بقلم : محمد الطاهر العيسابي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته -1- بالأمس أرسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء من بلدتنا الوادعة ، مشهد خلابا لحقول الفول المصري المخضرة بأرضنا البكر الطيبة وأنا مفتون بحب قريتي متعلق بأثوابها ، مزارع الفول كانت في قمة جمالها وحليتها التي تسحر العقول ، مشهد يشرح الصدر و يرد للنفس عافيتها و نضارها ولسنابل الفول المصري الخضراء الزاهية الطرية ذكريات مرتبطة بطفولتنا الباكرة ، حينما كنا نقوم ( بقلي حبات الفول الخضراء الطازجة ) وهي وجبة شهية ذات مذاق ممتع و مميز ، لحد أن قيل فيها ( الفول المقلي الجنن عقلي ) ، وأنا أتمعن هذا المنظر الخلاب الذي يسحر الألباب وأجتر الذكريات ، تراءى أحد مشاهد صباحات قريتنا الفاتنة التي ترقد في حضن النيل أمام عيني ، ورسم في دواخلي لوحة من الجمال لاتكاد تفارقني . -2- ففي ذاك الصباح الجميل ، كانت السماء صافية ، والشمس ترسل أشعتها الذهبية على قطرات الندى المرصعة على أوراق الزهر النضر كأنها حبات ألماظ نظمن بدقة ، وجداول المياه تنساب بين الحقول ، وتغاريد العصافير الجميلة تطرب الأسماع .والنسيم العليل يهب برائحة اللوبيا وأزاهير الفول والبرسيم . كان العم ( ودأحمد ) وسط كل هذا الجمال ، وهو يمسك بمعوله، متحزما ثوبه مكفكفا أطرافه لكي لا يقع في الماء ، مترنما بإحدى مدائح حاج الماحي الندية ، عيب شبابي الماسرح والله لاب شوقا جرح قام العِبيدْ من نومو صَحْ لقا جنبو لبناً في قدح سَمّى وشِرب زيّن اتنتح حمد الإله حالو إنصلح جَدْ في السؤال لى ربّو لَحْ قال يا كريم بابو انفتح أعطوه تفاحات بلح حين ذاقا قال دمّاعو تح رادلو الجليل قلبو انشرح طاب قلبو مسرور بالفرح تحضر إليه زوجته ( نعيمة ) وهي تمشي الهوينى بلا عجل ، إمرأة فارعة الطول مشدودة القوام ، فائقة الجمال ، تحمل على رأسها صرة ملفوفة بقطعة من ثوبها القديم ، تدس فيها صحن ( قراصة ) بالمفروك من السبروق ، هو إفطار زوجها المتعب المهدود . يمسح ( وداحمد ) حبات العرق المتلألأة و التي يسيل بعضها على وجهه ، ويخرج من وسط زرعه مستنشقا النسيم العليل وينادي بكرمه المعهود فيمن حوله (للفطور ) ، ويقتلع من حافة جدوله ، حزمتي بصل وجرجير ، ويتحلق الجميع حول كسرة ( زوجته المصون ) تحت ظل شجرة وارفة تتدلى على ( عنقريب ) متهالك وزير ماء بارد ، بينما ( نعيمة ) هناك تجمع بعض الأعواد اليابسة لصنع الشاي ، هو مشهد رائع تطرب له المشاعر والأحاسيس يتكرر كل يوم بسواقي أهلي الغبش ، الذين لا يعرفون المراء أو الرياء ، وكأن الطبيعة الساحرة تجلي قلوبهم من كل ران . -3- هم كما قال فيهم ( ألياس أبوشبكة ) يا بعيداً عن البشر أنت لاتعرف الشرور تعرف الماء والحجر والأعاصير والزهور . شكراً جزيلا صديقنا الباشمهندس ( خالد ) وأنت تسوقنا بصورك الرائعة التي زينت بها صباحنا إلى أرضنا الطيبة التي تطرح الجمال و الخيرات ، وتعيدنا لطفولتنا الزاهية ، وتعيدنا لأيام كنا لب هذا الكون ، والباقي قشور ، أيام تفرش سبلنا الدنيا بأوراق الزهور وتمر أيام الحياة بنا، كأسراب الطيور بيضاء لاعبة، مغردة مجنحة بنور وترفرف الأفراح فوق رؤوسنا أنّى نسير . إلى لقاء ..