تصريحات غريبة وعجيبة بل مُثيرة للدهشة تلكم التي يدلي بها بعض المسئولين حول الضائقة الاقتصادية فهي ظاهرة للعيان بحيث أنها لا تُخفى حتى على الأطفال الرُضَّع.. نعم لقد طالت وإستطالت الضائقة المعيشية التي يعانى منها السواد الاعظم من القابضين على الفقر.. ولذا فإننا نتوارى خجلاً جرَّاء تصريحات غير مسئولة ظل يرددها بعض المسئولين وكأني بهم يعيشون فى جُزر معزولة وفى أبراج عاجية لا علاقة لها بطعم العدس والسخينة..!! إنَّ أرباب الأُسر – يا هؤلاء – ظلوا تحت ضغوط سيل منهمر من طلبات يومية غير قابلة للتأجيل وحيالها يجد هؤلاء ( الغلابى) أنفسهم عاجزين عن الاستجابة.. تكاد العبرة تخنقهم عندما يفشلون في توفير ( دُريهمات) لتلاميذ أساس تسدِّ لهم رمق جوع ظل يُطارد الاغلبية العظمى منهم..!! ألم يسمع (وزير ماليتنا!!) المُبجَّل، أو يقرأ عن طالبة الاساس التى تقوم بتجميع بقايا السندوتشات التى ترمي بها زميلاتها فى احدى مدارس الثورات القريبة جداً من مكتبه الفخيم؛ وتقوم والدتها عند عودتها من المدرسة ب(فتِّ البقايا) ورشها بالماء لتشكِّل وجبة واحدة لا غيرها؟؟!!.. ليس ذلك فحسب بل إنَّ هذه الأسرة المكلومة تبقى على هذه ( الكرتة) التي تلتف حولها هي وإخوانها الخمسة الذين يدرسون بمراحل مختلفة، عائلهم الوحيد بعد المولى؛ والدتهم المريضة بعد أن ( دقَّ) والدهم تأشيرة خروج بلا عودة، داخل وطنه ( المنكوب) تاركاً خلفه ورقة صغيرة حرَّر فيها كامل إعترافه عن عجزٍ لازمه في إعالة أُسرته فعزَّ عليه أن يرى المسغبة فى أعين صغاره؛ حتى اليوم التالى..!! ألم يسمع الوزير الذى يسأل وفى إستنكارٍ بائن: (الناس كيف ما قادرة تاكل ؟؟!!).. عن الاسر التى تصنع من الفسيخ شربات وتعيش (بقدِّر ظروفك) وينتهى مرتبها من يوم (إتنين) فى الشهر بعد تسديد الديون لتبدأ الاستدانة متبوعة ب(الإهانة) مرة أخرى وتدور الساقية مع مصرفات العلاج والطوارئ الاخرى التى تجعل رب الاسرة تماماً كالحاوى (يشيل طاقية هذا ليلبسها في رأس ذاك ) ويتنفس الصعداء عند ما ينتهي اليوم ويسدل الليل استاره دون ان ينقطع نفسه جولة واحدة لهذا المسئول تكفي ليعرف ان سعر السلع الاستهلاكية اصبحت (مبالغة) ومهما طرحت الدولة من سياسات لن تفلح فى ان تحد من الغلاء الذى أمسك بتلابيب الناس في وقت طالب فيه وزير ماليتنا ذات نفسه بأن يرجع الناس للكسرة ترشيداً للإنفاق.. ليبقى السؤال المنطقي : لماذا تراجع واستنكر الآن بقوله (الناس كيف ما قادرة تاكل ؟؟!!.. إننا لا نتوقع ان تتراجع الاسعار بين عشية وضحاها لأنَّ الامر يحتاج بشدَّة لنزول المسئولين الى (الشارع!!) ليس للتظاهر بالطبع بل ليتلمَّسوا معاناة المواطن عن كثب بحثاً عن الاسباب ومن ثم وضع المعالجات المناسبة بأسرع ما تيسر قبل ان ينتفض الجوعى والمرضى، فثورة الجياع ضاربة وضارية بحيث يمكنها جرف كل ما يقف فى طريقها وليتذكر المسئولون ماقالته مارى انطوانيت (فليأكلوا كيكاً بدلاً عن الخبز)..!!