عبد الله حمدوك.. متلازمة الفشل والعمالة ..!!    بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مداد الذكريات (سلسلة وثائقية) مع محمد إبراهيم نقد.. حكاوي المخابئ وأحاديث العلن (6)

مع محمد إبراهيم نقد.. حكاوي المخابئ وأحاديث العلن (6)
الحزب لم يقرر انقلاب 19 يوليو
نميري لم يضع "السم" في طعام عبد الخالق
في احتفالات حنتوب كنت (حكم راية) في المباراة..وفجأة وجدت نفسي أمام رجال الشرطة
حوار: ضياء الدين بلال
تمضي حلقات (حكاوي المخابئ وأحاديث العلن) مع الأستاذ محمد إبراهيم نقد إلى ذروة التوتر والقلق في الاتجاه نحو الختام، ونعد الذين اتصلوا بنا للتعليق على بعض ما قيل أو الرد على بعض ما ورد، بأننا سنفسح مساحة مقدرة لنشر ردودهم وتعليقاتهم، فقد اتصل بي الأستاذ نقد وطلب مني ضرورة أن تتاح الفرصة لآخرين ليرووا الأحادث كما يرونها حتى تكتمل أوجه الحقائق، وذلك ما سنفعله إن شاء الله.
* بعد وصول العلاقة بينكم والنميري نقطة اللا عودة بطرد الضباط الثلاثة (بابكر وهاشم وفاروق)، ما هو الدور الذي كنت تقوم به داخل الحزب أنت محمد إبراهيم نقد؟
- كنت مشغولا بالمساهمة في ترتيب الأوضاع الداخلية للحزب، وفي العمل السياسي كنت أذهب إلى الندوات وأقول رأيي، ولم أحاول أن التقي النميري وكنت أعرف أنه لا سبيل للتفاوض معه، ثانياً كنا مشغولين بالعمل وكيفية تأمين عملنا في مختلف مواقع العمل الجماهيري وكيف نؤمن الحزب نفسه، من تلقي ضربات موجعة.
* هل كنتم تتوقعون أن تأتي إليكم ضربة مباشرة من مايو؟
- كان نشاطهم يقوم على التضييق على الحزب والحد من مساحة حركته.
* لم تختف أنت في ذلك الوقت؟
- لا.. لا.. لم أختف.. ولكن لم أكن أظهر بشكل علني، ولم أكن مستقرا بالمنزل، وقتها عقد السوفيت وساطة بين الحزب وسلطة مايو لتجاوز الأزمة القائمة، وكان قد تقرر أن أشارك في الوفد ولكن كان هنالك أمر قبض صادر في حقي، تصادف ذلك مع احتفالات «حنتوب». وأذكر تدخل برير الأنصاري «عليه رحمة الله» بحكم أننا كنا أصدقاء أنا وبرير الأنصاري وجعفر نميري ومجموعة أخرى، وكان برير في لجنة التحضير للاحتفال ومعه المرحوم عبد العزيز شدو، وكان الاحتفال يبدأ من داخلية أبو عنجة «وهذه هي الداخلية الكنا فيها أنا والنميري والترابي» فاتصل بي برير وقال لي: (نحن قابلنا نميري وبما أن الاحتفال يبدأ من داخلية أبو عنجة فطبيعي أن تكون كل مجموعة أبو عنجة موجودة)، نميري قال لشدو والأنصاري (ما عندي مانع نقد يطلع وما يتم القبض عليه، خلاص يطلع لكن يجي يمشي معانا بالقطر)، رفضت ذلك وقلت لهم: «.. أنا بصل بطريقتي».. وفعلاً هم ذهبوا بالقطار بالليل وأنا ذهبت صباح اليوم التالي. واتصلت بجوزيف قرنق ونقلت إليه ما دار بيني وشدو والأنصاري، وقلت له: (أنا من خلال معرفتي بالبوليس لا بد أن يكون هناك أمر كتابي يلغي أمر القبض فالبوليس لن يتركني، فأرجو أن تتصل بوزير الداخلية أبو القاسم محمد إبراهيم لإيجاد معالجة) ، فاتصل به، فقال له أبوالقاسم فعلاً لقد جاءنا قرار برفع أمر القبض عن نقد). فاتصلت بأبو القاسم فقال لي: (لقد أخبرت جوزيف بالقرار)، فقلت لأبو القاسم: (انت في هذه الحالة يجب أن تتصل بمدني لأن البوليس لا يقبل كلاماً عبر التلفون) وعدني بأنه سيتصرف، وذهبت لحنتوب وشاركت في الجزء الثاني من الاحتفال "حكم راية" في المباراة الرئيسية في الاحتفال وكان كل تفكيري كيف أستطيع أن أغادر مدني قبل مغيب الشمس.
