قمة سد النهضة بين المخاوف والحقائق تكتم واضح حرصت أن تلتزم به الجهات السودانية الرسمية حول ما يتعلق ببنود اتفاق سد النهضة الذي من المقرر أن يوقع عليها رئيس الجمهورية والرئيس المصري عبد الفتاح السياسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين. القمة الرئاسية التي يتراوح وقتها بين ساعتين أو ثلاث غدا الاثنين، لن تكون قمة مشاورات ومباحثات للتوصل لتفاهمات حول مشروع سد النهضة إنما لقاء بروتوكولي للتوقيع على اتفاقية وصفتها الخرطوم "بالتاريخية"، ومع ذلك، فإن إعلام كلا البلدين في مصر وإثيوبيا أبدى بعض المخاوف وأشار إلى تردد محتمل في التوقيع. تقرير: لينا يعقوب في الوقت الوقت الذي أشار فيه مصدر مطلع ومعني بملف سد النهضة في حديث خاص ل(السوداني) إلى أن الاتفاقية راعت الجانب المصري ووفرت ضمانات جادة حال حدوث أي مشاكل مفاجئة من شأنها التأثير على مصر، ودفع التعويض الكامل عن أي ضرر، وتوفير قروض مليارية تهدف إلى إنشاء دراسات وتصاميم هندسية وليس انتهاءً توفير تعهدات من الجانب الإثيوبي بالالتزام لما سيصدره المكتب الاستشاري الذي سيكون من خبراء فنيين بين دول حوض النيل الثلاث. المصدر أشار أيضا إلى أن الاتفاقية تشمل مراجع للتعامل مع الملف اعتمادا على القانون الدولي واتفاقية الأنهار الدولية العابرة للحدود، وأيضا إلى تفاهم في كيفية وتوقيت تشغيل السد. رضا السودان وزير الخارجية علي كرتي في تصريحه الخاص ل(السوداني) فضل أن لا يخوض في التفاصيل لكنه وصف الاتفاق بالإنجاز التاريخي، باعتبار أن مصر سيكون لها وثيقة منفصلة في تكييف علاقتها مع السد، وكشف أن الاجتماع الرئاسي المنعقد في الخرطوم غدا الاثنين وضع أساسا لإنهاء أي خلافات حول سد النهضة يمكن أن تنشأ مجددا بين دول حوض النيل، وقال إن إثيوبيا ستكون لها وثيقة للمرة الأولى تشير إلى وجود توافق حول السد خاصة أنها كانت تواجه بمواقف من منظمات عديدة متضامنة مع الموقف المصري، في حين أن مصر ستكون لها وثيقة منفصلة لكيفية العلاقة مع إدارة السد والاستفادة من المياه وأشياء أخرى. واعتبر الوزير أن هذا أول توافق يحدث بين الدول الثلاث بعد اجتماعات فنيه عديدة لم تفلح في التوصل لنتيجة. اجتهاد وزاري الاتفاق كما يعلم المقربون من الملف تم التوصل إليه بين وزراء الخارجية بعد أن فشلت اللجان الفنية في إحداث أي تفاهمات وتمسكت بمواقفها، فكان أن طلب وزير الخارجية علي كرتي من الخبراء الفنيين من السودان تقديم طلب بترفيع اللجنة إلى "وزارية"، وبعد أن تم ذلك دارت هناك تفاهمات أدت إلى التوصل لتوقيع اتفاقية مبدئية، كانت الترتيبات جارية بدءا ليتم توقيعها في القاهرة تزامنا مع المؤتمر الاقتصادي، غير أن بعض المسائل المعلقة إضافة إلى طلب السودان أن يكون التوقيع في الخرطوم أسهم في تحديد ال23 من مارس الجاري لقعد القمة الثلاثية بين السودان ومصر وإثيوبيا. عقبات متوقعة إن كانت الاتفاقية وضعت أساسا لتفاهمات بين الدول الثلاث فذلك لا يعني عدم وجود خلافات أو عقبات ربما تواجه الدول الثلاث بعد التوقيع. وبحسب خبراء فنيين، فإن سعة السد الكبيرة هي أكبر المخاوف التي تواجه مصر، ففي ندوة حول سد النهضة الإثيوبي نظمها المركز العالمي للدراسات الإفريقية بالخرطوم الخميس الماضي، ذكر عدد من الخبراء السودانيين تأثيرات وصفوها بالكارثية على السودان جراء الارتفاع الكبير لسد النهضة وحجمه الضخم, وحذروا من مغبة تعرض السد لأي استهداف عسكري, أو إخفاقات فنية, ونبهوا إلى أن السودان سيتضرر في حال انهار السد بأكمله وليس إثيوبيا. وانتقد مدير كرسي اليونسكو للمياه الخبير السوداني عبد الله عبد السلام, تكتم المسؤولين السودانيين على المعلومات المتعلقة بالسد وإخفائها عن الخبراء, واعتبر إنشاء السد قضية أمن قومي تهم الجميع, ويجب عدم إدارة هذا الملف بطريقة أمنية. وشدد على ضرورة توضيح الحقائق وتمليك المعلومات للرأي العام, موضحا أن إنتاج الكهرباء من السد لن يكفي احتياج إثيوبيا التي أكد أن استهلاكها يزيد سنويا بنسبة 30%, ولفت إلى أن التحديات التي تواجه السد تتمثل في حجمه الضخم البالغ 74 مليار متر مكعب, بجانب ارتفاعه الذي يصل إلى 145 مترا, وكشف عن حدوث انهيار لبعض الخزانات المماثلة في العالم. ذات المخاوف ويبدو أن المخاوف التي عبر عنها الخبراء الفنيون هي ذات المخاوف التي تشعر بها مصر، فبحسب تسريبات صحفية، طالبت مصر بتخفيض سعة تخزين (السد) من 74 مليار متر مكعب إلى 11 مليارا، غير أن الجانب الإثيوبي أبدى اعتراضا على نسبة التخفيض الكبيرة الأمر الذي سيؤدي إلى ظهور وساطات بين الجانبين للتوصل لصيغة رقمية ترضي الطرفين. ورغم ما أعلنته إثيوبيا في مرات سابقة من أن بناء السد لن يتوقف ولو ليوم واحد إلا أن الرد المصري جاء هادئا وباردا هذه المرة على لسان وزير الري والموارد المائية حسام مغازي، الذي أشار أمس في حديث لصحيفة الوطني إلى أن ما تم بناؤه فعلياً من السد أو ما يجرى بناؤه حتى الآن لا يتجاوز الحدود التي تقبل بها مصر، وبالتالي لا ضرر من استكماله، مضيفا أن الجانب الإثيوبي يتساءل "لماذا تطلب منا مصر تعليق البناء ونحن في مرحلة منه لا تضر بهم، فلم الاعتراض عليها؟" مؤكدا أنهم يعرفون جيداً ما يحدث في ملف السد الإثيوبي أولا بأول. وأقر مغازي بأن المشكلة تم حلها تمام، إلا أن الجانب الإثيوبي متعهد باحترام نتائج وتوصيات اللجنة الفنية والمكتب الاستشاري.