وزراء الوطني.. المبشرون بالتغيير تقرير: القسم السياسي الطرفة الموسمية التي يتم تداولها عند تشكيل كل حكومة مفادها: "أن أحد الوزراء أُصيب بوعكة صحية أثناء التشكيل الوزاري، فتفاجأ باتصال هاتفي من الرئيس، فازدادت حمته ورد بصوت متلعثم حبابك يا ريس، فأتاه صوت الرئيس: الصحة كيف يا ...؟، فرد الوزير المتوعك كلوا كويس يا ريس الصحة التعليم السياحة، نحن في خدمة الوطن من أي موقع!"، عادت هذه الطرفة من جديد وبشكل أكثر قوة مستغلة تقنيات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الواتساب، في انتظار أداء الرئيس للقسم وإعلانه للتشكيل الوزاري الذي يجري الآن وضع اللمسات الأخيرة له. مايسترو التشكيل الوزاري بروفسير إبراهيم غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني سعى لوضع حدٍّ للتوقعات بحدوث تغيير كبير في دَستُ الحكم، وهو يقول في حديث سابق ل(السوداني) إن الحكومة الحالية لن تشهد تغييراً كبيراً، عازياً ذلك إلى أن هناك وزراء لديهم (16) شهراً فقط في الحكومة. بعدها كشفت مصادر مطلعة ل(السوداني) أن التعديل في وزراء المؤتمر الوطني في الحكومة سيكون بنسبة %40، وهي نسبة تشمل الوزراء الاتحاديين ووزراء الدولة. وبالنظر لتركيبة مجلس الوزراء الحالي نجده يتكون من 31 وزارة، و37 وزير دولة، منهم 20 وزيراً اتحادياً ينتمون للوطني، نجد أن أبرز من أعلنوا زهدهم في الاستمرار في مناصبهم الحالية؛ مثل وزير الخارجية علي كرتي ووزيرة التربية والتعليم سعاد عبد الرازق، في ذات الوقت تشير التسريبات إلى اتجاه لإعادة وزارة التعاون الدولي وإسنادها لمصطفى عثمان إسماعيل بحكم خبرته الكبيرة في هذا المجال. ويبدو التغيير الأكبر الذي ينتظر وزراء الوطني في القطاع الاقتصادي حيث التحدي الأكبر الذي يواجه السودان، لا سيما وأن البشير وعد في برنامجه الانتخابي بتحقيق الرخاء، وبناءاً على هذا التقدير فسيخرج بعض الوزراء الاتحاديين عن الحكومة، وقد يغير بعضهم من موقعه الوزاري أو الحكومي. الصعوبة الحقيقية لا تقتصر صعوبة المشاورات على التشكيل الوزاري في التفاوض مع الأحزاب المشاركة، بل تكمن صعوبته الحقيقية في توزيع المقاعد داخل الحزب الحاكم نفسه، ووفقاً لمحاصصات بعينها. في ذات الوقت بدأ قطاع الشباب بالوطني في الضغط للحصول على مقاعد أكبر في الحكومة المقبلة، وليس بعيداً عن هذا الأخبار التي تقول إن هنالك قائمة خمسينية من الشباب ليتم الاختيار منها، وما تزال قوائم الشباب تتدافع مطالبة ببقية "الحصة" عبر أمانة الشباب التي يرى مراقبون أن الكثير من الفئات الشبابية باتت ترى فيها "المعبر" الناقل لضفة السلطة، الأمر الذي جعل الهوة تتسع ما بين شباب المؤتمر الوطني وشباب الوطن الذين عبروا عبر واجهات عدّة عن انتقادهم لهذا المسار، واعتبروا أن ما ينادي به شباب المؤتمر الوطني من تغيير لا يتجاوز واقعهم كعناصر منتمية لحزب حاكم تريد تغييراً ضيقاً تتعاقب فيه على القيادة دون النظر إلى حاجة الوطن للإصلاح والتغيير، وهي انتقادات وإشارات ظلّت تتوافق مع آراء تيار "المحافظين" داخل الحزب، ما دفع نائب رئيس الحزب السابق د.نافع علي نافع للقول: "إن أوضاع السودان لا تحتمل التجريب"، في إشارة لعدم إمكانية الدفع بقيادات وكوادر شبابية تفتقد التجربة والتمرُّس للتعامل مع واقع سوداني شديد التعقيد. وهنا يقول المحلل السياسي د.خالد التيجاني في تعليقه، إن الأمر المُهم الذي يجب أن يُقدم عليه غندور، هو إجراء عملية مراجعة موضوعية لأداء الدولة، واعتبر أن إحدى أكبر حلقات ضعف الحكومة الحالية هي "ضعف الأداء التنفيذي"، عازياً ذلك لإقدام الحكومة على المحاصصات. ويمضي التجاني للقول: "إن إدارة الدولة ليست مسألة خاضعة للمجاملات أو الأجندة السياسية"، وقال إن على غندور الإجابة على سؤال مهم في إطار بحثه عن الحكومة الجديدة، وهو: "هل الجهاز التنفيذي الآن مقنع؟"، وقال إن هناك حاجة لجهاز تنفيذي "رشيق ومحدد المهام"، وجهاز فعال لإدارة الدولة، وقال إن نغمة ما يُسمى بالشباب داخل المؤتمر الوطني تجربتها العملية لم تثبت جدواها، لأن المنصب الحكومي مسؤولية كبيرة يجب أن تملأ من قِبَل من يستحقها بجدارة. ويرى أستاذ العلوم السياسية د.حسن الساعوري أن أهم ما يجب أن يركز عليه التشكيل القادم أن يتلائم بملائمتها للتحديات التي تواجه الحكومة، ويقول أن أصعب الملفات التي تنتظرها هي ملف الوفاق الوطني، لذلك لابد من اختيار كوادر قادرة على إنجاح العملية. في وقتٍ يثار فيه تساؤل حول إمكانية عودة الحرس القديم للواجهة، يقول المحلل السياسي د.خالد التيجاني أن عودة الحرس القديم بمثابة فشل في تقديم قيادات بديلة للمؤتمر الوطني يتحمل وزره الأكبر الحرس القديم نفسه، باعتبار أن قيمة القائد الحقيقي في صناعة من يخلفه.