الجهود التي بذلها الاتحاد العام لنقابات عمال السودان لمد سن التقاعد الى الخامسة والستين بدلا عن الستين عاما والتي توجت بمصادقة رئيس الجمهوريه عليها تعتبر مكسبا للحركة العمالية السودانية وتؤكد مدى تجاوب رئيس الجمهورية مع مطالب العمال وتفهمه لقضايا العمال..واذا نظرنا لسن الستين التي كانت محددة للتقاعد تعتبر مبكرة لكثير من الناس لانهم يكونون قادرين على العطاء بل يكون فيها الكثير في عنفوان عطائه وكأنهم شباب فكيف يحال الواحد منهم للتقاعد وهو بهذا الاستعداد؟ الجانب الآخر ما بعد الاحالة اي فوائد ما بعد الخدمة فهناك الكثير ممن التحقوا بالخدمة وهم في اعمار متأخرة نسبيا فهؤلاء عندما يحالون للمعاش في سن الستين تكون فوائدهم قليلة جدا مع الاخذ في الاعتبار ان هؤلاء النفر يعولون اسرا كبيرة وبها طلاب في المدارس والجامعات اي تقع على عاتقهم اعباء والتزامات مثقلة جدا يشيب لها الطفل الصغير..واذا نظرنا لجانب تقدم العمر اثناء الخدمة اعتقد انه كلما تقدم العمر بالانسان كلما اكتسب خبرة ودراية وتجارب في الحياة فقد يستغرق تأليف كتاب سنوات عمر كامل لذلك في الولاياتالمتحدة وبلدان الغرب عموما لا يمنح الانسان درجة الاستاذية (البروفيسور) الا اذا كاد أن يناهز التسعين من عمره او نحو ذلك اي يكون متكئا على عصا وبذا يكون قد حصد حصيلة عمر بكامله ليستفيد منه الآخرون من بعده وهكذا..والانسان الذي اعتاد الخدمة لفترة طويلة بعيد احالته للمعاش مباشرة سرعان ما تدب عليه اعراض الهرم والشيخوخة فيكون غير قادر حتى على الحركة من منزله الي السوق لقضاء حوائجه بينما يكون اثناء الخدمة يترجل من مسكنه الى مقر عمله على رجليه او على دراجة هوائية (بسكليت) اي أن العمل يكسب الانسان نشاطا وحيويه..والآن وبعد تثبيت سن التقاعد عند الخامسة والستين، هناك جوانب ينبغي النظر فيها مثل تحسين شروط الخدمة للعاملين وتحسين بيئة العمل نفسها في القطاعين العام والخاص وعدم لجوء المؤسسات العامة للخصخصة كخيار لأن من شأن ذلك تشريد آلاف العمال وحدوث فقر والدولة تعمل على محاربة الفقر فهذه مسائل يستطيع الاتحاد العام معالجتها مع الدولة مثلما استطاع رفع سن المعاش.. وهؤلاء العمال الذين يمثلهم الاتحاد هم صناع الانتاج فجوال السمسم الذي يصدر للخارج ليأتي بالعملة الصعبة لخزينة الدولة من الذي يحصده؟ ومن الذي يضعه على ظهر الشاحنة المتجهة لميناء الصادر؟ انه العامل الكادح والدولة ترفع شعار "بالانتاج لن نحتاج". خالد محمد إسماعيل.