لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شواهد جرائم حرب وتصفيات جسدية وإستهداف واسع ومنظّم ومقصود لشعوب النوبا..خطاب التنظيف العرقى يصدر من أعلى هيئة قيادية ورسمية فى حكومة حزب البشير
نشر في سودانيات يوم 03 - 08 - 2011

العنف كأحد وسائل اعادة إنتاج تراكم راس المال المجرّبة: نموذج استهداف شعوب النوبا
"لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" (المائدة 28)
الفاضل الهاشمى – تورنتو /كندا
فى سياق واقع فشل وتشظّى دولة اللبرالية الجديدة:
تلجأ الراسمالية ،بطبيعتها، الى العنف لبسط هيمنتها كونها تشوّه الطبيعة الاجتماعية للانتاج المادى بتمليكه الخاص بما يرجّح كامن العنف ويزكّي بذرته. تعمل اللبرالية الجديدة ،كمشروع طوباوى نظرى، على تسويغ وتبرير كلما يجب عمله لإنجاز هدفها السامى صرف النظر عن تناقضها مع المبادئ اللبرالية التى كانت سائدة لغاية الستينات. أما ،كمشروع سياسى، تشتغل اللبرالية الجديدة على إعادة تأسيس وتثبيت شروط ملائمة للتراكم الطبقى واعادة تجديد سلطة النخب الاقتصادية رغم انها لم تكن فعّالة على المستوى العالمى فى تنشيط تراكم راس المال العالمى كما تشهد ازماتها الماثلة. ولكنها صابت نجاحاً ملحوظاً فى امثلة محدودة (الصين وروسيا) حيث تخلّقت بفضل آلياتها سلطة النخب الاقتصادية.
أما راسمالية الاطراف،بحكم بنيتها التابعة وتراكمها البدائى، كثيراً ما تحتاج الى أيدلوجيات مطلقة ودموية لبسط سلطانها. لذلك تخترع بنيات فكرية واستراتيجيات اثنوثقافية ودينية مركّبة لإنهاك المقاومات التى تعترض تراكم راسمالها المقدّس. ومن تلك البنيات استخدام كل الكروت المتاحة من طائفية ودينية وأثننة/قبلية لاحتكار السلطة وضمنها تجهيل (من جاهلية) البنى الثقافية والطائفية الدينية الماثلة. لذلك تتّسم جميع مشاريعها بشبهات الترويع والتذبيح.
أصبح السلوك الدموى ملازم وضرورى لتراكم راس المال فى الأطراف ونلاحظ راس المال على المستوى العالمى يخترع خطاب "الحرب على الارهاب" أما على مستوى الاطراف تتعدّد خطاباته ويستخدم الحرب والاستلاب والخصخصة لاعادة انتاج الموارد والثروات الطبيعية والسلطة لذلك تصبح الغابات والجبال وحقول النفط والمدن الطرفية مناطق عسكرية وأمنية ومناطق "تمرّد" ممنوعة الاقتراب لمكاتب الامم المتحدة ومنظمات الاغاثة. وأصبح وجود مكاتب الامم المتحدة فى كل مكان ضرورة أمنية وعسكرية (غذائية) واقتصادية وسياسية ، وقيل أخلاقية لحفظ ماتبقى من ماء الحضارة الراسمالية المأزومة فى سعيها المحموم لضمان حركة راس المال والتجارة. أصبح مشهد تلك المكاتب علامة لتسيّد تراكم راس المال العالمى ورموزه (الامم المتحدة، الولايات المتحدة، المنظمات الانسانية، الاعلام الكوكبى بفضائياته التى توثّق ببرود لانتهاكات حقوق الانسان وأجهزة ديقتال وموبايلات تلتقط صور مروّعة وتبذلها لقاعدة معلومات الانترنت والسوشيال ميديا فى اليوتيوب والفيس بوك والتويتر).