* إذاً قابلت النميري!
- قابلته، وذهبنا إلى المكان الذي كنا مستقرين فيه بالداخلية.
* ماذا دار بينكما؟
- حياني بطريقته المعروفة (كيف يا نقد؟).
* النقاش كان متعلقاً بنشاط سياسي؟
- طبعاً.
* بأي نشاط؟
- طبعاً.. نشاط الحزب الشيوعي.
المهم، بعد انتهاء الاحتفال حاولت الخروج من مدني قبل مغيب الشمس وأنا أحاول ترتيب الأمر جاءني رجلان من الشرطة وقالا لي:(انت في أمر قبض صادر في حقك لا بد أن تذهب معنا لمركز الشرطة)، ذكرت لهما ما تم الاتفاق عليه مع أبو القاسم، اتصلت بمنير حمد سكرتير مجلس الثورة وتدخل مشكوراً وتم إطلاق سراحي، ولا أعرف إلى الآن إن كان الرجل قد اتصل بالنميري أو بأبو القاسم أو لم يتصل وتصرف بشكل منفرد!
*هل كان هنالك سوء نية مبيت لاصطيادك بعد الاحتفال؟
= لا أدري ولكن "الحدث" توزع دمه بين أبو القاسم والنميري وشرطة مدني، لا أعرف من أين جاء سوء النية من النميري أم من أبو القاسم أم من شرطة مدني، أم أن الأمر كان التباسا عفويا، كل الاحتمالات واردة.
* طيب يا أستاذ، هل بدأتم في ذلك الوقت في التفكير في الانقلاب على النميري؟
- مؤكد في تلك الفترة لم تكن مجموعة هاشم العطا تفكر في الانقلاب، لكن من وقت لآخر إذا كانت هناك معلومات أو رقابة عليهم أو أحداث في الجيش كانوا يخبروننا بها، وحقيقة كانت هناك أكثر من قوى سياسية تعمل في الجيش، وفي هذه المدة كان الحزب يمضي في نشاطه السري وكنا نضغط في موضوع إطلاق سراح عبد الخالق، وكنا نحس أن «ناس نميري» يريدون أن يتركوا عبد الخالق في السجن أطول فترة ممكنة، فبدأنا التفكير في تهريبه مستعينين بالشيوعيين الموجودين في سلاح الذخيرة وهم أبدوا استعدادهم منذ أول أسبوع اعتقل فيه عبد الخالق، وكانت الصلة بعبد الخالق منتظمة، وفي هذه المدة يبدو لي أنه بدأت تتكثف الرقابة على هاشم ومحجوب إبراهيم وغيرهما.
* إلى تلك الفترة لم يتم التفكير في أي عمل انقلابي؟
- لم يكن مطروحاً.
* بالرغم من أن الحزب الشيوعي أصدر بيانات بعد بيان النميري الشهير ضد الشيوعيين، يدعو فيها الحزب الجماهير للإطاحة بالنظام؟
- لم تكن هناك دعوة لإسقاط السلطة، و«يمكن أن تعود للبيانات مرة أخرى»، وكانت البيانات تدعو لعودة الديمقراطية والشعارات الأولى لمايو التي قام عليها التحالف ولحرية المنظمات الجماهيرية واستقلالها، والتحذير من موضوع الحزب الواحد. ومن الديكتاتورية العسكرية، ولو رجعت إلى الكثير مما كتب في تلك الفترة خصوصاً عن بيت الضيافة «19 يوليو» وما قبلها وما بعدها ستجد أنك تستطيع أن تلمس ذلك.
