والتي انتقلت إلى جوار ربها راضية مرضية فجر الأحد الموافق الأول من مارس 2015. تتناثر الحروف والكلمات في رثائك يا أمي كعقد فخيم مفروطة حباته. وكل المفردات تتوارى خجلاً في حضرة فقدك العظيم. فكم يعز علينا حين ندير أعيننا نبحث في مكانك ولا نراكي ... و قد كنتي ترقدين على سريرك الوثير والذي ملأتيه برغم جسدك النحيل بصبرك الكبير ويقينك الجميل، كنا نظنه سرير الشفاء والتعافي... ولكنه كان سرير الرحيل. لم تلوحي لنا كعادة الراحلين ولم تودعي ولم توصي ... رحلتي وأنتي تغطين في نوم عميق، بصمت وهدوء كعادتك يا أمي يا ذات الوجه الصبوح السمح القسمات. آه يا أمي آه ...من يطفئ جمر وجع فراقك، ومن يخمد عظم نيران فقدك الأبدي؟ وإنا يا أمي على فراقك والله لمحزونون. كل إنسان في دنياه مكتوب له يوم فالموت حق والأمر محتوم ولكن عندما نذكر ظلمة قبرك وصمته وجموده ... ونجزع... نقول لأنفسنا لا، لأنك لا ريب منطلقة الآن كحمامة بيضاء في سماوات العلا، نائمة بين الغيوم فوق سرير الأبدية. كيف لا وأنتِ يا ذات العقل المستنير كنتِ كالغصن المورق النضير النامي من طيب آل السناهير، أهل الدين والصلاح والخير الوفير...كيف لا وأنتِ كنتِ تحملين قلبا صافيا كماء رقراق لا يعرف حسداً و لا كرهاً ولا تعالياً...كيف لا وأنتِ من ساهرتي وربيتي وعلمتي. يا أمنا يا حياة يا من كنتِ حياة بيتنا وروحه وعطره وأنفاسه... وقد كنتِ النشيد. لقد امتدت إليك يد المنايا وخطفت ذات فجر أسود وحزين روحك الطاهرة الغالية. ولكن ليس أمامنا سوى أن نصبر أنفسنا على هول فراقك ونخدعها كما يخدعون الأطفال الصغار عند رحيل آبائهم وأمهاتهم ...ونقنعها بأنك مسافرة في رحلة بعيدة مجهولة المحطات ولاريب أنك سوف تعودين ذات صباح بهي كطلتك المشرقة. لا نستنكر عليك الموت يا أمي فالله استرد أمانته،ونحن على يقين بأنه سيحسن وفادتك وإكرامك ويرأف بك ويرحمك على قدر نقاء سريرتك وحسن أقوالك وطيب أفعالك. وفي الختام نرفع أيادينا لرب السماء وندعو لكي بأن يجعل قبرك ضياء ونورًا دون انطفاء. اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها،واعف عنها،وأكرم نُزُلها، ووسع مُدخلها، وأغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأجرها من عذاب القبر ومن عذاب النار، وأدخلها الجنة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. ونعرب عن عظيم شكرنا وتقديرنا لكل من واسانا في فقدنا الجلل. زوجك خليل هاشم أمين وابنك محمد وبناتك شذى وندى و داليا وسماح.