في بداية التسعينيات من القرن الماضي جمد صندوق النقد الدولي علاقاته مع السودان وعلق عضويته. إدعى الصندوق حينذآك عدم تعاون السودان مع الصندوق وتوقفه عن سداد مستحقات الديون. كانت الاسباب الحقيقية سياسية تعود لموقف الولاياتالمتحدة والدول الغربية عموماً من الاوضاع السياسية في السودان حيث استخدم الصندوق كأداة من أدوات الحصار الاقتصادي. ابتداءً من العام 1998 بدأ السودان في استعادة علاقاته تدريجياً مع الصندوق. حاليا يقدم الصندوق المعونة الفنية والتدريب ويمارس الرقابة بموجب اتفاقية خاصة مع حكومة السودان تستند للمادة الرابعة من اتفاقية الصندوق. الهدف الاساسي من استعادة السودان لعلاقاته مع الصندوق هو الحصول على موافقة المجتمع الدولي على إدراجه في مبادرة اعفاء الديون (هايبك) المخصصة للدول الاقل نموا المثقلة بالديون. وكأهداف فرعية سعى السودان للحصول على عدم ممانعة الصندوق في الحصول على قروض للدولة او للقطاع الخاص السوداني من الدول والمؤسسات المالية التي تشترط عدم ممانعة الصندوق. وللحصول على ائتمان الصادرات ومنتجات سوق التأمين الدولي الأخرى. يبلغ عدد اعضاء الصندوق في الوقت الحالي 185 عضواً أي أقل من الاممالمتحدة بسبعة أعضاء. ويرجع هذا الى عدم انضمام كوبا وكوريا الشمالية وخمسة بلدان أخرى بالغة الصغر. وكانت دولة جنوب السودان هي آخر الدول انضماماً للصندوق. وبالنظر الى أن للولايات المتحدة صاحبة أكبر حصة من حقوق السحب الخاصة فإن لها قوة تصويتية هائلة مؤثرة على قرارات الصندوق. مؤخراً أصدر الصندوق تقريراً أشار فيه الى حدوث تحسن مرتقب في أوضاع السودان الاقتصادية. متوقعاً نمو الاقتصاد السوداني بنهاية العام 2014 بنسبة 3.4% معيداً ذلك لنمو القطاع النفطي بنسبة 2.9%. ولزيادة نشاط استخراج الذهب. وللأداء الجيد للقطاع الزراعي لملائمة الظروف المناخية، الأمر الذي أدى لتوقع انخفاض التضخم بنهاية العام 2014 الى 29%. (التضخم سجل في أكتوبر 28.2% أي أقل من توقعات الصندوق). وذكر الصندوق أن عجز الموازنة تقلص الى 1% من الناتج المحلي الاجمالي. (وهذه نسبة جيدة). التقرير الايجابي هذا أضعفه حديث غير فني وغير منتج ورد بالتقرير حول ديون السودان الخارجية. حيث أشار تقرير الصندوق الى معاناة السودان من ثقل الديون الخارجية. راهناً تخفيفها بتطبيع علاقاته مع دائنيه لحشد تأييدهم تجاه تخفيف أعباء الديون. تقرير الصندوق هنا فيه خلط مريع. الصندوق مسئول عن الجوانب الفنية في مسألة الديون. وعليه أن يقرر بوضوح هل السودان قادر على السداد أم لا؟ وذلك من خلال المعايير التي وضعتها مبادرة الهيبك التي يرعاها. وهي التي حددت معايير مثل نسبة الدين من الناتج المحلي الاجمالي، ونسبته من مجمل الصادرات، ومعايير فنية أخرى يتحقق من خلالها استحقاق الدولة للاعفاء. وخبراء الصندوق يعلمون أن السودان استوفى هذه المعايير تماماً. وكان عليهم الاشارة بوضوح لهذه الحقيقة. والى أثر الدين على نسبة الفقر. قبل الشروع في توجيه نصائح سياسية للحكومة السودانية بشأن التواصل مع الدائنين. الأمر المعلوم للجميع أن عدم اعفاء ديون السودان الخارجية أسبابه سياسية لا فنية. ويقف خلف عدم الاعفاء الولاياتالمتحدةالامريكية. حيث تعتبر عدم الاعفاء واحدة من أعمدة سياسة المقاطعة الاقتصادية للسودان. حتى تجد تقارير الصندوق الاحترام اللازم على خبرائه عدم الخلط في التقارير ما بين الفني والسياسي. والله الموفق د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته