عملية إقلاع ناجحة ومريحة وآمنة، إطارات طائرتنا تفارق مدرج المطار (الإنجاز)، إختلستُ النظر عبر النافذة،، الآن أصبحت الرؤية أكثر شمولاً،، (كادقلي) لوحة تصفها بالرائعة بحقها، وما إن أمعنتُ النظر واسترجعتُ وقائع هذا اليوم الحافل (جمعة الإنطلاق) وأطلقتُ عنان التأمل وأزلتُ حواجز الإحساس إلا وتخالجت بدواخلي المشاعر وأرجحتني الأحاسيس،، فالمزج كان بين عدة مشاهد : موقع النظر من الأفق على علو متوسط - جبل وسهل يتغازلان،، الجبل يخبر أني بالمشيئة باق وتداً لهذه الأرض، ترى في هيئته وهيبته ما يتمتع به أبناء هذه الولاية من قوة في أجسامهم وصلابة في إرادتهم، يقف شاهداً على ما جرى وماسيجري، على من خان وغدر وعلى من أوفى وصبر، وعلى من أراد صدقاً و(عملاً) ان يزيل الضيم والضنك والتهميش، وعلى من أراد أن ينفذ أفكار وأجندة الغير وإستخدام شباب النوبة وقوداً ومحروقات في سبيل ذلك،،،،، السهل تنبؤك شواهد سطحه عن بكورة غضة وخصوبة عالية ما إن تتلقى زخات المطر حتى تشتعل الحياة والخضرة والمرعى والبهجة.. وبين ذلك امتدت يد العمران الذكي التي مهدت الطريق للسيارة والراجلة والبغلة، وأنشأت مرافق الحياة العصرية ميناءاً برياً ومجمعات المؤسسات الرسمية الاقتصادية والصحية والخدمية والحديقة المحمية، ولن يدعك المنظر حتى يرسل لك بإشارات الدهشة والإعجاب وانت ترى المنصات الطائرة والمدرجات المتراصة حول المضمار والساحة وعن نفسه يعلن إستاد كادقلي (المستوفي للمعايير الدولية)، وكما قلت لمحدثي ان الطبيعة وبنية الانسان ومهارته وبقليل خبرات ستصبح هذه المنطقة (برشلونة) السودان في كرة القدم،،، وح نشوف. داخل قاعة منيفة ومرتبة يتدشن عمل حكومة الولاية الجديدة التي ولدت نتيجة لإتفاق إثني عشر حزباً سياسياً على برنامج واحد شعاره (نهضة جنوب كردفان) وتتجلى هذه الإرادة بالحديث الصادق للقائد دانيال كودي الذي قال: إننا جئنا من أحزاب متفرقة ولكننا سنعمل داخل الحكومة بروح الفريق الواحد من أجل هذه الولاية وإنسانها وهو ما أكدته الوزيرة المفعمة بالحيوية د. تابيتا بطرس وأمن عليه وزير الدولة بالشباب والرياضة محجوب عبدالرحيم توتو. وزراء ومستشارون ومعتمدون رغم إختلاف إحزابهم لن يغرسوا في نفسك من إنطباع الوهلة الأولى غير حملهم لهمٍ واحد وهدفٍ واحد مما يدل على إمتياز عملية إختيارهم، كذلك تجلى اهتمام المركز البالغ بهذه الولاية ومن شواهد ذلك أن أهدت القوات المسلحة أحد جنرالاتها الأقوياء والاذكياء اللواء الركن/ أحمد خميس بخيت ليصبح نائباً للوالي - واقُتلع الاخ الصديق/ بابكر الشريف من ردهات القصر الجمهوري ليدفع به معتمداً لمحلية التضامن الحدودية. قيادة الولاية اتخذت يوم الجمعة الماضية لتنزيل برنامج حكومتها على أرض الواقع ذروة النهج العلمي بعرضها للاستراتيجية القومية ووقوفها على واقعها حيث قدم الخبيران الاستراتيجيان د. عباس كورينا ود. عثمان جعفر ورقتين تناولتا المفاهيم الاستراتيجية للدولة ومطلوبات تنفيذها، وتشرفتُ بتقديم ورقة عن المراسم والاتكيت.. نعم مراسم وأتكيت هناك في جنوب كردفان، فالانتقال واثق وأعمق مضموناً ومظهراً، وأسرع مما يصوره إعلام الغرض الدولي وأبواق التخذيل المحيطة التي تريد أن ترسخ صورة واحدة جوانبها تخلف ومجاعة.. وجنوب كردفان ربان مسيرتها أحمد هارون الذي تتجسد فيه أبيات المتنبئ: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتعظم في عين العظيم العظائم ،،، وإلى الملتقى...