لا شك أنكم تعرفون الكثير عن حرب (داحس والغبراء) التي كانت في الجاهلية بين عبس وذبيان والتي استمرت أربعين عاما شهدت أشرس قتال بين بني العمومة في القبيلتين والتي انتهت بصلح خلده زهير بن أبي سلمي في معلقته فمدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان اللذين دفعا ديات القوم وحقنا الدماء. هذه الحرب تلوح بخاطري كلما أسمع خبرا عن تنظيم (داعش) وما يقال عنه في الإعلام وما يعكس عنه من فظائع ، مثلما تظهر كلما أقرأ أو أسمع عن هذا التنظيم ، فكل ما يدور حوله يشير إلي استمرار حرب طويلة الأمد في منطقة الشام والعراق ولها قابلية التمدد في كثير من الدول ! ربما أكون متأثرا في رأيي هذا، بالآلة الإعلامية الضخمة الموجهة بشدة ضده والتي ما تنفك تطالعنا كل يوم بما يقنعنا بالخوف من هذا التنظيم ، فإذا وضعت في الاعتبار هذه النسبة من التأثر فإن المتبقي الدافع للخوف من مآلات الحرب في المنطقة ،يأتي من معرفتي بما تقوم به الولاياتالمتحدة من حروب لتقوية اقتصادها وفرض هيمنتها وما أفرزه ذلك من وجود تجارة سلاح يستفيد منها كثيرون سيسخرون كل مقدراتهم لاستمرار الحرب! نحن في العالم الاسلامي ضحايا استعمار جديد يفرض نفسه علينا بخبث ، يحرك الدبلوماسية الناعمة مدعومة بالآلة الحربية الفتاكة مسنودا بأموال طائلة ! هذا التحالف يصنع لنا الأزمات ويرعاها ويحاربها فيطحننا طحنا ، تارة باسم الديمقراطية وأخرى باسم الحرية وثالثة باسم الأمن القومي الأمريكي ، وفي ظل هذا الوضع يستحيل تمييز الحقيقة من الخداع ويصعب تمييز الحق من الباطل وداعش افراز من افرازات هذا الوضع! (داعش) إن كانت تجمع للسنة وهم صادقون يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا ، أو تجمع لمجموعة من المهووسين الارهاربيين أو صنيعة استخبارية أمريكية أو كانت غير ذلك ، فهي مرحلة من مراحل حرب استنزافية ستدخل كثيرا من الدول الاسلامية في أزمات اقتصادية وستفتك بالانسان المسلم في المقام الأول والانسان العربي في المقام الثاني، وهي المرحلة الثانية من الحرب الصليبية التي اعلنها (بوش) ضد الإسلام في سقطة لسانه المشهورة ، وهي مرحلة تاريخية توضح كيف يطحن الضعفاء بين سنابك الأقوياء! بالمناسبة لا أعتقد أن الاسم (داعش) مجرد مختصر تجميعي لحروف الدولة الاسلامية بالعراق والشام ، فإني اشتم فيه تصميما دعائيا موحيا يحيلنا لكلمة (داحس) يشير إلي استمرارية هذه الحرب مع التذكير بكوننا ما زلنا مجتمعا متخلفا وهينا ومستباحا ويمكن أن يعود لعصر (داحس ) والغبراء! مجرد خيال شاعري لا غير!