يتردد أن مجلس المهن الموسيقية استن قبل أيام قانوناً جديداً لضبط ممارسة مهنة الغناء التي صارت مهنة من لا (موهبة له).. وأبرز ما تمخض عنه ذلك الاجتماع هو الاتفاق على استخراج (رخصة) للفنانين، بمعنى أن أي فنان لا يمتلك (رخصة) لن يغني ولو في (حمام بيتهم) على ذمة ناقلي تلك الأخبار من داخل ذلك الاجتماع الذي انعقد في خواتيم الأسبوع الماضي، وكنا من قبل قد ناشدنا بضرورة وجود قانون ينظم مهنة الفن في هذه البلاد بعد أن انتشرت مؤخراً الكثير من الظواهر التى تستحق الوقوف عندها، من ضمنها الاسلوب الجديد للغناء الذى تعدى الهابط ووصل إلى قاع الحضيض من الاسفاف والركاكة والابتذال، والذي يستحق إحالة كل مؤدييه إلى مكاتب النظام العام وشرطة أمن المجتمع. لكن ما فات الاخوة بمجلس المهن الموسيقية عند اتخاذهم وسنهم مثل ذلك القانون هو (مزاجية الشعب)، أو كما علق الاستاذ صلاح الدين مصطفى أمس بزاويته حول فرض اصوات لا يحس بها المستمع السوداني بالقانون، وفي ذلك بالتأكيد ظلم كبير وتجاوز أكبر للمكنون الأساسي في القضية وهو ماذا يريد المستمع السوداني، بعد أن ظلم في هذا الجانب واتهم بأنه السبب الرئيسي في تردي الساحة الفنية وفق مزاجه.. وهذا بالطبع عار تماماً من الصحة ولا تسنده أي حقائق يمكن الوثوق بها. هذا بالإضافة للجزء الأهم من الموضوع وهو الكيفية التي ستمنح بها تلك (الرخصة)؟ ومن هم الاشخاص الذين سيشرفون على هذا الأمر؟ وهذا الامر مهم جداً حتى لا نعود لمربع (الواسطات والعلاقات العامة) ونصبح مثل (دون كيشوت) الذى يحارب طواحين الهواء..وفي اعتقادي أن هذا الامر يفترض ان تكون له لجنة خاصة من مختلف الاتجاهات الفنية من ملحنين وعازفين وشعراء ومطربين، حتى تكون تلك الرخصة بالإجماع ولا يشوبها (شق) مجاملة أو (طق) مصلحة. قضايا الفن في هذه البلاد تدار بطريقة أشبه بالنمطية غير الخلاقة.. فمثلاً توقعنا من خلال ذلك الاجتماع أن يتسع النقاش ليشمل جوانب مهمة، ويتطرق لمعالجات حقيقية للكثير من المهمات، مثل عضوية اتحاد الفنانين ودورها في نيل تلك الرخصة.. وقضية الفنانون الشباب اصحاب الجماهيرية الكبيرة ونجوم الشباك.. وكيف سيتعامل معهم؟ وغيرها من الجوانب الهامة التى ظهرت على استحياء دون تشريح كامل. عموماً مجرد التفكير في حلول لتفادي الوضعية الراهنة للساحة الفنية هي (بشارة خير).. وخطوة في الطريق الصحيح..ولكن كذلك تبقى المعالجات الصحيحة هي الامثل والشفافية في التعامل هي المطلوبة.. حتى لا تتكرر مآسي القوانين السابقة ومساوئ المقترحات الارتجالية التى أرهقت المستمع السوداني و(هدت حيلو). شربكة أخيرة: الشيء الذي لم أجد له تفسيراً منطقياً هو كيف سيتعامل مع فناني وفنانات (الورا ورا).. وهل سيخضعون لامتحان (خلف) لنيل الرخصة، أم سيتركون يعيثون في الأرض (ترترة).. ويقتطعون ايصالات الغرامة عند ضبطهم في مخالفة، أو غنائهم بدون ربط حزام (الخجل)؟ سؤال بريئ للاخوة في اتحاد المهن الموسيقية، وننتظر الإجابة قبل أن (تجوط الدنيا).