فى السودان نحن ازاء دولة مركزية تفرض محكيّة عظمى مركّبة تنطوى على هويات قومية وطبقية واسلامية وآفروعروبية وكأن محكيّات المركزية الاثنية الاوروأمريكية تنطرح بصورة مصغّرة بحيث "لا تتعارض" مع حركة راس المال المعولم. أضع لاتتعارض بين الاقواس للتنبيه لأن قوانين اللعبة ظاهرياً تتناغم منسجمة مع آكلى القصعة وفى البال بلايين الاموال والادخارات التى تضخّها الصين (مثلاً) قانونياً فى الاسواق الامريكية اوالاموال المنهوبة التى يضخها رؤوساء العالم الطرفى فى اسواق وبنوك اوروبا وأمريكا ومنهم على سبيل المثال الملوك والرؤساء العرب من الخليج لغاية حسنى مبارك والقذافى وحسبته وعمر البشير الى آخر الكوكبة (شكرا لويكى ليكس).
لحمة مشروع حركة الاسلام السياسى الحاكمة فى السودان وسداه اللبرالية الجديدة حيث يعتمد على خصخصة الاقتصاد والتعليم والصحة وليس من بين استهدافاته حل مشاكل التنمية غير المتساوية وسوء توزيع الثروة والسلطة والفساد والظلم الاجتماعى والاقتصادى المطلق المصاحب لها بالضرورة. لذلك كان لزاماً على حركة الاسلام السياسى تبنّى مشروع ايدلوجى ثقافى فاشى مطلق لتبرير واقع الظلم المطلق. ولأن مشروع الاسلام السياسى متورّط فى فى واقع كساد وتدنّى انتاج وفساد واقع اللبرالية الجديدة الاجتماعى المأزوم لجأ الى الاستسقاء من منابع الفكر الماضوى بمرونة عقائدية ولجاجة وإرتباك وتبريرية على حساب المبدئية والاستقامة والاخلاق والعقلانية والتماسك الفكرى والمنطقى. ومن تلك الامثلة تبنّى مفهوم فقه الضرورة كتخريجة ايدلوجية تبرّر له الربا وجرائم الانتاج النقدى والسلعى التى يكون سعر الفائدة جزء من بنيتها حتى ولو تأسلمت جميع مصارف الكرة الارضية كون سعر الفائدة جزء لاينفصل بنيوياً من منطق السوق وحركة راس المال والعملية الانتاجية بما فيها من دورة نقد-سلعة-نقد. ومن المرونة ايضاً اللجوء الى تغيير اسم احزاب حركته الاسلامية بعدد المراحل والبلاءات التى اعترضت تطور الاحركة الاسلامية: أخوان مسلمين وجبهة ميثاق اسلامى وجبهة قومية اسلامية ومؤتمر وطنى وشعبى. لا يخفى ان نسخة الاسلام السياسى السودانية تسترشد بربط الدين والدولة وبين الدين والنظام السياسى والاجتماعى على خلاف المسيحية واليهودية (ما لله لله ، ومالقيصر لقيصر)
مشروع تحاصره وقائع مثل هذا المأزق الرؤيوى واللاعقلاني لابد أن يستخدم مُبدّل السرعة مراراً للتحكّم فى استخدام استراتيجيات وتكتيكات ارهابية وعنصرية ودينية وذكورية استبعادية واستعبادية وافقارية وفاسدة لتكريس هيمنته وقبضته الفاشية. الفاشية كمنظومة افكار قومية عنصرية دينية تنتج نظام قمعي يحتكر الجهاز التنفيذي للدولة, وتقوم على قمع الحريات الشخصية وتعتبر الفرد احد ادوات الدولة المنفذه , وتجند الصحافة والاعلام لدعم جهاز الدولة التنفيذي واستخدام فاشية تسيطر على اجهزة الدولة والاسواق والعباد. فى سعيها المحموم لاقامة دولة مدنية راسمالية تسك الحركة الاسلامية فى السودان مصطلحات تستصحب خطاب اللبرالية الجديدة التجارى المرتبط بمواصفات السلع التجريبية العابرة بعبارات اريد لها سحر رؤية دينية عامة وتستخدم دلالات الالفاظ بما يكفى للاستهلاك والاستثمار والربح اليومى السريع بغية تخريج طفيلى متسرّع ك"الاسلام هو الحل" "الخرطوم ليست موسكو" "المشروع الحضارى" .