ما هي الجهات التي كانت تحضر لانقلابات؟
صمت
ثم قال: لا بد أن ترجع أنت كمؤرخ وتعرف الذين كانوا يحاولون عمل انقلابات عسكرية. نحن كنا مشغولين بوضع عبد الخالق فقد أخذوه أولاً إلى السجن الحربي في أم درمان ثم منها إلى الذخيرة، وكنا مطمئنين على صحته وأحواله، لكن كنا نحس أنهم يريدونه أن «يترمي في السجن» فبدأنا التفكير في موضوع تهريبه.
* وماذا عن الحديث الذي قيل عن أن نميري كان يريد التخلص منه عبر تسميمه؟ هل هذه إشاعة أخرجها الجناح العسكري ليمرر خيار الانقلاب؟
- لا، الجناح العسكري كان متأكداً أنه مثلما نقل عبد الخالق من السجن الحربي إلى الذخيرة كمحطة مؤقتة، يمكن أن يذهبوا به إلى مكان آخر يصعب علينا الاتصال به.
* لكن ألم يكن هناك احتمال لإعدامه؟
- لا، لم يكن موجوداً، ولم تخرج إشاعة بهذا المعنى.
* الغريب أنني قرأت في عدة مصادر أن هنالك معلومة سربها الجناح العسكري تقول إن نميري يريد إعدام عبد الخالق عبر التسميم البطيئ؟
- لا، هذا غير صحيح، طالما أنه في سجن مصنع الذخيرة فنحن نكون مطمئنين لأن لدينا مجموعة تابعة للحزب هناك.
* طيب فكرة التهريب، هناك حديث بأنه كان هناك سيناريو خاص بسكرتارية الحزب وسيناريو آخر خاص بالجناح العسكري.
- كان هنالك سيناريو واحد متفق عليه وكانت هنالك لجنة مكونة للقيام بالمهمة بمسؤولية المرحوم عبد المجيد شكاك هذه في الجانب المدني وقرار التهريب طرح في اجتماع من اجتماعات اللجنة المركزية وقامت السكرتارية بالمتابعة مع مجموعة سلاح الذخيرة ومجموعة هاشم العطا التي لم تحاول تهريب عبد الخالق بل حاولت الاتصال به، العسكريون بدأ دورهم بعد خروج عبد الخالق من مصنع الذخيرة.
* هناك كثيرون يحاولون الربط بين تهريب عبد الخالق من مصنع الذخيرة والسيناريو المرتب ل «19 يوليو» على أساس أن التهريب جزء من الترتيب ل «19 يوليو».
- محمد محجوب ومحجوب إبراهيم، (محمد محجوب بحكم أنه أخ عبد الخالق ومحجوب إبراهيم قريب عبد الخالق وكان يعمل في مصنع الذخيرة) هما أرادا الذهاب إليه بالذخيرة لمشاورته وليس لتهريبه لأنهما يعلمان أن الحزب يتابع موضوع تهريب عبد الخالق ويرتب له، فلم يتمكنا من الالتقاء به وكل ما قيل غير ذلك استنتاجات لا أكثر، وتهريب عبد الخالق تم بواسطة مدنيين ومن العسكريين كان هنالك محجوب إبراهيم والخطة تمت بسهولة وبمساعدة العريف عثمان عبد القادر، وعندما التقى العسكريون بعبد الخالق نقلوا إليه رأيهم بأن الوضع في الجيش ما عاد يحتمل الصبر عليه.
* هل كان هذا أول طرق لموضوع الانقلاب على مايو؟
- نعم؛ لذلك هو أصر على مقابلة كل مجموعات الضباط الشيوعيين وغير الشيوعيين الموافقين على فكرة الانقلاب هذا أولاً، وثانياً قال لهم إنه لن يعطي أي رأي ولن يصدر قرارا ما لم يطرح الموضوع على المكتب السياسي للحزب، وهذا تأخر لأننا كنا في ظروف صعبة وكان هناك حصار ورقابة على الشفيع وغيره من القيادات.
