*هذه ليست المرة الأولي التي أزور فيها الولاية الشمالية، فقد زرتها أوائل أيام الإنقاذ وكان القيادي الجنوبي الراحل أروك طون ضمن الوفد الرسمي الزائر وقتها قال قولته المعبرة: أهل الشمالية تنقصهم الغابة كي يتمردوا. *زرتها في مرات لاحقة بدعوة من وحدة تنفيذ السدود لافتتاح بعض المشروعات أو الوقوف على مراحل تنفيذها وكنا نأسى لحالها ونحن نشهد البيوت التي تهدمت منذ سيول وفيضان عام 1988م، والبيوت شبه المهجورة. *هذه المرة أتيحت لنا فرصة زيارة الشمالية والمكوث بها حوالي الثلاثة أيام، أمضينا اليومين الأولين في دنقلا، حيث زرنا بعض المشروعات الزراعية وطفنا على معالم مدينة دنقلا وإلتقينا بوالي الولاية فتحي خليل وحكومته وبرئيس المجلس التشريعي حيث إستمعنا إليهم واستمعوا إلى ملاحظاتنا وإنتقاداتنا. *اليوم الثالث كان ختامه مسك ؟،حيث شهدنا مهرجان حضارة كرمة الثالث بعد أن توقفنا ونحن في الطريق من دنقلا إلى كرمة بعض المواقع الأثرية الشاهدة على حضارة النوبة، وقفنا عند حضرة "أقتندي" أو الرجل الضكر في تمبس وزرنا الدفوفة الشرقية والدفوفة الغربية ووقفنا عند موقع الشلال الثالث. *طفنا في أركان مجمع حضارة كرمة تحت التشييد ونحن نسترجع بعض مشاهد كرمة "2500-1500 قبل الميلاد" في تماثيل للملوك الكوشيين التي اكتشفت بكرمة عام 2003م، وبعض الحجار الرملية لوجه ملك نبتي ونماذج لمقابر في فترة كرمة الكلاسيكية وبعض فخار كرمة. *إختتمت هذه الزيارة المحضورة التي نظمها الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع بلقاء جماهيري خلا من الخطب السياسية حتي عندما تحدث مستشار رئيس الجمهورية الدكتور غازي صلاح الدين الذي قاد وفد الخرطوم الزائر، فقد إتسم اللقاء بالحميمية وكلمات الشكر والترحيب والتعليقات الطريفة مثل ما أورده الدكتور غازي من تعليقات حول "الرجل الضكر" الذي كان مطروحاً على الأرض وكيف أن أحدهم تساءل: كيف وقع هذا الرجل الضكر؟ فأجاب الآخر: أكيد "وقّعته مرتو". *عدنا بحمد الله وعنايته إلى الخرطوم ولكن كلام الناس عن إنسان الشمالية لم ينته، بل لم يبدأ بعد.