وبذكر الفاشية حدّثنا التاريخ عن اجتماع صفات الفاشية وعنصريتها مع التطرف الدينى منذ كاثوليك روما فى 1022 مروراً لغاية دعم دول المحور للحركات الاسلامية المتطرفة فى الحرب العالمية الثانية.
حروب السودان الاهلية ومذابحه وتصفياته العرقية تعكس تشابك الطبقى والاثنوثقافى والدينى بما لامزيد عليه فى مشهد تشظّى دولة اللبرالية الجديدة (من شاكلة الدولة التى تغزو مواطنيها (أقرأ رعاياها) وتبطش بهم وتصفيهم - طرابلس تغزو بنغازى والخرطوم تقذف كادقلى وصدام ينكّل بالاكراد) . ضمن هذا السياق يمكن تأمّل تجربة حملات الابادة والتصفية الشرسة لشعوب النوبا فى يونيو 2011. والأمثلة متعدّدة فى استثمار او إختراع عنف البادية واعادة انتاج مليشيات متعدّدة المشارب الاثنية منذ فجر الاستقلال فى مجازر واعدامات شملت جميع أطراف السودان القديم (عنبر جودة فبراير 1956ضد مزارعى القطن وفى جبال النوبة فى 1992 والضعين ولاحقاً فى دارفور، الجبلين، العيلفون، بورتسودان ، كجبار والآن فى جبال النوبة) .
شواهد ومشاهد الصيد البشرى وحملات تصفية شعوب النوبا فى القرن الحادى والعشرين
أزعم هنا وبفصل الخطاب والأدلة المزلزلة شروع المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان فى عمليات تنظيف عرقى فى جبال النوبة وجنوب كردفان لا يأتيه الباطل من أمامه ومن خلفه ومن على جانبيه ومن فوقه وتحته. ولا احتاج الى استخدام مصطلح التصفية العرقية بمعناه الاكاديمى وتعريف الامم المتحدة له منذ اربعينات القرن المنصرم كون ذلك موضوع آخر يخص تجربة اليهود ولا يتّسع له المقام هنا. غير ان الشواهد والأمثلة على قفا من يشيل حول واقع استهداف شعوب النوبا على الهوية الاثنية (مدعوم بذريعة سياسية تزعم فى ظاهر البروباغاندا انها تستهدف عدو/متمرّد هو الحركة/الجيش الشعبى لتحرير السودان/قطاع جبال النوبة)، لكونه استهداف واسع ومنظّم ومقصود . وسأعمل ادناه على تبيان الشواهد والأمثلة الحيّة:
1. خطاب التنظيف العرقى يصدر من أعلى هيئة قيادية ورسمية فى حكومة المؤتمر الوطنى:
بسذاجة و قلّة حيلة لاتخفى على من يرهف السمع بل بتوتّر من يشرع فى الجريمة يقول وزير الدفاع الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين فى 20 يونيو 2011 "حتى هذه اللحظة ما زالت عملياتنا مستمرة وقواتنا تواصل جهدها وجهادها لنظافة الولاية واخماد الفتنة" وفى 21 يونيو قال "العمليات لازالت متواصلة بالولاية لتنظيف بعض الجيوب هناك قطع أن الأيام القادمة لا تقبل أنصاف الحلول وقال «إما أبيض أو أسود" (الانتباهة 21 يونيو 2011) . مابين السطور عبارات تتحدّث عن "تنظيف" و"نظافة" يتجلّى بوضوح بعد ربطه بالاوامر التى صدرت الى المليشيات ثم تجويع السكان بمنع وصول الاغاثة او حجبها عنهم.
2. تصريحات المجلس التشريعى الاعلى (مجلس الولايات):
شدد مجلس الولايات "على ضرورة القضاء تماماً على الحركة (الحركة الشعبية لتحرير السودان) في الشمال عقب نهاية الفترة الانتقالية وبمحاكمة من سمّاهم بالخونة للبلاد"
لاحظ النية المبيّتة التى تصدر من مجلس برلمانى للقضاء على حركة سياسية وليس جيش متمرّد !! ليتهم قالوا "الجيش الشعبى" وسلس لهم المنطق والخطاب!!! ثم لاحظ ان هذا مجلس تنص المادة 91(1) من دستوره على ان هيئته التشريعية القومية تمثّل "بمجلسيها الإرادة الشعبية ، وعليها ترسيخ الوحدة الوطنية ، والقيام بمهام التشريع علي المستوي القومي ومراقبة السلطة التنفيذية القومية ، وترقية نظام الحكم اللامركزي" .كما نجد أن المادة 25(ه) منه تتضمن ذات المبادئ الواردة في مبدأ (تحقيق الحكم الراشد عن طريق الديمقراطية والشفافية والمحاسبة وسيادة حكم القانون علي كافة مستويات الحكم توطيداً للسلام الدائم) لكون توطيد السلام الدائم يأتي عن طريق التنفيذ الناجح لإتفاق السلام الشامل عبر رعاية هذه المبادئ ويؤدي إلى تقديم نموذج للحكم الرشيد في السودان" ولا يخفى ان نص اتفاق السلام الشامل يمهل الجيش الشعبى حتى ابريل 2012 !
وقد جاءت فى ديباجة المجلس انه سيساهم "في تحقق القيم والطهارة العامة في الحياة العامة ، وسيادة حكم القانون وصولاً للحد من الفساد والحيلولة دون إساءة استخدام السلطة وغيرها من القيم الفاضلة" وقد جاء فى كتاب المجلس في مجال رعاية المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان أن المجلس يختص "برعاية حقوق الإنسان وفقاً لوثيقة الحقوق والحريات الواردة بالدستور خاصة فيما يليه من الحق في العدالة في تحقيق التنمية وتقديم الخدمات العامة وغيرها من الحقوق الخاصة بالتوطين وإعادة التوطين والإعمار ومعالجة مشاكل النزوح ، وحماية الحريات الأساسية التي تقوم علي الإعتراف بالتنوع في السودان وإحترام الموروثات الدينية وأي معتقد أو أعراف أو قيم خاصة به" !!! ذات المجلس البرلمانى يصرّح مشدّداً وعلى رؤوس الاشهاد "على ضرورة القضاء تماماً على حركة" سياسية عقب نهاية الفترة الانتقالية وبمحاكمة من سمّاهم "بالخونة" وتقتل حكومته شعوب النوبا على الهوية وتمنع منظمات الاغاثة مد يد العون الغذائى لمن نجا منهم من النازحين الفارين من الحرب!
وهو مجلس أنيط به بحكم كتبه على "إزالة الفوارق بين المركز والولايات وما ترتب عليها من غُبن أو إحساس بالتهميش والقضاء على أسباب النزاعات والحروب" ولكنه ينقلب على مواثيقه المكتوبة ليقرر القضاء على حركة قامت على الغبن والاحساس بالتهميش!!! تلك مهزلة لا قرار لها ولكنها تؤكد حجة التنظيف العرقى والابادة الجماعية على المستوى التشريعى وسبقه تزوير إنتخابى على كل حال.
ظل أبناء وبنات جنوب كردفان منذ الاستقلال (مروراً بحرب إبادة النوبا الجهادية الاولى التى بدأت صرختها بفتوى من ذات حكومة عمر البشير فى يناير 1992ومنذ اتفاقية وقف العدائيات فى اكتوبر 2002 ) تطالب بلامركزية وحكم ذاتى يؤمّن لهم جزء مقدّر من موارد منطقتهم التى بيعت بثمن بخس لوكلاء راس المال الطفيلى وملاك المشاريع الذين لا علاقة لهم بأهل المنطقة.
بدأ القتال فى 5 يونيو 2011 بالقرب من مدينة كادقلى عقب تزوير الانتخابات بفوز احمد هارون المطلوب من العدالة الدولية ونتيجة قصر نظر فى معالجة الترتيبات الأمنية التى يطالب فيها حزب المؤتمر الوطنى جيش الجبهة الشعبية من ابناء النوبة تسليم أسلحتهم او الذهاب الى دولة جنوب السودان. تطوّر القتال وشمل مدن وقرى اخرى منها تلودى والدلنج استخدم فيه الجيش السودانى مدفعية ثقيلة وقصف جوى لمناطق المدنيين وقامت المليشيات المصاحبة للجيش السودانى باعدامات قسرية واعتقالات على الهوية من ابناء النوبا خاصة المُشتبه بإنتمائهم للحركة الشعبية والمسيحيين منهم وتدمير وسرقة ممتلكاتهم. قامت هذه القوات بتمشيط المدن والقرى (خاصة كادقلى) بيت بيت واقامة نقاط تفتيش يتم اعدام المقبوض والمغضوب عليهم او يساقون معصوبى الأعين باللوارى الى مقابر جماعية لإعدامهم كما روى شهود عيان (هيومن رايتس ووتش 10 يونيو 2011) وقد أفادت التقارير ان جنود الجيش السودانى طوّقوا مدنيين لاذوا بمعسكر الامم المتحدة وقتلوا بعضهم كما اعتقلوا اربعة من موظفى الامم المتحدة.
3. شواهد جرائم حرب وتصفيات جسدية وإستهداف واسع ومنظّم ومقصود لشعوب النوبا
تعرض مئات من المواطنين للتصفية الجسدية بواسطة القوات الامنية التابعة للمؤتمر الوطني والاعتقالات والتعذيب بناءً على الإشتباه بالإنتماء السياسي أو الإثني او الدينى. بادر الامن العسكرى فى جنوب كردفان بتطبيق سياسة استخدموها من قبل فى حرب 1992 باستهداف النخب القيادية من أبناء وبنات جبال النوبة المتعلمين والموظفين فى المدن والشيوخ فى المناطق الريفية حتى تضمن "تخلّف النوبا بحيث يعدمون من يتحدّث باسمهم 5 "
وهدّمت كنائس ونهبت ممتلكات وحرقت دور. وثّقت المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً بالاسم اكثر من مائة اغتيال وتصفية جسدية فى اقل من اسبوعين وبداية الاقتتال بالاضافة الى اعتقالات وحالات اختفاء وتعذيب طالت ناشطين سياسيين من أبناء وبنات المنطقة، خاصة في المدن الكبرى. وأُستخدمت حملات تفتيش المنازل والطرقات وتجمعات النازحين أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بغرض إعتقال وتعذيب من يشتبه في ولائهم السياسي وإنتمائهم الإثني نفذتها قوات من الأمن ومليشيات الدفاع الشعبي، وبارشاد من أعضاء حزب المؤتمر الوطني في العديد من الحالات.
إضافة لحالات التدمير والسرقة والحرق التي طالت العديد من قرى المنطقة، مثل قرية الفيض أم عبدالله وقرية كلولو، وحي كلمو وحي قعر الحجر بمدينة كادوقلي، فقد طال التدمير والنهب ممتلكات المواطنين الفارين من أحداث العنف بمدينة كادقلي. جرائم التدمير والسلب والحرق إستهدفت ايضاً ممتلكات الكنائس بمدينة كادوقلي وما حولها. فقد داهمت القوات الامنية ومليشيات الدفاع الشعبي كنيسة أبرشية كادوقلي وكنيسة المسيح والكنيسة القبطية والمنازل الخاصة بالكنائس، وعملت على حرق الوثائق والملفات ونهبت الممتلكات من معدات الكترونية واثاثات، إضافة الى تدمير مكاتب مطران الكنيسة. كما إستهدفت القوات الأمنية ممتلكات المواطنين الأبرياء في قرية الفيض أم عبدالله كونها مسقط رأس رئيس الحركة الشعبية بجبال النوبة/ جنوب كردفان.
ومن السلوك الذى يعبّر عن "استهداف واسع ومنظّم ومقصود" لشعوب النوبا نرصد منع جنود الحكومة وصول الاعاثة الى جنوب كردفان ومنع الاعلاميين والصحفيين (ومنهم طاقم الجزيرة) من الاقتراب من المنطقة وفرض الحصار الكامل على المنطقة حتى أصبحت اخبار المعارك والحملات تتسرّب عبر عمال الاغاثة الهاربين من المعارك والمدنيين الناجين.
أكّد تقرير من الامم المتحدة انه شوهدت 280 من العربات العسكرية خلال الفترة 12-15 يونيو 2011 وهى فى طريقها الى مدينة كادقلى وهى عبارة عن عربات تويوتا لاند كروزر تحمل الجنود والذخيرة والمدافع. وقد أكّد احد عمال الاغاثة الهاربين من ابناء النوبة ان احد اعضاء المليشيات أخبره ان تعليماتهم واضحة: "تنظّف وبس" (ألان بوزويل 16 يونيو 2011 ، مجلات مكلاتشى) . ويقول احد ابناء النوبة ان احد أعضاء المليشيات قال له بالحرف ان تعليماتهم واضحة وهى: "تنظيف الزبالة ولما تشوف واحد نوبى نضفوا طوالى" (سوييب اويى ذا رابيش) وقد قال نفس الشاهد انه "رأى اثنين من اللوارى وبهما مجموعة من ابناء النوبة معصوبى الأعين وموثّقة أيديهم فى طريقهم الى مقابر جماعية فى طرف مدينة كادقلى" (وكالة الأنباء الفرنسية، 17 يونيو 2011) . يقول العمال الهاربين بان مدافع طائرات الهلكوبتر تطارد المدنيين الهاربيين من ابناء النوبة وبعضهم ينام ليلاً فى الجبال خشية حملات التمشيط اليومية. وتكتمل استراتيجية التنظيف العرقى باستخدام سلاح منع الاغاثة والتجويع كاستراتيجية حربية بمنع طائرات الاغاثة من الهبوط فى مطار كادقلى وضرب المطارات الاخرى كمطار كاودا. ان تدمير وقصف مطار كاودا بالقنابل لخلق حُفر كبيرة فيه وهو مطار غير ذى جدوى حربية كون الجيش الشعبى لا يمتلك طائرات يعنى النية والعزم على إبادة شعب النوبا بالإنهاك والاستنزاف: بالتجويع وحرمانهم من العون الغذائى والادوية الطبية والمأوى (اريك ريفز 22 يونيو 2011) .
ومن ذلك سرقة مكاتب ومخازن منظمة الصحة العالمية فى كادقلى عن بكرة أبيها. صرّح برنامج الأغذية العالمية أنه عاجز تماماً على اطعام 400 ألف لاجئ فى جنوب كردفان. وقد تم تقريباً إجلاء جميع عمال الاغاثة التابعة لبرنامج الغذاء العالمى وترك النوبا للموت البطيئ جوعاً وعطشاً ومرضاً.
يقدّر تقرير من الامم المتحدة النازحين من مناطق كادقلى ب 60 الف معظمهم من الاطفال. ويقول تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر فى 15 يونيو ان الاطفال يعانون من حالات الاسهال والالتهابات الرئوية. وتقول تقارير منظمات الاغاثة ان 30 الف من النوبا قد فروا صوب مناطق الجبال التى يسيطر عليها الجيش الشعبى. كل تلك الخيوط والمعلومات بالاضافة الى توثيق صور الاقمار الصناعية وصور الفيديو القادمة من الجبال تؤكّد العزم على استهداف واسع ومنظّم ومقصود.