* الأستاذ محمد إبراهيم نقد كيف كنت تتابع المسألة وإلى أي مدى كنت تشارك في العملية؟
- أنا لم أشارك في تنفيذ العملية، لكن كنت أتابع مساراتها عن قرب.
* هل عرفت أنه كان في منزل أبوشيبة بالقصر الجمهوري؟
- لم أحب أن أسأل، لكن كنت أعرف أنه مع العسكريين، (وهناك أشياء أنت لا تسأل عنها).
* سيناريو التهريب، هل وضعه عبد الخالق أم وضعتموه أنتم؟
- كان لا بد من أن يتم تشاور على خطة التهريب بين الأطراف المشاركة في التنفيذ.
* الفكرة المركزية في التهريب والطريقة من حددها؟
- الطريقة وصلنا إليها بالتعاون مع عسكريي الحزب في سلاح الذخيرة.
* هل يعني ذلك أن عبد الخالق كان عليه التنفيذ فقط؟
- عبد الخالق تشاور مع مجموعة الذخيرة..فهو كان يمثل طرفا، ومجموعة العسكريين في الذخيرة طرفا آخر ونحن في الخارج طرفا ثالثا، والأطراف الثلاثة تلاقت جهودها في هذه المهمة.
* ألم تضعوا أي احتمال أن تكون هذه فرصة لمايو للتخلص من عبد الخالق إذا تم اكتشاف الخطة في لحظات التنفيذ؟
-
- رغم كل شيء كان لا بد من التحرك السريع قبل أن يرحلوه من الذخيرة إلى مكان آخر ويتعذر الاتصال به .
* هل صحيح أن عبد الخالق وقتها كان هو المسؤول المباشر عن الجناح العسكري للحزب؟
- كان هناك مسؤولون آخرون، وبعد أن أبعد هاشم وبابكر من مجلس قيادة الثورة آلت لهما المسؤولية.
* وماذا عن عبد الخالق سكرتير الحزب؟
- نعم كانت الصلة بين الحزب والعسكريين عن طريقه هو وعن طريق آخرين مثل المرحوم شكاك.
* وهل صحيح أنه صنع علاقة مستقلة عن سكرتارية الحزب مع هذه المجموعة العسكرية؟
-قال بتعجب: كيف ذلك؟
وإذا حدث ما تقول كيف كان يمكن عقد اجتماع يضم مدنيين وعسكريين هاشم وبابكر والشفيع وأنا.. (يا أخي هناك الكثير من الكلام يُقال ..بلا علم وبلا معرفة).
* قد يكون بحكم السرية لم يخبركم عبد الخالق ببعض الأمور..أو على الأقل لا يريد إدخالكم في التفاصيل؟
- السرية التي كان يخشى اكتشافها هي صلته بالجيش و«خلاص المعلومة انكشفت»
«يضحك».
- ثم قال: أليس كذلك؟
(.........)
- يواصل: وإذا كانت أصلاً هي أمر سري فيجب ألا تكون معروفة حتى بالنسبة لنا، لكن هناك مدنيون غيره كانوا يعملون مع الجيش في التثقيف أو التنظيم أو غيره.
* هل عملت في الجيش؟
- لا، أنا مكشوف لعدد كبير جداً من الضباط «دفعتنا والقدامنا والورانا».
*ماذا تم بعد تهريب عبد الخالق؟
- تكرر الضغط على هاشم داخل الجيش للإسراع بالعملية الانقلابية.. وعدهم بالرجوع للحزب ورجع للحزب.. التقينا في منزل في الخرطوم وقتها وتم الاتفاق على عقد اجتماع للمكتب السياسي. فاستغرقنا نحو كذا يوما لنجد منزلاً مناسباً لقيام اجتماع المكتب السياسي.. وفي الآخر أجرينا اجتماعاً في الحلفاية لأننا لم نكن مطمئنين كثيراً لكل الأماكن الأخرى.. وطرح فيه رؤية تنظيم الضباط الأحرار وفيه الشيوعيون حيث يعتقدون أنه ليس هناك سبيل غير أن يتحركوا وهم يريدون أن يصححوا الأخطاء التي وقعت فيها مايو لأنهم كانوا جزءاً منها، فما هو رأي الحزب؟ وكان رأي الحزب أنهم حركة تصحيحية من حيث المبدأ مقبولة ولا اعتراض عليها، لكن يجب ألا تكون الحجة قائمة على أن الضباط الوطنيين أو الديمقراطيين سيفصلون من الجيش فهذه ليست حجة لأنه سيأتي غيرهم لاحقاً.. أما إذا كان الغرض تصحيح مسار الحركة العسكرية بحيث تكون علاقتها مع الحركة السياسية والنقابية مستقيمة فهذا شيء معقول ومقبول، وثانياً كان لا بد من التأكد من أشياء مهمة جداً أولها الحفاظ على الحريات وقراءة المواقف العربية، والافريقية وتوقع ردود أفعالها.
