الصديق الضرير.. رائد تأصيل تجربة المصارف الإسلامية الخرطوم: القسم السياسي غَيَّب الموت أمس أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية القانون جامعة الخرطوم البروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير عن 97 عاماً، بعد عمر حافلٍ في مجال نشر الدعوة الإسلامية والعلوم، واحتسبته رئاسة الجمهورية عند الله تعالى، وقالت وفقا لوكالة السودان للأنباء: "رئاسة الجمهورية إذ تحتسب الشيخ البروفيسور الصديق الضرير تقدر للراحل إسهاماته في مجال الدعوة الإسلامية وأنه نذر حياته لخدمة ونشر الإسلام وتحفيظ القرآن الكريم وخدمة الوطن". وتقدمت رئاسة الجمهورية بالتعازي لأسرة الفقيد سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. سليل أسرة علمية يُعدّ البروفيسور الضرير المولود بمدينة أم درمان رائدا بتأصيل تجربتي البنوك الإسلامية والتأمين الإسلامي في السودان؛ وله جهود بارزة في التأليف وله كتب عديدة في هذا المجال، وشارك في العديد من المؤتمرات في البلاد وخارجها، ومُنِح نجمة الإنجاز في البحث العلمي، وجائزة الدولة التقديرية من جمهورية السودان. ينتمي الضرير لأسرة عرفت بالعلم والورع، فقد كان جدّه الشيخ الأمين الضرير شيخ علماء السودان في العهد التركي، تلقّى بعض علوم الشريعة واللغة العربيّة، على يد والده الشيخ محمد الأمين، وتابع دراسته عبر مراحل التعليم النظاميّ العام، فحصل على دبلوم الشَّريعة الإسلامية من كلية القانون بجامعة الخرطوم قسم القضاء الشرعي، وبناءً عليه تمّ تعيينه عاملاً قضائيّاً بالمحاكم الشرعية السودانية، عام 1952م، لكنّه آثر أن يواصل تعليمه الجامعيَّ، فانتقل إلى مصر، والتحق بجامعة القاهرة، حيث تحصّل على ليسانس الحقوق عام 1957م، ثم تحصّل على دبلوم معهد الشريعة الإسلامية من الجامعة نفسها عام 1959م، ثمّ توّج ذلك بنيله شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، بمرتبة الشرف الأولى، من جامعة القاهرة، عام 1967م. بعد نيله شهادة الدكتوراه عمل محاضراً لمادة الشريعة الإسلامية، بكلية القانون جامعة الخرطوم، وقد أطلقت الكليّة اسمه على إحدى قاعاتها الحديثة، تقديراً لعطائه العلميّ الثّرّ. بدأ الضرير العمل إدارياً، ثم أخذ يُدرِّس في كلية القانون بجامعة الخرطوم حتى أصبح أستاذاً للشريعة الإسلامية، كما حاضر في جامعات عربية وأجنبية مختلفة، وبات عضوا في مجمع اللغة العربية في الخرطوم، وفي مجامع الفقه الإسلامي في جدة ومكة المكرمة، ونال عضوية المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراقبة للمؤسسات المالية الإسلامية في مملكة البحرين، وترأس الهيئة العليا للرقابة الشرعية للجهاز المصرفي والمؤسسات المالية وأعمال التأمين في الخرطوم. كتب ومؤلفات للضرير جهود بارزة في التأليف سواء عبر البحوث والدراسات أو الكتب، أبرزها "حكم عقد التأمين في الشريعة الإسلامية"، و"إجماع أهل المدينة"، و"الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي: دراسة مقارنة"، و"نظام الأحوال الشخصية المطبق في المحاكم الشرعية بالسودان"، و"العقد من حيث الصحة والبطلان في الفقه الإسلامي والقانون". ويمتاز كتابه "الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي" باتِّباعه منهجاً علمياً أصيلاً، واستقصاءً دقيقاً لآراء الفقهاء، ودراسة عميقة لمشكلات العالم المُعاصر، حتى توصل إلى نتائج مُثمرة تثبت عجز الحلول غير الإسلامية عن تناول المشكلات الاقتصادية التي يواجهها العصر، وقدرة الإسلام على إيجاد الحلول لها. وقد صدرت له بحوث أخرى عديدة تخص المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية، وشارك في العديد من المؤتمرات في بلاده وخارجها، ومُنِح نجمة الإنجاز في البحث العلمي، وجائزة الدولة التقديرية من جمهورية السودان. حصل الضرير على جائزة الملك فيصل العالمية لعام 1990 لبحثه في مجال المعاملات الماليّة في الشريعة الإسلامية بكتابه "الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي"، وقالت عنه إدارة الجائزة: "من اتباع منهج أصيل، واستقصاء دقيق لآراء الفقهاء، ودراسة عميقة لمشكلات العالم المعاصر، حتى توصّل إلى نتائج مثمرة بيّنت عجز الحلول غير الإسلامية عن حلّ المشكلات الاقتصادية التي تواجه العَالم اليوم، ومقدرة الإسلام، دين الله الخالد، على حلّ تلك المشكلات". وأشار د.عجيل النشمي لكتابه آنف الذكر بقوله: "كتاب شاع صيته وذاع في المحافل العلمية حتى حاز جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية، وهو أول كتاب يقدم نظرية متكاملة عن الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي".