سد النهضة...اتفاق النقاط العشر قبيل وصول طائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دار همس محدود في صالة الوصول بمطار الخرطوم أن الاتفاق المنتظر لن يوقع، لأن خلافات حادة وقعت مساء (الأحد) من قبل الجانب المصري قد تؤخر التوقيع على الوثيقة، الهمس الذي استمر لحين هبوط طائر السيسي أرض المطار، تلاشى بعض الشيء بعد مشاهدة وفد إعلامي مصري كبير ينزل من سلم الطائرة.. مسؤول سوداني في حديثه ل(السوداني) لم ينفِ وقوع الخلاف مساء (الأحد) وإن لم يكن حاداً على حد وصفه، فقد أشار إلى أن الاتفاق وافق عليه وزير الخارجية المصري سامح شكري وأيضًا وزير الري والموارد المائية حسام مغازي، غير أنهما عادا وطالبا بإدخال تعديلات على الاتفاق وهو ما يخالف العرف الدبلوماسي على حد وصفه. غير أن الخلاف المتمثل في نقطتين، تم تداركه باجتماعات مكثفة، تراضت خلالها الأطراف الثلاثة. تقرير: لينا يعقوب ==================== وصول الرؤساء ... لحظات التقاط الأنفاس أكثر من ثلاثين سيارة رئاسية أقلت الوفد المصري الذي وصل إلى المطار في الحادية عشرة وعشرين دقيقة، عربات (الاعتراض) بشكلها المميز كانت حاضرة وهي التي تستخدم في قطع أي ذبذبات تقترب من الموكب المتحرك وتشوش على أي وسيلة اتصال يمكن أن تعترضه. هي عربات تدل على درجة التأمين العالية من الناحية الإلكترونية غير عربات الحراسة الأخرى التي رافقت الوفود الثلاثة.. فأول الوفود التي وصلت كانت برئاسة نائب رئيس جمهورية جنوب السودان جيمس واني إيقا الذي كان برفقته اثنان من المستشارين وثمانية وزراء ووزير دولة بالإضافة إلى عشرات الموظفين. اعتذار الرئيس سلفاكير قبل أقل من 24 ساعة من مراسم التوقيع أربكت المشهد السياسي قليلاً حول الدوافع والأسباب خاصة أن سفارة دولة الجنوب هي التي أعلنت عن زيارة سلفا للخرطوم، غير أن وزير الإعلام مايكل ماكوي أوضح في حديثه ل(السوداني) أن الرئيس سلفاكير وصل إلى جوبا في وقت متأخر من مساء (الأحد) قادماً من موزمبيق حيث شهد احتفالا هناك مما صعب عليه السفر مباشرة في اليوم التالي صباحاً إلى الخرطوم، وأشار إلى أن الاحتفال انتهى في وقت متأخر- غير الموعد المحدد – مما أدى إلى إحداث تغيرات تمثلت في ابتعاث نائبه وعدد من الوزراء. دقائق لم تطل، وهبطت الطائرة الرئاسية الإثيوبية التي تقل رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام ديسالين برفقة وفد يضم أهم وزرائه هما وزيرا الخارجية والري الموارد المائية.. الرئيس البشير كان في استقباله مع عدد من الوزراء والمسؤولين الذين اصطفوا بالقرب من التشريفة الرئاسية التي عزفت نشيد العلم لكلا البلدين.. بعد عشرين دقيقة وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وفد رفيع المستوى ورجال كُثر من المراسم والتأمين يرتدون جميعهم نظارات شمسية متشابهة كأنها كانت تدل على هويتهم. ================== أسرار خلافات اللحظات الأخيرة مصدر مطلع كشف ل(السوداني) أن مساء الأحد ظهر خلاف قبل توقيع اتفاقية المبادئ الأساسية بين الدول الثلاث حول كلمة "التزام"، وذلك بعد أن وافق وزيرا الخارجية والري المصريان، الأمر الذي دعا أثيوبيا أن تطلب الاكتفاء بكلمة احترام، فيما صممت مصر على أن يكون هناك التزام وليس احترام، فتم التوصل إلى صيغة نهائية تنص على التزام الدول الثلاث باحترام الدراسات الفنية، أما الخلاف الآخر يتمثل بطلب مصري بشأن المساهمة في جانب الربح أو الخسارة من السد، عن طريق المساهمة بمبلغ مالي، سواء من خلال التمويل أو شراء أسهم، وهو ما رفضته أثيوبيا. ============== تشابك الايدي .. مشهد صنعه البشير غداء الوزراء الذي استغرق وقتاً لم يمكن الصحفيين من الحوار مع وزراء مصر وأثيوبيا، غير أن المستشار أحمد أبو زيد مسؤول ملف مياه النيل في مكتب وزير الخارجية لم يبخل بكشف تفاصيل الاتفاق الذي لم يكن موجوداً في كلمات الرؤساء الثلاثة. فقد كشف أبو زيد في حديث ل(السوداني) وصحيفة أخرى، أن الاتفاق أكد على تفادي حدوث أي ضرر لأي من الدول الثلاث لكن في حال حدوث ضرر لابد من وجود تعويض، مضيفاً أن الاتفاق شمل 10 مبادئ أساسية كان لمصر بدءاً اختلاف حول بندين فيها، وذكر أنهما تمثلا في التزام الدول الثلاث باحترام القانون الدولي للحدود، وضع قواعد تشغيل السد بالشكل السنوي بِما لا يضر الدول من خلال مشاركة الدول في وضع قواعد تشغيل السد، الاتفاق على أن ذلك يتم بعد توقيع العقد مع المكتب الاستشاري، الاستخدام العادل والمنصف للمياه وعدم الضرر، احترام استخدامات المياه في الدول، مع الاتفاق على آلية مشتركة