تأكد أن إدارة الجمارك قد فرضت قيمة مضافة على كافة السلع بنسبة 15% والأسوأ أنها تشمل كل مدخلات الزراعة وهذا يعني ارتفاعا مباشرا فى تكلفة الإنتاج خاصة وكل أسعار السلع مما سينعكس بالضرورة على تكلفة صادراتنا غير البترولية التى كان يرجو لها أن تحقق عائدا إضافيا فى العملات الأجنبية مما يعني ضعفا جديدا للجنيه السوداني فى مقابل العملات الحرة. من جهة أخرى ذكر لي أحد المخلّصين الجمركيين أن هناك تغييرا فى سعر العملة الحرة التى تقيّم بها الواردات فبعدما احتج اتحاد أصحاب العمل على سعر الدولار الجمركي 3.3 ج تراجعت سلطات الجمارك الى 2.7ج للدولار الجمركي ولكن لم يطبق على سعر العملات الحرة الأخرى مثل اليورو ولست أدري لماذا؟ ثم هل أرجعت سلطات الجمارك الفرق للذين قاموا بتخليص بضائعهم فى الفترة التى طبق فيها القرار الأول أم لا؟ نرجو من سلطات الجمارك أن توضح الحقائق مشكورة حتى يزول اللبس. لا أستبعد أن ينطبق قانون العائد المتناقص على الجمارك law of diminishing return عندما تفرض القيمة المضافة الجديدة فقد يحدث انخفاض فى الواردات والصادرات بسبب ارتفاع التكلفة ومن ثم يقل عائد الجمارك فتزيد الفجوة فى عجز الميزانية مما يدفع وزارة المالية لاتخاذ قرارات أسوأ بزيادة أسعار المحروقات والسلع الضرورية الأخرى كالسكر والخبز وربما زادت تكلفة استيراد القمح والدقيق الذى صارت تستورده بعض المطاحن فى خطوة غير مفهومة. الحل الأساسي هو خفض الإنفاق الحكومي والسياسي غير الضروري والحل السياسي للقضايا العالقة وليس الاستمرار فى الإنفاق الهائل على الحروب التى تستهلك جل الميزانية. إن الحرب بين دولتي الشمال والجنوب ضار لكليهما فمتى يسود العقل والحكمة بينهما؟ متى؟ لماذا العودة للحرب بعد أن توقفت خمسة أعوام؟ هل هو الفشل فى إدارة الدولتين أم هناك أجندة خفية لا نعلمها. انتفاضة المذكرات كتبت كثيرا أقول إننا فى حاجة ماسة لانتفاضة فكرية للإصلاح السياسي فى المقام الأول قبل الانتفاضة السياسية للإطاحة بالأنظمة، ويبدو أن حدسي قد صدق فها نحن نقرأ ونتابع يوميا المذكرات تنهال على قادة الحاكمين والمعارضين على السواء، فحزب المؤتمر الوطني الحاكم وحليفه الميرغني انهالت عليهم المذكرات التى تطالب بالتصحيح وتغيير المسار، وحزب الأمة القومي بقيادة الأمام الصادق وحزب المؤتمر الشعبي كذلك لم ينجو من المذكرات التى تطالب بالإصلاحات فى الممارسة والمواقف السياسية والمطالبة بالديمقراطية داخل الحزبين. لعمري هذا الحراك جيد ومفيد للعملية والتنشئة السياسية المطلوبة فالشاهد أن السياسة السودانية قد شهدت تخلفا مريعا وتدهورا فى الممارسات ومماحكات جعل الجيل الجديد عازفا عن الأحزاب بل العمل السياسي الإيجابي.. أرجو مخلصا من قادة الأحزاب أن يتجاوبوا مع هذه المذكرات وألا يعتبروها قضية شخصية ضدهم ولا يسدوا الأفق أمام الشباب فهي حراك طبيعي لأوضاع غير طبيعية تحتاج لإصلاح حزبي وسياسي حقيقي فلا نكرر أخطاء الماضي. عقب كل انتفاضة كان الشعب وقودها ولكنه أحبط فى كل مرة بعدها لفشل مستمر فى الحكم الصالح والممارسة الديمقراطية الحقيقية لدرجة أنه اليوم غير مستعد للتغيير إذا كرر الزعماء تجاربهم الفاشلة حتى سرت تلك الطرفة التى تقول إن أحد المعارضين ذهب لأداء العمرة فلقي زعيم حزبه الذي سأله عن الأوضاع فى السودان فرد عليه أن الغلاء طاحن والأحوال سيئة للغاية فسأله الزعيم ولماذا لم ينتقض الشعب؟ فرد عليه القادم من السودان بعفوية صادقة: خايفين (تجوا) تاني يامولانا!