بالصدفة استمعت قبل يومين لبرنامج على إحدى الإذاعات (الشهيرة جداً)، ذلك البرنامج (الغريب) و(المريب) جداً والذي يحاول أن يعالج غياب الرومانسية عن البيوت السودانية بطريقة (سمجة) و(مقززة) للغاية. تخيلوا معي أن مذيعة ذلك البرنامج استعاضت خلال برنامجها (السجمان) بمفردة (تحويل الرصيد) لوصف (المشاعر والأحاسيس)؛ فمثلاً هي تقول للمتصلات: (أها... وطيب لو راجلك ماعبَّى ليك رصيد كويس تعملي ليهو شنو عشان يحول ليك)؟... (بالله دا كلام دا)..؟ الطريف في الموضوع أن أحد المتصلين من الرجال عندما سألته تلك المذيعة عن حلوله في مواجهة صعوبة تقبل زوجته ل(الرصيد)، أجابها بكل ثقة: (طوالي بمشي أجيب لي موبايل جديد) ويقصد بذلك زوجة جديدة لتضحك المذيعة... ويضحك الزمان على إذاعة باتت تحتاج ل(الضبط والربط) أكثر من (البث والاستمرارية)!. قلت من قبل وأكرر، لابد أن تعي هذه الإذاعات جيداً الدور الذي تلعبه في المجتمع السوداني، ولابد أن يفهم القائمون على أمرها أنهم يخاطبون شرائح متعددة داخل هذا المجتمع، منها (الأمي) ومنها (المثقف) ومنها (المراهق)، لذلك لابد أن تكون هناك مسؤولية في المقام الأول، ولابد كذلك أن يكون هناك أيضاً وعي كاف بردة الفعل تجاه ما يقدم لهذا المستمع. قبيل سنوات أخبرنا الأساتذة في الجامعة أن الإذاعة تعتبر من أهم الوسائل الاعلامية وأكثرها وصولاً للجمهور، وذلك لتوفر عنصر (الحميمية) ما بينها والمستمع بالقدر الذي يجعل المستمع يشعر بها تخاطبه بصفة شخصية، بينما حدثونا كذلك عن ضرورة توفر عنصر (الخيال) لمذيعي الإذاعة، وذلك ليعوِّضوا غياب عنصر (الرؤية) عنها، وبصراحة لو استمع أساتذتنا أولئك لما تبثه هذه الإذاعات مؤخراً لغيروا رأيهم في كل ما قالوا، ولتبرؤا من تلك المعلومات نهائياً. جدعة: شخصياً.. أنا معجب جداً بتجربة إذاعة (هلا)، تلك الإذاعة الوليدة التي نجحت وبقدر كبير في فرض اسمها، واستطاعت أن تكسب جمهوراً عريضاً، لأنها تحترم المادة التي تقدمها لمستمعيها و(تحترم نفسها) قبل كل شيء، لذا فهي من وجهة نظري الشخصية الأميز والأفضل بين كل الإذاعات الموجودة. شربكة أخيرة: ياجماعة... الإذاعة دي كان غلبتكم أحسن (تقفّلوها) قبل ما (تكتلوا) ليكم مستمع ساكت!.