* إذاً تم التأمين على الفكرة؟
- المكتب السياسي عندما اتخذ القرار لم يتخذ القرار (بنحن موافقون)، كانت الموافقة من حيث المبدأ مع التأكيد على أن الخطوة تحتاج إلى بحث أكثر.
* لكن محمد محجوب كتب في كتابه عن 19 يوليو أن المكتب السياسي أيد هذه المسألة وتبقت اعتبارات زمنية وترتيبات فنية!
- محمد محجوب لم يكن موجوداً وكان وقتها في ألمانيا، ذهب هو وفاروق إلى هنالك.. نعم..كونه كان في قيادة التنظيم هذا صحيح وكان على علم بكل ما يدور ..أنا وقتها كنت حلقة الوصل بين هاشم والمكتب السياسي للحزب.
* ولكن....؟
- اعطني فرصة..
هم نقلوا إلينا الأوضاع داخل الجيش بأن هناك ضغطا مستمرا عليهم كشيوعيين بأن يتحركوا ..فما هو رأي الحزب؟.. وضعنا كل الاحتمالات موضع النقاش وطلبنا منهم أن يحاولوا الضغط لإقناع الضباط المطالبين بالانقلاب بالصبر قليلاً، لأن الاستعجال غير مفيد ولا بد أن يكون برنامج التغيير واضحاً فلا يمكن أن نقول «والله نحن شلنا نميري وبعد داك نقعد نتلفت»، وأن يعطونا أجوبة على أسئلة محددة وعلى ضوء أجوبتهم نقرر: هل سيطاح بمجلس الثورة كله؟ وهل ستكون هناك اتجاهات مختلفة في مجلس الثورة الجديد أم اتجاه واحد؟ أسئلة يمكن أن يسألها أي شخص.. وأبلغنا هذا الكلام لهاشم فقال: (أنا خارج الجيش والذين يمسكون بالعمل في الداخل هم الذين يضغطون، أنا سأحاول أن أذهب إليهم بهذا الكلام وأقنعهم)، وكان هذا الحديث حوالي منتصف يوليو واتفقنا على أن نلتقي مرة أخرى، وذهبت إلى عبد الخالق وحكيت له ما حصل فقال لي: (متى ستلتقي بهاشم؟) فقلت له:(بعد غد) .قال لي (طيب.. نحاول نضغط عليه مرة ثانية) ثم أضاف: (محمد..لازم هاشم يقابلني) وعدته بذلك.. (والغريبة أن ميعادي مع هاشم كان يوم «19» يوليو نفس يوم الانقلاب)، وكان يفترض أن نلتقي الساعة «8» مساء في سوق العمارات بجانب مدرسة البنات (هناك في شارع أسفلتي وكان مفترض أن يأتي من العمارات بجهة الشرق وأنا آتي بشارع محمد نجيب من الغرب للشرق سائراً على الأقدام وهو من الشرق للغرب وكلانا يرى الأخر ويرى كل منا إن كان الآخر مراقبا أم لا؟ وإلى ذلك الوقت لم نتلق الرد من هاشم ولم نلتق به، ولذلك يوم «19» لم يكن يدري هاشم أين يجدني فقد قام بالانقلاب نهاراً، وموعده معي كان ليلاً ولذلك قام بجولة طويلة ليعرف أين أنا وأين عبد الخالق؟ ولم يصل إلينا إلا ليلاً..!
نواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.