أسر (سودانية) في مواجهة الضغوطات (الاقتصادية)..!! ------------------------------------------------------------------------ الخرطوم: فاطمة خوجلي لم يتمكن الناس مع حلول الأزمة الإقتصادية العالمية من التملص من ضغوطاتهم المعيشية، والتحول من أفراد يعيشون في حالة (سلم) مع المال إلى حالة (حرب) معه لتوفيره، فجاءت الظروف الإقتصادية الصعبة لتخلق إرهاصات حقيقية في حياة الأسرة التي أصبحت تجد الغلاء في كل شيء، مما زاد من معدلات التضخم، وبقيت تلك الأزمة تضغط على الطبقة المتوسطة والطبقة الفقيرة أكثر من غيرهما، وبالرغم من ذلك مازالت تلتقط أنفاسها..كيف ذلك.؟ دعونا نلقي نظرة..! صلصلة وويكة: الريف له تعابيره المختلفة، وطقوسه المبنية على الإحترام والتقدير المتبادل رغم الظروف الصعبة التي يعيشها البعض، ولم تكن المرة الأولى التي أجلس فيها بالقرب من (عمتي) وهي تقف بالقرب من (البوتوجاز) وتقلب بالملعقة داخل تلك (الحلة)..فأظل أمني نفسي بوجبة (بيتوية) لذيذة.. وسرعان ماأكتشف أن ماتصنعه ليس وجبة للتقديم..وفي تلك المرة سألتها (عمتي...إنت طوالي غاتسة في الحلة دي... نفسي أفهم بتعملي في شنو؟) وبإبتسامة هادئة ترد: (بصنع في صلصة)...(نعم) صلصة.. لاتندهشي ففي ظل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة لابد ان نصنع من (الفسيخ شربات) نحن ناس مزارع والحمد لله ويأتينا الخضار طازة...وزي ماإنت شايفة بقعد أنا والبنات وبنعزل طماطم السلطة من الطبيخ..والطماطم اللينة بنعمل بيها صلصة توفيرا" لحق علبة الصلصة (البقت نار)..وبالنسبة للبامية بننشف الصفراء منها وبنعملا (ويكة).! روب و(مرقة): وتشاركنا جارتها زينب قائلة: (فعلا" الوضع الراهن محتاج لعملية تدبير..وتضيف: (شخصيا" أستفيد من اللبن البجيبو أبو الأولاد.. بعمل منو الشاي وجزء (بروبو) عشان يبقى زبادي وحتى الطبقة السطحية بستفيد منها في صنع السمن... وأستخدم سياسة (القسمة والإبدال) في المطبخ.. يعني (كوم اللحم بقسمو لكيمان).. وإن لم أستطع توفيره أستعيض عنه بمرقة الدجاج).! القطر قام: أما عن السارة فتضيف قائلة: (العدس) و(السخينة) هي وجبات النفير في ساعات الضيق..وغالبا" ماأقوم ب(عواسة) الكسرة والعصيدة توفيرا" لإستهلاك (الخبز).. وهنالك بعض صديقاتي عدن لطباخة الاكلة الشهيرة (القطر قام) وكل هذه الاساليب ماهي الا حلول وخطوات لتلافي الضغوط الاقتصادية الرهيبة الاخيرة. محاولات موازنة: وتقول أم مصعب: زوجي ليس له دخل محدد، أرباحه ب(اليومية) ولا نستطيع انتظارها، لذلك نقوم أنا وأبنائي (بالتوفير) بأكثر من طريقة؛ لتوفير احتياجاتنا خلال فترة الضيق، مضيفةً إنني لاأحب (الدين) وقد حاولت ضبط مصروفات البيت لنضع توازنا بين ما نكسبه من مال وما نستهلكه، لكنني أتفاجأ كل يوم بالجديد من قائمة طلبات أبنائي الطلبة الصغار التي لا تنتهي، مشيرةً إلى أنها كثيراً ما تلجأ لبعض الحيل لإرضائهم ، حيث تقول: لا أريد أن يشعر أبنائي بأنهم أقل من غيرهم، فأسعى لتأمين إفطارهم وبعض الحلوى دون ان أرهق والدهم، وكثيراً ما أحاول أن أُوازن بين الميزانية وبين طلباتهم. ممنوع الدين: وتؤكد إخلاص على أن الزوجة لها دور كبير في استقرار ميزانية الأسرة، خاصةً مع غلاء الأسعار..