عندما اغقلت آبار النفط فتح الله على البلاد بآبار جديدة اقل تكلفة واكبر عائدا، انها آبار الذهب التي اصبحت اكثر الموارد عائدات من معدات يخف وزنها ويغلو ثمنها. في المجلس الاستشاري لوزارة المعادن الذي تشرفت جداً بعضويته وبرئاسة لجنته الاعلامية كان اجتماعه الاول صباح الاحد عبارة عن عصف ذهني قدمه الوزير كمال عبد اللطيف.. جهود متسارعة وضعتها وزارة المعادن في برنامج اطلقت عليه البرنامج المتسارع للانتاج المعدني. البرامج مثله دائماً ما تكون ثلاثية أو خماسية اي انها تأخذ ما بين ثلاث إلى خمس سنوات كبرامج اسعافية لكن برنامج وزارة المعادن رغم انه ثلاثي لكنه لثلاثة اشهر فقط.. اي أن طاقم الوزارة حدد ماذا يريد خلال شهور وهو عمر البرنامج المتسارع. اصغر برنامج اطلع عليه طيلة حياتي المهنية.. ورغم انه متسارع حسب عنوانه الا أن ما حواه يبدو لك أنه مجهود دراسات وبحوث ومعلومات وفق معطيات حقيقية امتدت لعشر سنوات. البرنامج حدد النتائج التي يمكن أن تتحقق خلال هذه الفترة القصيرة من عائدات للذهب عن طريق التعدين الاهلي بأنها اكثر من 22 مليون جنيه.. لم يناقش الاجتماع خطة العام وهذه ملاحظة مهمة جداً فاذا كانت الوزارة تعتمد على مراجعة الاداء الشهري كما هو الحال الآن فلا شك انها ستتمكن من ايجاد الحلول للمشكلات التي تطرأ اولا بأول دون ترحيلها إلى الاشهر الاخرى وهذا ما يعطل خطط وبرامج الدولة السنوية.. تقرير الاداء الشهري برنامج ابتدعه الأستاذ كمال عبد اللطيف منذ وجوده في مجلس الوزراء واستمر معه في وزارة القوى البشرية وها هو يعمل به الآن في المعادن. وفي رأيي انها اكثر الجهات التي تحتاج إلى تقرير اداء شهري لما تحتويه من تعقيدات برزت مع ظهور التنقيب عشوائياً عن الذهب.. في اعتقادي أن من اكثر التحديات التي تواجه هذا المورد الكبير هو وجود مجموعات من الناس في مواقع التعدين يكثر فيه استخدام مادة الزئبق. ومع جهلنا التام بمكوناتها الكيميائية والفيزيائية واضرارها الصحية فالأمر يحتاج إلى برامج توعوية مكثفة لتلافي مخاطر الزئبق ومخاطر بيئية اخرى محيطة بمناطق التعدين ومخاطر امنية واجتماعية ثم المخاطر المتعلقة بعمالة الأطفال وتشغيلهم واستغلالهم ودخول اجانب في هذه العمليات ذات العائد السريع. لفت نظري أن عدد المعدنين بلغ اكثر من مائتي الف شخص (200.000) بالفعل هذه اعداد كبيرة وتحتاج إلى خدمات اجتماعية من المهم توفيرها عاجلاً، مثلما لفت نظري في التقرير العدد الكبير للشركات التي منحت حق الامتياز فهي (122) شركة لمساحات 5 كيلومتر فأكثر و200 شركة لأقل من تلك المساحة. هنا لابد أن نهمس في اذن الوزارة بمراجعة دقيقة لهذه الشركات للتأكد من امكاناتها المادية والفنية والتنظيمية (هذه الاخيرة لا علاقة لها بالتنظيمات السياسية). اكثر ما يهمني في هذه العملية هو التأكد من حماية المعدنين، فهذه شريحة في معظمها ضعيفة كانت تعاني من العطالة فوجدت الحل هناك. لابد أن تقوم الدولة بدورها في حمايتهم من الاستغلال ومن الامراض ومن غيرها من المخاطر كما يجب أن يتركز الاهتمام على تنمية مناطق الذهب لكونها اكثر المناطق فقراً.