بدعوة من المركز القومي للمعلومات، ومن داخل القاعة الجميلة لوزارة التعليم العالي بشارع البلدية، حضرت يوم أمس الثلاثاء منتدى الإعلام الرقمي الخامس، وكان موضوعه (الفرص والتحديات لأورنيك 15 الإلكتروني)، تحت شعار (الطريق الآمن نحو منظومة مالية). حفل المنتدى بالعديد من أوراق العمل الهامة وبمداخلات قيمة من الحضور الذي ضم طائفة واسعة من السياسيين والتقنيين والإداريين والإعلاميين. في المداخلات استوقفتني عبارة قالها المهندس عمرابي مدير شركة الخدمات المصرفية أحد شركاء المشروع حيث قال (مشروع الأورنيك المالي 15 هو أكبر مشروع تقني في تاريخ السودان، حيث يغطي السودان بنسبة 100% لأن كل جزء في السودان فيه تحصيل حكومي، وبالمقارنة فإن شبكات الاتصالات تغطي حوالي 80% من أجزاء السودان). قد يتساءل سائل: كيف يغطي المشروع كل السودان وشبكات الكهرباء وشبكات الاتصالات لا تغطي كل السودان؟ أجاب على هذا المهندس الوليد بشير مدير مركز النيل لتقنية المعلومات، وهو المنفذ الفني للمشروع، حيث قال أن التعامل مع أورنيك 15 الإلكتروني يتم من خلال ثلاثة وسائل: الأولى شاشات إدخال من خلال الكمبيوترات الموصولة بشبكة الانترنت، ويتم الإدخال إما مباشرة لمخدم النظام أو عبر مخدمات الجهات الحكومية المربوطة بالنظام مثل الجمارك والسجل المدني. الوسيلة الثانية هي وحدات طرفية متنقلة تشبه الآي باد وتستخدم شبكات الاتصالات لتدوين المتحصل من المواطن، وارسال المعلومات فورياً لمخدمات النظام، وطباعة إيصال للمواطن. والوسيلة الثالثة هي وحدات متنقلة، كالسابقة، ولكنها تحفظ المعلومات داخلها إذا لم توجد شبكات اتصالات في المنطقة التي تعمل فيها هذه الوحدة. ويتم نقل المعلومات المخزنة فور الدخول لمنطقة جغرافية فيها شبكات الاتصالات. مع إمكانية طباعة إيصال للمواطن في أي وقت. أشار المهندس الوليد إلى وجود احتياطات أمان كبيرة بالنسبة لنظام الأورنيك المالي 15 الإلكتروني، كما أشار إلى أن سعات المخدمات المخصصة للنظام كبيرة جداً وتعمل بتقنية الحوسبة السحابية، علماً بأن المخدمات الرئيسية للنظام هي مخدمات المركز القومي للمعلومات التي تتمتع بأعلى درجات الأمان. الأستاذ مصطفى حولي وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أشار إلى أن المشروع استراتيجي وهو مصمم لخدمة الاقتصاد الكلي، وليس لتحصيل الإيرادات فحسب، فالمعلومات والبيانات التي تتوفر من خلاله سوف تستخدم لاتخاذ سياسات كلية لإصلاح الاقتصاد. هذا الحديث الواضح من الوكيل يبشر أننا في السودان بصدد إصلاحات اقتصادية حقيقية. لقد أشرت في مداخلتي أمام الملتقى لضرورة العمل على خفض عدد وقيمة الرسوم التي يتم تحصيلها من المواطن ومن قطاع الأعمال، فحسب تصريحات وزير المالية والتخطيط الاقتصادي فإن هناك 36000 رسم يتم تحصيلها في أحاء البلاد المختلفة، لقد أسهمت عدة سياسات وقرارات حكومية في تناسل هذا العدد الهائل من الرسوم. حيث تم تأسيس عدد كبير جداً من المحليات التي تفتقر للمقومات الاقتصادية، فهي بلا موارد أو بموارد ضعيفة جداً. لقد تم تأسيسها على أساس سياسي بحت. لا يقدم المركز ولا المستوى الولائي دعماً يذكر لهذه المحليات، وفي نفس الوقت يُطلب منها تغطية الخدمات الأساسية للمواطن مثل نظام الصحة الأولية، والتعليم الأساس، والنظافة، والأمن وغيرها من المهام، تضطر المحلية هنا لفرض واختراع رسوم متعددة لتغطية منصرفاتها. تحصيل هذا العدد الهائل من الرسوم بواسطة المحليات أدى لتشويه التجارة والزراعة والصناعة وكافة الأنشطة الاقتصادية. كما أدى لانتشار وتعمق الاقتصاد الخفي، ولتلوث البيئة، ولانتشار البطالة. تطبيق أورنيك 15 الإلكتروني فرصة لإعادة تخطيط المشهد الاقتصادي برمته، بما في ذلك معايير قسمة الثروة، وإلغاء أو دمج بعض المحليات، وإلغاء العديد من الرسوم لتحريك القطاع الخاص، وبالتالي تحريك الاقتصاد وفك جموده. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته