ظلت مدينة بورتسودان تعيش الأجواء الساخنة حتى في فصول الشتاء فها هي المدينة ترتعش من برودة الطقس إلا أنها ظلت تتنسم النسائم اللافحة إثر تصاعد تداعيات الخطوة التي أقدم عليها ضابط برتبة رائد في محاولة للقاء والي الولاية عنوة وبقوة السلاح احتجاجاً على إجراءات اتخذتها لجنة الإزالة التابعة لإدارة الفروع بوزارة التخطيط العمراني بالبحر الأحمر بحق سكان مربعات 7و9 بحي أم القرى ومربع 10 حي القادسية شمال شرق بورتسودان المعروفة ب (عشوائي ولع ) التي يقطنها بعض من ذوي الضابط المقتحم وبعيداً عن قصة الاقتحام فقد سلك بقية سكان المربعات المراد إزالتها أيضاً طرائق مختلفة للتعبير عن رفضهم للإزالة مما يعني أن الخطوة جوبهت بردة فعل غاضبة من المواطنين وصُعدت بأشكال مختلفة حتى صارت قضية رأي عام بالولاية (السوداني) كعهدها في تقصي الحقائق وللوقوف على جذور ومنابت القضية ولتحري الحقيقة الغائبة استنطقت طرفي النزاع لتضع الحقائق الكاملة أمام قرائها فلنكتشف معاً الحلقة المفقودة في هذا الأمر. بداية ميدانية قصة الحي تلخصها اللجنة الشعبية لحي القادسية مربع (10) متمثلة في إفادات السيد عثمان آدم الذي ابتدر حديثه بأنهم ليسوا بساكني حي عشوائي وأنهم يقطنون في هذا الحي منذ الستينات ولديهم تذاكر استحقاق من لجان التخطيط إلا أنهم يسلموا قطعهم طيلة هذه المدة على الأرض لأسباب تتعلق بإدارة المساحة ويقول عثمان آدم الذي تحدث للسوداني أمس إنهم فوجئوا بقرار إزالة صادر من إدارة الفروع التابعة لوزارة التخطيط العمراني بالبحر الأحمر في شهر أكتوبر الماضي بحجة أنهم يسكنون حي عشوائي، وأن عليهم الارتحال إلى حي اللالوبة الذي يبعد من حيّهم نحو عشرة كيلو مترات شمال غرب بورتسودان ، وزاد عثمان أنهم لا يعترضون على مبدأ الرحيل لكنهم يطالبون بتعويضهم في منطقة أقرب، ويرون إمكانية إجراء مسح في مكان أقرب من حي اللالوبة وتمليك المستحقين منهم في ذات مواقعهم، وأقر عثمان أن جزءاً من الحي العشوائي الذي يقطنونه مملوك لقبيلة (الفاضلا نوراب ) وأنهم لا يعترضون على ذلك وقال إن مشكلتنا مع الأراضي وليست مع أصحاب الأرض الأصليين، وأشار إلى أن قرار الإزالة غير قانوني لأنهم يحملون تذاكر استحقاق منذ الستينيات والسبعينيات، فقط مشكلتهم أنهم لم يستلموا مسامير وإحداثيات كل قطعة على حده، وزاد أنهم فور صدور قرار الإزالة توجهوا نحو القضاء ولا تزال القضية على منضدة القضاء وقال: "وثقتنا كبيرة في عدالته". طعن القرار فى المقابل يرى محامي المتضررين هاشم فضل كنة المحامي أن القضية مثار النقاش (إزالة العشوائي) في ردهات محكمة الطعون الإدارية وهي في مراحلها الأولية تحديداً في مرحلة تبادل المذكرات، مبيناً أنهم بدأوا بطعن القرار لدى المحامي العام بوزارة العدل الذي قرر إيقاف قرار الإزالة لمدة شهر، وبعد انتهاء أمد قرار المحامي العام ، استطاعت هيئة الدفاع استصدار أمر وقتي من محكمة الطعون الإدارية ببورتسودان ينص على إيقاف الإزالة إلى حين النطق بالحكم، موضحاً أن جلسات القضية مستمرة، ومن المقرر أن تنعقد الجلسة القادمة