زاد طين الضغط لايقاف التنظيف بلّة تصريح السفير ليمان برنستون المبعوث الامريكى الخاص فى 15 يونيو 2011 بانه لايمتلك معلومات من الارض لتسمية الحملات بانها "تنظيف عرقى" واكتفى بالتلويح بابقاء السودان ضمن قائمة الارهاب. يلحظ المتابع للسياسة الامريكية فى هذا التصريح صدى عبارات اوباما فى حملته الانتخابية فى ابريل 2008 حين قال بالحرف "الحكومة السودانية تتّبع سياسة جينوصايد فى دارفور وان مئات الالاف من الرجال والنساء والاطفال قد قتلوا فى دارفور وان القتل مازال جارياً" . وكانت طائرات الحكومة الامريكية حينئذٍ تذهب وتجيئ بصلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السودانى ضمن صفقات تبادل ومقايضة معلومات امنية كلعبة ماكرة تسمّى لعبة العصا والجَزَرة وما يعرف فى أدبيات الاكاذيب العالمية بحرب الارهاب. أمريكا التى تدوعل فى العالم بتقديسها الدينى للحريات وفى مقدمتها أولوية حرية حركة رؤوس الاموال جرت تحت بصرها مذابح جبال النوية 1992(حيث قتل مايقارب 700 الف من النوبا فى ظرف سبعة أشهر) ورواندا 1994 وبوسنيا 1995ودارفور (2003-حتى الآن) وفتك نظام الابارتايد الاسرائيلى بالشعب الفلسطينى. يعرف فاشيو المؤتمر الوطنى تماماً ان الفرصة مواتية لمذابح جنوب دارفور ذات الذهب الاسود فى عشية 9 يونيو وانشغال المجتمع الدولى المُُجهَد عسكرياً بالربيع العربى فى ليبيا وسوريا واليمن وازمات اليونان والبرتقال واسبانيا المالية واستحالة تطبيق حظر جوّى فى جنوب دارفور لصعوبة انشاء قاعدة جوية تزوّد طائرات الايواكس بالوقود. اللهم الا من ضرب الفعالية الجوية لدفاع حكومة السودان تهدّد الحكومة وتضغطها لايقاف ابادة شعوب النوبا. لذلك لا تتورّع حكومة المؤتمر وتعتقل فى يونيو 2011 أربعة من موظفى الامم المتحدة من حافظى السلام وتجرؤ على التهديد بضرب طائرات الامم المتحدة اذا لم تنفّذ الحظر الجوى!!(حسب البعثة الامريكية لدى الامم المتحدة وتقرير داخلى للامم المتحدة). وفعلاً منعت تلك الطائرات من الهبوط فى مطار كادقلى. تعتبر تسوية أبييى بمثابة إنتصار دبلوماسى لحكومة المؤتمر التى حاولت حينئذ التشدّد واللجاجة فى رفض اقتراح قدّمه عبدالعزيز الحلو فى 16 يونيو 2011 بوقف العدائيات لمدة شهر لتمكين وصول العون والاغاثة لجنوب كردفان واشترط مقترح عبدالعزيز بدء المفاوضات بين الجانبين للاتفاق حول القضايا السياسية والامنية طويلة الاجل لجنوب كردفان.
مراجع:
1.اريك رييفز ، مجلة المعارضة (ديسنت ماقازين)
http://dissentmagazine.org/atw.php?id=479
http://www.tnr.com/article/world/906...dofan-genocide
2. هيومن رايتس ووتش.
3. وكالة الانباء الفرنسية.
4. جريدة حريات:
http://www.hurriyatsudan.com/?p=25879
5. شهادة خالد عبدالكريم الحسينى رئيس الامن والمخابرات فى مكتب حاكم كردفان وشقيق حاكم الولاية الاصغر فى بداية التسعينات اوردها ألكس دووال ، ديسمبر 2006 فى ورقته:
http://howgenocidesend.ssrc.org/de_Waal2/
الفاضل الهاشمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.