وتوضح قائلة: أنني أحدد ميزانيتي وفق راتب زوجي حتى لا أضغط عليه، فالحياة كما يقول كِبارنا: (ليست بما نريد، وإنما بما نجد)، موضحةً أن الزوجة إذا اعتادت هذا الأسلوب فلن يضطر زوجها إلى الاستدانة، مبينةً أن أكثر ما يضطرها للاعتذار عن حضور المناسبات الإجتماعية هي (التوفير) للأبناء، فأنا أرفض مبدأ الاستدانة لمجرد تقديم الهدايا أو شراء الملابس الجديدة. احتياطات: (قرشك الأبيض ليومك الأسود)..هذه السياسة التي اتبعتها عزة حسن قائلة: إذا شعرت بأن زوجي لديه مال أسارع بإرسال أبنائي ليطلبوا منه. أما أنا فأتحايل عليه وأزيد المبلغ الذي أحتاجه قليلا". وأقوم بإدخار الفائض. وفي الوقت الذي يكون فيه الذهب رخيصا" أقوم بشراء قطع منه..وفي الوقت الذي أحس فيه أن زوجي في ضائقة مالية أقدمه له. فالذهب (زينة وخزينة). اكل بايت: الإقتصاد ضروري لمواجهة أعباء الحياة نتيجة زيادة أسعار السلع المختلفة والخدمات، الأمر الذي يتطلب الإنتفاع بالمواد المتاحة إلى أقصى حد ممكن وبطريقة سليمة. هذا ما إتبعته رجاء الفاضل. وتضيف قائلة: زوجي لايأكل أكل(بايت) فعندما يطلب زوجي ان اطبخ له فاصوليا او بامية استجيب لطلبه واقوم بطبخهما بكمية كبيرة واضعه فى حسابي انى سأضع نصف الطبيخ فى الثلاجة لاقدمه له بعد ثلاثة او اربعة ايام بعد "فركه" ويتناوله ب"الكسرة" وبهذه الطريقة أكون قد "تحايلت" علي الظروف الاقتصادية الماثلة بسياسة (الإثنين في واحد). دفتر الجرورة: منال حسين المشرفة النفسية والإجتماعية: تقول الأزمات المالية والظروف الإقتصادية الصعبة تجعل الشخص في مزاج سيئ وأضافت بعتبر دفتر (الجرورة) هي أقرب وأفضل الحلول المؤقتة للكثير من ربات الأسر، والتي تبحث عن مخرج أزماتها المادية المتكررة عند نهاية كل شهر، حيث يُجبر العديد منهم إلى الاستدانة من محلات ، حتى موعد صرف الراتب، ثم تسديدها أو جزء منها، ليعودوا و(يستدينوا) من جديد، وهكذا يبقى الحال، وكأنهم في دائرة مغلقة تجعلهم لا يستغنون عن (دفتر الجرورة) وفي إعتقادي ان سبب اللجوء لفتح حساب للسلف المؤقت، هو لعدم حسن التعامل مع ميزانية الأسرة. ومن الضروري رفع الوعي والثقافة بأهمية الإقتصاد المنزلي وتربية النشء على التدبير ورفع قيمة الوقوف مع الزوج في كل ظروفه التي يمر بها في السراء والضراء. وتعلم جميع أفراد الأسرة لأصول ومبادئ الاقتصاد المنزلي ضرورة قصوى لضمان ميزانية مستقرة، خاصة في ظل الأزمات المالية التي تؤثر على أسعار السلع والمنتجات وتجعل ميزانيات البيوت تواجه حالة من التعثر المستمر.