ثورة أشعلتها مشاركة نجل الإمام عدوى (حمى المذكرات) تصيب حزب الأمة تقرير: نبيل سليم تململ غير خفي انتاب قواعد حزب الأمة القومي في الفترة الماضية، خاصة عقب مشاركة نجل زعيم الحزب عبد الرحمن الصادق في الحكومة، ومن يومها بدأ التململ يضرب عضوية الحزب العريق - بالتحديد الشباب- الذين ظلوا يطالبون قيادة الحزب باتخاذ جملة من القرارات لتصحيح مسار الحزب، وبات الشباب يطلقون سهامهم في وجه بعض قادة الحزب كلما أتيح لهم الفرصة، بالمقابل لجأ التيار (المغضوب عليه) من قيادة الحزب لاستخدام أسلوب جديد في وجه الشباب الثائر، تارة بمنعهم دخول (دار الأمة) إلا عبر بطاقة عضوية، وتارة بتنظيم مؤتمر للشباب بهدف التحكم في الجسم النشط. آخر فصول مسلسل الأمة الطويل كان قد أوردته الزميلة (أخبار اليوم) عن عزم ألف من قيادة واعضاء الحزب تقديم مذكرة لزعيم الحزب الصادق المهدي تتضمن قضايا مصيرية. أهم ما تحتويه المذكرة -التي لم تر النور بعد- تنحي المهدي عن رئاسة الحزب والدعوة لعقد مؤتمر عام بغية اختيار قيادة بديلة للحزب. مذكرة ألفية المتابع لأداء حزب الأمة في الفترة الماضية يلاحظ وجود تباعد كبير بين قيادة الحزب وعضويته خاصة على مستوى كيفية التعامل مع الراهن السياسي، وباتت الخلافات تطفو على السطح بين كل فينة وأخرى، وفي خضم هذا الجدل كشف قيادي بارز بحزب الأمة القومي عن وجود مذكرة اصلاحية تم اعدادها والتوقيع عليها بواسطة أكثر من الف قيادي بالحزب بالداخل والخارج سيتم تسليمها للمهدي، مبينا وصول وفد من عضوية الحزب بالمهجر للحاق بالمجموعة التي ستقوم بتسليم المذكرة للإمام. وكشف ذات المصدر بأن ابرز ما تحتويه المذكرة المطالبة بتنحي رئيس الحزب والدعوة لعقد مؤتمر عام لاختيار قيادة بديلة للحزب، مشيرا إلى أن المذكرة تتضمن جملة من التدابير الاصلاحية في مؤسسات وسياسات الحزب وقال :تم تكوين سكرتارية مشتركة من قيادات الداخل والخارج لمتابعة تسليم المذكرة. وأضاف"السكرتارية دخلت في اجتماعات مكثفة وقررت في حال استجابة المهدي لمطلب التنحي فان الأمور ستمضي بصورة طبيعية نحو عقد المؤتمر العام". ويمضي ذات المصدر بالقول "أما في حال رفض المهدي فإن السكرتارية ستقوم بعقد مؤتمر صحفي لكشف تفاصيل وملابسات الأوضاع التي أدت لرفع المذكرة، ومن ثم الإعلان عن الخيارات البديلة ". فرقعة إعلامية إلا أن مساعد الأمين العام للإعلام ياسر جلال دحض ما أشيع عن المذكرة مستدلاً بحديث غير مقنع –على حد تعبيره- لخصه في عدم كشف القيادي عن هويته. وقال في حديث ل(السوداني) من يطالب بتنحي المهدي من رئاسة الحزب لا يمكن أن يخفي هويته واعتبره مجرد فرقعة اعلامية بغية صرف النظر عن القضايا الأساسية التي تحفظ عن ذكرها، واصفا مطالب المذكرة بغير الموضوعية باعتبار أن قواعد الحزب متمسكة برئيس الحزب وقال "مناقشة مثل هذه القضايا عبر المؤتمر العام وليس المذكرات"، متهما مجموعة داخل حزبه – لم يكشف عنها- بالوقوف وراء الشائعة بغية تهديد تماسك الحزب الذي وصفه بالمنسجم. غير أن حديث جلال عن تمسك القيادي البارز بعدم ذكر اسمه في الخبر ليس دليلا قاطعا على عدم وجود مذكرة قادمة، باعتبار أن مذكرة الإسلاميين الشهيرة (الألف أخ) التي شغلت الساحة في الفترة الماضية لم تأت ممهورة بتوقيع أي قيادي وعلى الرغم من ذلك أحدثت صدى واسعا داخل اروقة الحزب الحاكم بجانب الميديا المحلية والاقليمية. في السياق دمغ المحلل السياسي صلاح الدين الدومة قيادة حزب الأمة بتغليب مصالحها الذاتية أكثر من مطالب الحزب مما أدى لتململ عضوية الحزب بكافة مستوياته. ولم يقف عند هذا الحد وقال في حديث ل(السوداني) "قيادة الحزب اختزلت كل الحزب في اسرة الصادق المهدي وليس أسرة المهدي الكبيرة". وأضاف (الحزب هو الصادق) وبالعكس، غير أنه عاد وقال إن عهد التعصب الأعمى قد ولى وبات لا زعيم دائما، مطالبا قيادة الحزب بضرورة الادراك لطبيعة التغيير الذي ضرب العالم. وحول مدى صدقية المذكرة من عدمها قال الدومة هذه المذكرة إحدى نتائج تململ الشباب داخل حزب الأمة. تنحي الإمام على كل فالمطالب التي ستحتويها المذكرة لم تكن وليدة اليوم بأي حال، فقبل شهر بالتحديد طالبت مجموعة من الكوادر الشبابية رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي بمواجهة النظام أو تقديم استقالته من منصبه إنفاذاً لقرار السادس والعشرين من يناير السابق، الذي اتخذه المهدي موعداً لانضمامه لتيار تغيير الحكومة أو اعتزال العمل السياسي في حَال عدم استجابة المؤتمر الوطني لمقترح الطريق الثالث الداعي لتشكيل حكومة قومية. ودعا شباب الأمة حزبهم لاتخاذ جملة من القرارات لتصحيح مسار الحزب، وتمثلث قمة مطالبهم في إسقاط عضوية نجل المهدي عبد الرحمن من الحزب بجانب انعقاد الهيئة المركزية للحزب في أسرع وقت ممكن فضلاً عن تبني قرار إسقاط النظام. ويومها وصف عضو المكتب السياسي –المجمد عضويته - فتحي حسن عثمان (مادبو) مطالب الشباب ب(المشروعة)، وقال في إفادة سابقة ل(السوداني) "أتمنى عدم مماطلة قيادة الحزب في الرد عليهم باعتبار أن الوضع لا يحتمل" . لكن بالمقابل تجاهلت قيادة الحزب مطالب الشباب، مما زاد درجة تبرم الشباب من قيادة حزبهم وصل حد أن فكر العديد من الشباب مغادرة الحزب إلى اشعار آخر مع التمسك بمبادئ الحزب المنحوتة كما الصخر على قلوبهم، وعزوا ذلك لاعتبارات كثيرة من بينها تماهي حزبهم مع سياسات الحزب الحاكم بجانب أن مسار الحزب لا يتماشى مع طرحهم الحالي مما جعلهم يفكرون في الانضمام للأجسام الشبابية القائمة باعتبار أن هدفهم المركزي لا يمكن تحقيقه عبر ديباجة حزب الأمة القومي. خلاف جديد وسط كل هذه التحركات الشبابية اعلن الأمين العام للحزب الفريق صديق محمد إسماعيل في مطلع شهر يناير المنقضي عن انعقاد الملتقى التداولي للشباب، يومها تباينت وجهات الشباب حول الملتقى بين الرفض والقبول ففي الوقت الذي اعتبر البعض قيام الملتقى فرصة لمناقشة مجمل القضايا الخلافية، رفض البعض قيام الملتقى، وعزوا ذلك إلى أن تصعيد العضوية لم يتم بطريقة ديمقراطية، وبين ذينك التيارين اشترط تيار ثالث حضوره للملتقى بعدم انتخاب قيادة في ذات الملتقى. ويقود هذا التيار عدد من القيادات الشبابية الذين جمدت عضويتهم بقرار من الأمين العام وهم فتحي حسن عثمان (مادبو)، القونى ادريس، سيف الدين، محجوب عباس، إلا أن معظم عضوية هذا التيار حضروا المؤتمر بعد تدخل من رئيس الحزب لتوسيع باب العضوية . جدل الشرعية ويرى القيادي الشاب بحزب الأمة القوني ادريس أن الطريقة التي تم بها تصعيد الشباب من الولايات للمشاركة في الملتقى ب(الإنتقائيه)، مبيناً وجود خلل في المعيار الذي تم بموجبه التصعيد للملتقى باعتباره لم يأت عبر معيار التعداد السكاني أو الحراك والفاعلية وانما على إقصاء الكوادر النشطة من المسرح السياسي وأضاف: هدفت الجهة التي تقف وراء الاختيار إلى " تدجين مواقف الشباب" ليخرج الملتقى بشباب يتماهى مع سياسة الحزب. غير أن مساعد الأمين العام للإعلام ياسر جلال نفى حديث القوني وقال إن تصعيد العضوية من الولايات تم بناءً على خطابات معتمدة من رؤساء الحزب بالولايات واضاف " ما في زول جا ساي" ، ودافع جلال عن تعيين امين عام للشباب مبيناً أن من حق الأمين العام وفقاً لدستور الحزب أن يعين مساعد الأمين العام لشؤون الشباب، مشيراً إلى أن الأمين العام هدف إلى توسيع ذلك الحق عبر التعاون مع الشباب لبناء الجسم الشبابى . غير أن القونى أبدى وجهة نظر مغايرة لحديث جلال وقال "ليس من حق الأمين العام عمل دائرة للشباب دون أن تعرض على المكتب السياسي" وزاد " دى مسألة ما شرعية وما دستورية"، لافتاً إلى أن وجهة نظرهم تركز على ضرورة مشاركة موسعة لمكتب الشباب تنبثق عنها لجنة تحضيرية تقوم بأعباء التحضير للمؤتمر العام لشباب حزب الأمة الذي ينتخب بدوره امانة للشباب. إذاً في ظل هذه التباينات التي باتت واضحة للعيان بات العديد من عضوية حزب الأمة تسيطر عليهم حالة قلق من تنامي الخلافات التي يرجعها الكثيرون إلى المؤتمر العام للحزب الأخير بضاحية سوبا، ومنذ ذلك الحين ظلت الخلافات تضرب حزب الأمة والتي بدأت بخروج جماعة التيار العام من الحزب بجانب إقالة رئيس دائرة تنمية الموارد البشرية الواثق البرير وتبع ذلك بعد فترة وجيزة تجميد عضوية اربعة من شباب الحزب إلى أن انفجرت الأوضاع في ملتقى الشباب، وأخيرا ما اشيع من انباء عن مذكرة (ألفية) قادمة ستعمل على هز عرش حزب الأمة إن صحَّ النبأ ورأت المذكرة النور.