الدفاع الشعبي.. في انتظار الإشارة تقرير:خالد أحمد هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته ها هي الانقاذ بعد تجاوز عمرها العشرين عاما تعود مجددا لمنصات الانطلاق ليقف شاعرها محمد عبد الحليم ويردد ما قاله قبل عشرين عاما "فلنأكل مما نزرع ولنلبس مما نصنع" وسط صيحات التهليل والتكبير من منسوبي قوات الدفاع الشعبي بولاية الخرطوم التي رفعت التمام امس لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير ولوالي ولاية الخرطوم د.عبد الرحمن الخضر . عودة هذا الشعار الذي ارتبط بنظام الانقاذ يعيد للاذهان السيرة الاولى التي يبدو أن البعض داخل حكومة الانقاذ قد اشتاق اليها وهي المتمثلة في عودة الشعارات الإسلامية والجهادية بجانب عسكرة الحياة المجتمعية وهذا ما شاهدناه بالامس في استاد الخرطوم حيث تدفقت الحشود التي ارتدت الملابس العسكرية من رجال ونساء وحتى بعض الاطفال اغلبهم في الاصل اناس مدنيون لكنهم في ذات الوقت يمثلون قوات الدفاع الشعبي التي حاربت بها الانقاذ حربها الاولى في الجنوب وبعد أن وضعت الحرب اوزارها خفا قليلا بريق تلك القوات حتى طالب البعض بأن يتم تسريحها باعتبار أن الغرض الاساسي من تكوينها قد انتهى بعد انفصال الجنوب الا أن عودة البريق اليها هذه الايام يرجعها البعض لعودة المهددات خاصة بعد تفجر التمرد في جبال النوبة والنيل الازرق بقيادة الحركة الشعبية في شمال السودان واشتداد حدة عملياتها العسكرية خاصة في جنوب كردفان بجانب اتهام الحكومة لدولة الجنوب بدعم تلك القوات. الى ذلك يرى البعض ايضا أن الانقاذ تريد من تفعيل تلك القوات الشعبية ارسال رسالة للخارج بأن الانقاذ ما تزال متماسكة ويمكن أن ترجع لمربعها الاول بجانب ارسال رسالة حتى لقوى المعارضة الداخلية خاصة وأن رياح التغيير في الوطن العربي ما تزال تهب على المنطقة فتقول لهم بهذا الاستعراض العسكري المدني إن "السودان ليس ليبيا أو اليمن أو مصر أو تونس ولا حتى سوريا" وانهم مستعدون لأي ثورة خاصة وأن الشعارات التي رفعت وقيلت في المنصة كانت بها اشارات سياسية لتلك القوى السياسية . قوات الردع لم يخلُ حديث رئيس الجمهورية المشير عمر البشير امس لدى مخاطبته قوات الدفاع الشعبي التي اعتبرها "الابن الاكبر" لنظام الانقاذ من العبارات الحربية الموجهة بصورة غير مباشرة لحكومة الجنوب حيث قال انهم ذهبوا للسلام بعد أن رفعت الحركة الشعبية الراية البيضاء وانهم استجابوا للأمر من اجل السلام، الا انه اضاف بالقول" الناس ديل نقول ليهم اذا عدتم ستجدونا نحن اخوان الشهداء"، مشيرا إلى انهم قدموا خلال فترة الحرب في الجنوب 18 الف شهيد وانهم مستعدون لتقديم ذات الرقم. وهنا نجد أن الاشارة واضحة واللغة لا تخلو من الرسائل السياسية والعسكرية لحكومة الجنوب التي ما تزال الحكومة تتهمها بالوقوف وراء الحركات المسلحة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الارزق، والاشارة الثانية أن الحكومة في اتجاه لرفع السقوف في التعامل مع جوبا حيث اعلن البشير امس التعبئة العامة ووجه بفتح معسكرات التدريب للدفاع الشعبي وطالب من كل ولاية أن تجهز عددا من الالوية العسكرية، وقال ايضا إنها سيطلق عليها "قوات الردع " مشيرا إلى أن القوات المسلحة ستصلي قريبا في "كاودا" المعقل الرئيسي لقوات الحركة الشعبية في جبال النوبة. وهنا تجدر الاشارة إلى أن التصعيد العسكري سيزداد اكثر في جنوب كردفان خاصة وان البشير بهذا الحديث قد رفع السقف باعتبار أن "كاودا" تعتبر من اكثر المناطق المحصنة للحركة الشعبية في جنوب كردفان وحتى تكون المعركة حولها من اكبر المعارك العسكرية . الجزرة والعصا البشير علق ايضا على حديث وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون التي اتهمت الحكومة بالسعي لزعزة استقرار دولة الجنوب بالقول (اننا لا نخاف من سياسة "الجزرة والعصا" التي تتعامل بها واشنطن مع الخرطوم). واضاف بالقول" جربنا عصايتكم قبل 20 سنة وما نزال اقوياء" . وتعليقا على اصدار المحكمة الجنائية مذكرة بالقبض على وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين قال "إنهم يريدون أن يطعنوا في قيادة القوات المسلحة"، مشيرا إلى أن التآمر على السودان سيستمر على البلاد الا انه قال (سنرد عليهم بالقول "حسبنا الله ونعم الوكيل") . كما حيا البشير شباب الثورات العربية باعتبار انهم انتصروا على دول البغي وخلعوا معمر القذافي "عليه اللعنة"-على حد قوله- مضيفا أن القذافي لعب ادوارا قذرة، مشيرا إلى انهم ردوا اليه الصاع صاعين وأن هذا كان بمثابة رسالة تقول للذي يمد يده على السودان "ستقطع" و"البرفع عينو بنقدها"- على حسب قوله. رسائل لجوبا إرسال الرسائل لجوبا كان حاضرا ايضا في حديث منسق الدفاع الشعبي عبد الله الجيلي حيث طالب بضرورة الرد على حكومة الجنوب بالقول " يجب أن نرد لهم الصاع صاعين" واشار إلى انهم مستعدون لذلك الامر . اما والي ولاية الخرطوم د.عبد الرحمن الخضر فقد اشار إلى انهم جاهزون وتحت اشارة الرئيس، مشيرا إلى انهم قبلوا الاستفتاء وانفصال الجنوب من اجل السلام لكنهم لا يقبلون أن يهدد امن البلاد من جديد، مشيرا إلى انهم برفع هذا التمام يقولون إنهم جاهزون للدفاع عن البلاد من الناحية العسكرية والمدنية. ...اذن ها هي حكومة الانقاذ تتحسس زنادها مرة اخرى بعد أن طالت بها السنين في سدة الحكم تقلبت فيها من العسكرية الخالصة إلى الانفتاح الممرحل لدرجة ظن البعض انها نسيت شعاراتها الاولى إلا أن اشتداد الضغط عليها مجددا قد يجعلها ترفع البنادق مرة اخرى، الا أن السؤال.. إلى اين ستوجه هذه المرة ؟...