من جانب وزراء الري بالدول الثلاث لوضع قواعد الملء الأول لبحيرة السد. أبو زيد أشار إلى أن لجنة خبراء وطنيين من مصر والسودان وأثيوبيا أوصت بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى: حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة للسودان ومصر بإنشاء السد، والثانية: تتناول التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على السودان ومصر جراء إنشاء هذا السد. وتتكون لجنة الخبراء الوطنيين من 6 أعضاء محليين (اثنان من كل من السودان ومصر وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود. عند الساعة الثانية والنصف ظهراً أنهى الرؤساء الثلاثة كلماتهم في صالة القصر الجمهوري الجديد واتجهوا نحو المنصة التي أعدت بعناية مراسيمية للتوقيع ، بالفعل بدأ التوقيع والذي استمر نحو خمس دقائق لتصفق القاعة للحدث الكبير، أما المشهد الأبرز هو تشابك أيدي الرؤساء الثلاثة وهو مشهد بادر به الرئيس البشير فالتقطته الكاميرات ليتحول إلى صورة في كل المواقع الإلكترونية ووكالات الأنباء واستخدم كمدخل لكثير من التقارير التليفزيونية. ================== كرتي.. رسائل لوم وعتاب للإعلام المصري وزير الخارجية علي كرتي الذي يعتبره البعض أكثر الوزراء إسهاماً في إنجاح هذا الاتفاق، للدور الذي لعبه بعد تعثر اللجنة الفنية في الوصول لأي تفاهمات، أكد بأن الوثيقة غير معنية بالتقاسم حول مياه النيل نافياً وجود أي مساس بالحقوق المعمول بها حالياً في مياه النيل، وقال في حديثه ل(السوداني) إن هذا الأمر ينبغي أن يكون واضحاً للإخوة في مصر، متهماً الإعلام المصري بلعب دور سالب في القضية. وأشار إلى أن الوثيقة مقدمة من وزراء خارجية الدول الثلاث ومعهم وزراء المياه توضح كيفية الاستفادة من السد، مضيفاً أن أثيوبيا لها أغراض خاصة من أجلها أقامت السد أهمها الحصول على الكهرباء وهو ما يتطلب موافقة الدولتين وكيفية إدارة حركة المياه مشيرًا إلى أن هذا ما ركزت عليه الوثيقة. ورغم أن البعض أشار إلى تفاهمات قد تحدث بين السيسي وديسالين خلال زيارة الأول لأديس أبابا وإجرائه مباحثات حول موضوع السد إلا أن كرتي نفى أن تؤثر المباحثات على الوثيقة، خاصة بعد أن توافق عليها رؤساء الدول الثلاث. ============== معتز موسى ... حالة رضا وسعادة أما وزير الكهرباء معتز موسى، بدا سعيدًا وهو الذي دخل في اجتماعات مكثفة مساء أمس الأول بعد أن أبدى الجانب المصري تردده حول كلمات في الوثيقة، واعتبر الوزير في حديثه ل(السوداني) أن حضور دول جنوب السودان، رواندا، أوغندا، كينيا، وزراء الطاقة والداخلية وعدد من الداعمين الدوليين في البنك الدولي بالإضافة إلى ألمانيا ومنظومة الاتحاد الأوروبي والإيقاد والجامعة العربية لحضور هذا الاتفاق الأول من نوعه هو إنجاز وطني خالص. وقال موسى إنهم قطعوا شوطًا كبيرًا بوصولهم لاتفاق حول سد النهضة الذي يعد استثماراً فعلياً يعيد تنظيم جريان النيل بشكل حقيقي وأكد أن الاتفاق سيعطي ضوءاً أخضر لتهتدي به جميع الدول في المنطقة والإقليم وذكر أن الخطوة القادمة تتمثل في تنفيذ الاتفاق، والاستمرار في المسار الفني وإعداد الدراسات في أقرب الآجال المتفق عليها لتأسيس تشغيل السد ومن ثم استدامة التعاون في تشغيله مؤكدًا أن الملف شأن قومي وليس حزبي وأن الدراسات المعدة أشارت إلى عدم وجود ضرر وأن الآثار السالبة مقدور عليها ويمكن تحاشيها بسياسات وأعمال. ============== نونو كومبا.. حضور لافت شكلت حضورًا ملحوظًا أمام وسائل الإعلام وزير الري والكهرباء بجنوب السودان جيمي نونو كومبا التي قالت في تصريحات صحفية إن الوثيقة تعد نهجاً لمعالجة القضايا المتعلقة بحوض النيل ومن المهم مناقشة ودراسة كيفية إدارة موارد الحوض وأبدت أملها أن يشمل التعاون والتنسيق بقية دول الحوض الأخرى وأن تتوافق الدول لتحقيق الفائدة لشعوب المنطقة وهذا النوع من التعاون له تأثير على التنمية الاقتصادية لشعوب الدول الثلاث. ============= لحظات الوداع الرئيس البشير الذي استقبل كل من ديسالين والسيسي، لم يقم بتوديعهما في المطار، الذي غابت عنه معظم المظاهر الاحتفالية، وبحسب مصدر موثوق أن رئيس الوزراء الأثيوبي غادر أولاً بعد أن ودع الرئيس وترك معه السيسي الذي تحرك هو الآخر بعد ربع ساعة إلى المطار، وأشار المصدر إلى أن هذا الإجراء متبع في المؤتمرات العامة، حيث يستقبل الرئيس الرؤساء ولا يودعهم، كما أن الرئيس البشير كان له ارتباط مسبق باحتفال جماهيري متعلق بالانتخابات. وبذلك كانت أعداد المغادرين هذه المرة أقل من المستقبلين. ===========