو عيادة أو معمل أوحتى صيدلية على مسافة أقل من 500 متر من أي مستشفى حكومي وبما أن الزيتونة تبعد من مستشفى الخرطوم والشعب أقل من هذه المسافة فلا يمكن عمل صيدلية بالزيتونة. ومن ناحية أخرى حتى لو أغلقت الصيدلية جوار الزيتونة وأصبح القانون الاتحادي يمكن الزيتونة من إنشاء صيدلية لن ينفذ نسبة لقرار ال500 متر. والذين جاءوا للطاهر يشرحون همهم لم يشرحوا له هذه الجزئية مما جعل عمود الطاهر يأتي مرتبكاً مناقضاً للوقائع والحقائق مما جعلني أتساءل هل قرأ الطاهر القرار بالمقلوب ..أم كان مقلوباً عندما قرأ القرار ..ولكنهم أصحاب الهم لم يشرحوا له السطر الأول والذي يهزم فكرة استغلال النفوذ بل يهزم فكرة عمود الطاهر فيستشكل عليك أن تفهم كيف قرأ الطاهر هذا القرار .وهذا الاستشكال جعلني أتذكر نكتة المسطول ..المشى اشترى كباية لقى البائع خاتي الكبابي بالقلبه، فقال ليهو عاوز تبيع لي كباية مقفولة من فوق ..قام البائع عدل الكباية ..المسطول قال ليهم وكمان مقدوده من تحت... وتبقى جزئية الاستثناء أنه حدث لظروف محددة استوجب فيها مراعاة المواطن وعدم تعريضه للخطر ..فشارع مثل شارع الستين والمواطن في حالة شراء أدويهة يمكن أن يكون منزعجاً وهو يهم بشراء أدوية منقذة لحياة مريض فتتعرض حياته للخطر ..وهذا الاستثناء للضروره القصوى وهو تقدير للوزير ..ومعلوم أن أي قانون به استثناء فقانون الخدمة العامة مثلاً يبدأ أول ما يبدأ بعبارة تستثنى من هذا القانون القوات المسلحة والشرطة ..يعني أول ما بدأ ..بدأ باستثناء والأمر ليس لشخوص ففي أي مكان يمكن أن يطبق هذا الاستثناء لأي شخص متى ما توفرت شروط القرار والاستثناء ..ونلاحظ أن الطبيب يفتح عيادته بالقرب من الطبيب دون مسافة فما المشكلة ..ومع ذلك الوزير أمن على مسافة ال100 متر ولكن آن الأوان أن يجلس المهتمين بالأمر لوضع ماهي الاستثناءات لهذا القرار ..فمثلاً أخي الطاهر إن جاء مستثمر لإقامة مستشفى بمئات الملايين من الدولارات هل نمنعه من إقامة صيدلية لذات القانون ..هذا أمر قابل للنقاش والتفكير، ويحتاج لعصف ذهني وسؤال آخر الصيدلي يسجل عدة صيدليات ويمكن أن يكون خارج السودان وهو المسؤول الفني الأول ..هل يعقل هذا ..ومن ناحية أخرى هل مشكلة الصيدلة في السودان غلاء أسعارالدواء وانعدام أدوية وضعف عدد الأدوية المسجلة في السودان وصعوبات تواجه الصناعة الدوائية الوطنية أم مشكلة 100 متر ..هذا أيضاً سؤال يحتاج للنقاش ..كيف نحدد أولوياتنا الصحية هذه هي القضايا التي يجب أن يناقشها المستنيرين لا قضية ال100 متر التي تخدر العوام وتبعدهم عن حقوقهم الأصيلة..تبني الفكرة ..ولك شكري . د معز حسن بخيت الناطق الرسمي لوزاره الصحة ولاية الخرطوم