تختلف السعادة في إدراكها باختلاف الناس نظراً ومزاجاً وصحة ومرضاً فالمريض يرى السعادة في الصحة، والفقير يرى السعادة في المال والقصور والذليل يرى السعادة في الجاه والعبد يرى السعادة في الحرية والفاسق يرى السعادة في الظفر بمعشوقته والفاضل يرى السعادة في افاضة الفضل على المستحقين. إذا يتضح أن السعادة الكاملة تشمل البدن وسعادة النفس وسعادة البدن تكمن في صحته ومرونته واستجابته للحركة والتقلب في الأراضي وفي سلامة الحواس. وسعادة النفس تكمن في القوة الناطقة الباحثة عن الحكمة والأمور الإلهية وصحة البدن في الإسلام هدف قوي بهمة الوصول إليه فالجسم هو آلة النفس وان تكن الفارس فهو الفرس الذي يحمل صاحبه في السفر وفي الحضر يخترق الجبال والوهاد ويوصله إلى بر السلامة وإذا كان الفرس هزيلاً ضعف من مطالب فارسه وقعد به من الوصول إلى اهدافه، لذلك حرم القرآن الكريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير الضار بالصحة التى تصل إلى المنح فتكون قاتلة كما يحرم شرب الخمر لاثره على الكبد وعلى سلامة العقل والسكران مؤهل لارتكاب الجرائم وغافل عن ذكر الله وعن الصلاة وهو يعلم الأدب في الأكل والشرب { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)}"الأعراف" فهماً للحياة وليست الحياة لهما فالمرء يأخذ منهما بمقدار ما يعيش ثم يتجه إلى أعلى الأمور وكل ما يؤذي البدن أو العقل فهو حرام وان لم يجد فيه نصا خاصا وكل اختراع للشرب ضار او عادة ضارة فهو حرام. والحديث الشريف يحض على الرياضة البدنية العالية كركوب الخيل والسباحة والرماية والمصارعة والسباق وكلها تقوية للبدن واعداد لرسالاته في جهاد الانتاج وجهاد المعارك وهي ميدان العمل الصالح والتسابق في الحياة أليس الله تعالى القائل { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}"سورة الملك" وعلماء النفس الاسلاميون زيادة في الإيضاح يبينون للناس الفضائل الأصلية من الفضائل الزائفة والذين يظنهم الناس فضلاء وما هم بفضلاء فيقولون: من الناس من يظنون أو يظن إنهم اعفاء وما هم بأعفاء كالذي يترك شهوة الطعام والشراب لأنه لا يجسدهما أو متخوف منهما أو ممنوع منهما أو به خلل في تركيبة. والعفيف حقاً من ترك ذلك لفضيلة العفة وأخذ من هذه اللذائذ بمقدار الحاجة وصحة البدن، وبعض الناس يظنون أهم شجعان أو يظن بهم وما هم بشجعان كالذي يركب أهوال الحرب والمشقات طمعاً في غاية أو لقاء جُعل من المال أو مخافة أو تحت تأثير سلطان أو انتحارا هرباً من مسؤولية الحياة، والشجاع الحق هو الذي يفضل الموت الجميل على العيش القبيح وبخاصة في الدفاع عن الدين والوطن والشجاع الحق هو الذي قاوم هوى النفس الإمارة بالسوء "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب". ومن الناس من يظنون أو يظن بهم استحياء وما هم باستحياء كالذين ينفقون أموالهم رياء الناس أو تقرباً من السلطان أو رشوة للحصول على ما ليس بحق وينفقون على ما يستحق. وكل أولئك جهلة بقيمة المال الضروري للحياة والفضيلة تظهر على اكتسابه وانفاقه في أوجه دون بخل ولا اسراف على نفسه ووالديه وأهله والأقربين والمحتاجين وفي سبيل الله وحقوق الدولة حتى تصل للسعادة الكاملة.