الدول المتقدمة دائماً ما تنتهج أسلوباً راقياً وتسعى بكلِّ جدٍّ لرسم خطط مدروسة تمكِّنها من تطوير العملية التعليمية إستناداً على دراسات علمية دقيقة الغرض منها تقييم الوضع أولاً ومن ثمَّ معرفة اماكن الخلل لإصلاحه. لكننا فى السودان ظللنا نعاني معاناة حقيقية من غياب هذه الدراسات والارقام والاحصائيات التى تعكس واقع الحال بل حتى وإن وُجدت لا يتم الكشف عنها بالشفافية المطلوبة التى تُمكِّن القائمين بالأمر من التخطيط السليم.. فالتعليم فى السودان بكل مراحله يحتاج الي (هزة) قوية وإصلاح كامل حتى ينصلح حاله.. ومؤتمر التعليم الحالى يُعوَّل عليه كثيراً فى احداث هذا التغيير سيما وأن المؤتمر انعقد بعد مرحلة مخاض عسيرة وسنوات طويلة كان من الممكن خلالها أن تتوفر الدراسات المطلوبة لكيما يتم الاهتداء بها. لكن الملاحظ من خلال الارقام والاحصائيات التى تم طرحها من قبل المجموعة المكلفة بمناقشة تمويل التعليم وهو المعضلة الكبرى وحجر العثرة الاكبر ان الأرقام الى تم طرحها والتى توضح النسبة المئوية المحددة لتمويل التعليم تشير الى انه ليست هناك ادنى مشكلة تواجه التعليم بل وتؤكد ان الامور على ما يرام وان الاستيعاب بالمراحل الدراسية بالمستوى المطلوب وان ما خرجت به دراسات اخرى اجراها خبراء وتربويون شكلوا غياباً أوتغييباً عن هذا المؤتمر المهم لا تمتُ بصلة لما طرحته اللجنة الخاصة بمناقشة تمويل التعليم. حسب تقرير صادر عن البنك الدولى مؤخراً كشف عن أن المؤشرات التعليمية فى السودان هى الاضعف بين كل دول جنوب الصحراء وان التعليم يأتي فى المرتبة ال (50) من اسبقيات الدولة وحسب دراسة علمية أجراها عدد من المتخصصين أوضحت نتائجها أن السودان يخصص ( 2.8 %) من الميزانيه للتعليم و( 0،8 %) من الناتج المحلي وهى اضعف المساهمات على مستوى الدول الافريقية والعربية وأشارت الدراسة الى ان هناك ضعفا واضحا فى الاستيعاب فى مراحل التعليم المختلفة بسبب شح التعليم!! كنت اتوقع من اللجنة الموقرة التى ناقشت محور تمويل التعليم ان تتعرض لهذه الدراسات وتقارن بينها وبين ماطرح من ارقام واحصائيات توضح النسب المخصصة للتعليم من الميزانية العامة ومن الناتج المحلى لان الفرق كبير بين الواقع وبين ما تم طرحه من ارقام وبين هذه الاحصائيات وبين ما ورد فى دراسات أخرى موثوق منها ومن مصادرها وهى تعكس واقع التعليم تماماً من تدني البيئة المدرسية وضعف الاستيعاب بالمراحل المختلفة واحوال المعلمين المالية وعدم وجود الفرص الكافية لتدريبهم اضافة لمشكلة الاجلاس ونقص الكتاب المدرسى والرسوم الدراسية التى تفرض على الطلاب لتغطية الصرف على العملية التعليمية! ان ماطرحته الورقة الرئيسية المقدمة فى مؤتمر التعليم امس الاول حول تمويل التعليم اشارت الى ان المخصص للتعليم من الميزانية العامة( 12 %) إذاً نحن نقترب من المعايير الدولية التى تقول (حسب المعايير الدولية على الدولة ان توفر 15 % من الميزانية للتعليم) اذا كانت هذه الارقام صحيحة فيجب ان توصى اللجنة المكلفة بمناقشة تمويل التعليم بخصم نسبة من ميزانية التعليم واضافتها لميزانية الصحة وتختتم اللجنة عملها بعبارة (التمويل تمام يا افندم )!!.