يوم 29 يناير الجاري ورفض كنة الخوض في تفاصيل القضية لجهة أنها معروضة أمام القضاء، ونفى علمه إن كان موضوع الضابط الذي اقتحم مكتب الوالي بالسلاح الأحد الماضي ذا صلة بموضوع حي القادسية وأم القرى أم لا ؟. رفض مغلظ مدير عام مصلحة الأراضي بولاية البحر الأحمر مولانا معاوية عثمان عبيد الله رفض بشدة الزعم بوجود أوراق رسمية تؤكد تخطيط سابق للمربعات موضع النزاع ، وهي مربعات 7 و 9 من حي أم القرى ومربع 10 بحي القادسية ، وأبان في حديثه ل (السوداني ) أن هذه المربعات قائمة بطريقة عشوائية في أرض مملوكة لقبيلة الفاضلا نوراب ( إحدى بطون قبائل الأمرأر) ، وفقا لتسوية تمت بين الحكومة السابقة في الولاية والقبيلة، نظير انتزاع أراضي زراعية مسجلة باسم القبيلة في المزرعتين رقم 75 و76 اللتين تمتدان في مساحة 189 فدان، تم نزعها وتحويل غرض ملكيتها من زراعي إلى سكني، وتعويض المتضررين من القبيلة بتخصيص نسبة من القطع السكنية في أي مربع بكل من حي القادسية وأم القرى وقال عبيد الله إن القبيلة المعنية تمتلك أراضي بتلك الأحياء من بينها مربعات 7 و9 من حي أم القرى ومربع 10 القادسية مما لزم ترحيل السكان الحاليين غير المخططين وتمليكها لأصحابها الأصليين وكشف معاوية عن حلول ومعالجات جذرية طرحتها إدارته بإيجاد موقع بديل ليتم تمليكه لسكان العشوائي وقد تم تخصيص مربع ( 40 ) من حي اللالوبة إلا أنهم رفضوا الرحيل وتمسكوا بضرورة تعويضهم في منطقة قريبة من حييِّ القادسية وأم القرى وقال مدير الأراضي إن اللجنة الفنية للتخطيط الخاصة بأحياء أم القرى والقادسية موقوفة وإن المناطق المجاورة لتلك الأحياء أراضٍ زارعية مملوكة لقبائل ومسجلة بشهادات بحث وليس من حق سكان السكن الاضطراري اختيار الموقع البديل ما داموا قاطنين في سكن غير مخطط، وحول توقيت تحريك إجراءات الإزالة في هذه الفترة قال معاوية إن قبيلة الفاضلا نوراب طلبت من مصلحة الأراضي تسليمها أراضيها المنصوص عليها في التسوية مما لزم تحريك أمر إزالة الذين سكنوا عشوائياً. أخطاء إدارية وكشف مفتش الأراضي بالمصلحة علي حسين للسوداني أن المسح أكد وجود 513 منزلاً بالمربعات المعنية يسكنون عشوائياً يفترض إيجاد بدائل سكن لهم مبيناً أن جملة قطع أحياء القادسية وأم القرى المستحقة للقبيلة هي حوالي 2025 قطعة سكنية يفترض تسليمها لهم بعد إخلائها من الموانع وأقر علي حسين بإخفاقات صاحبت عمل لجنة التخطيط السابقة ، وقال إن هذه الإخفاقات تمثلت في إصدار تذاكر استحقاق غير مرقمة أي غير مضمنة لرقم المنزل أو رقم الحي لمواطنين يقطنون في أراضٍ غير ممسوحة ، بيد أنه أكد في الوقت ذاته استعداد إدارة الأراضي لتعويض أصحاب الاستحقاق الفعلي من سكان العشوائي الحاليين في ذات المنطقة بعد مسحها وتخصيص المقرر منها للتعويض. مشددا على أنه لن يتم انتزاع منازل سكان العشوائي المشيّدة بمواد ثابتة كي لا يتضرر ملاكها ، وسوف يتم بحث سبل أخرى لإجراء التسوية المناسبة وأفاد المفتش علي حسين أن أغلب منازل العشوائي مشيّدة بمواد غير ثابتة ويمكن ترحيلها لأن أغلبها من الخشب.