تفاصيل استقالة الوزير ورفض الرئيس لماذا تأخر افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض؟! أصابع أمريكية تعطل التشغيل..وهذا ما جاء في استقالة عبد الوهاب! السكرتير الصحفي للرئيس: لهذه الأسباب رفض البشير قبول الاستقالة(..)! تقرير/عبد الباسط إدريس رسالة قصيرة بعث بها مركز" كمون" الإعلامي تقول إن "افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض قد تم تأجيله في الموعد المضروب لأسباب فنية طارئة" وأن ندرك أن تلك الأسباب الفنية عبارة عن جهاز صغير لتشغيل أكبر المشاريع السودانية الذي بلغت كلفته المالية مايزيد عن المليار دولار قبل افتتاحه "الخميس المقبل" على يد السيد رئيس الجمهورية ، بسبب أن الشركة الاسترالية المتعاقد معها ليست صاحبة البرنامج وإنما شركة أمريكية أخرى امتنعت عن تسليم السودان البرنامج التشغيلي للمصنع لوقوع ذلك ضمن حزمة عقوبات ومقاطعة "يكون امراً محزناً" . استقالة الوزير عقب تلك الرسالة الإلكترونية سرى ظهر أمس همس داخل مجالس الخرطوم عن استقالة وزير الصناعة المهندس عبدالوهاب محمد عثمان، ولكن الحقيقة لم تترك حيزاً واسعاً لاستمرار ذلك الهمس حيث تلقت الصحف ورقة غير مختومة تحمل توقيع عبدالوهاب عثمان تقول إنه "دفع باستقالته من منصبه كوزير للصناعة" . وهو المنصب الذي وصله منذ نحو أربعة أشهر عقب التعديل الوزاري الأخير خلفاً للدكتور عوض الجاز ، حيث حملت ورقة الوزير أنه قد تقرر تأجيل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض إلى وقت لاحق، نسبة لعدم توفر برنامج التشغيل (software) بسبب المقاطعة الأمريكية.وأضاف الوزير: "نسبة لما سببناه من حرج للشعب والدولة بهذا التأجيل فقد تقدمت باستقالتي لرئيس الجمهورية عمر البشير، متحملاً مسؤولية هذا الحرج". لكون أن حفل الافتتاح كان من المقرر أن تشهده (56) دولة إسلامية موجودة في السودان على هامش اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية بجدة، الذي دفع (63) مليون دولار في تكلفة إنشاء المصنع. غير أن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير رفض قبول الإستقالة التي تقدم بها وزير الصناعة المهندس عبدالوهاب محمد عثمان . وكشف السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية عماد سيد أحمد ل(سونا) أمس، عن تشكيل رئيس الجمهورية لجنة تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت لعدم افتتاح المصنع في المواعيد التي سبق تحديدها، مبيناً رفض الرئيس قبول استقالة وزير الصناعة التي دفع بها إليه بسبب ما أعلن عن تأجيل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض الذي كان محدداً افتتاحه الخميس المقبل. من جانبه أعلن مدير شركة سكر النيل الأبيض حسن ساتي عن تأجيل حفل افتتاح المصنع من يوم (الخميس) المقبل لموعد يحدد لاحقاً، مبدياً اعتذاره لكل من قدمت له دعوة لحضور حفل الافتتاح عن التأجيل المفاجئ، وأكد ساتي في تعميم صحفي اكتمال العمل في كافة مكونات المصنع وجاهزيته وقال إن التأجيل تم لظرف فني طارئ مرتبط بطرف خارجي. وكان من المقرر أن يشهد رئيس الجمهورية افتتاح المصنع بحضور ضيوف البلاد الذين وصلوا الخرطوم للمشاركة في اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية المنعقدة هذه الأيام . في السياق نقلت مصادر (عليمة) تحدثت ل(السوداني) بعد أن طلبت عدم ذكر اسمها أن أسباب رفض الاستقالة تعود للكفاءة العالية التي يمتلكها المهندس عبدالوهاب عثمان الذي شغل عدة مواقع تنفيذية منها وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم لعدة سنوات ويرجع البعض النهضة العمرانية التي شهدتها ولاية الخرطوم إلى عهد الرجل الذي يوصف أيضاً بأنه من أكثر الزاهدين في المواقع حيث كان كثير التلويح بتقديم استقالته في عهد والي الولاية السابق عبدالحليم المتعافي وبعهدها شغل منصب وزير الطرق والجسور لينتهي به الأمر وزيراً للصناعة ليستقيل معتذراً عن تأجيل الموعد المحدد لافتتاح مصنع السكر بسبب ماقال إنه قد تسبب في حرج بالغ للشعب السوداني. ولعل الاستقالة (المرفوضة) التي تقدم بها عبدالوهاب عثمان ليست الأولى حيث سبقه في ذلك وزير الدفاع الحالي الفريق أول ركن عبدالرحيم محمد حسين الذي كان يشغل قبلها منصب وزير الداخلية حيث دفع باستقالته بعد إعلانه عن تحمله المسؤولية الأخلاقية لانهيار إحدى العمارات التي كانت الداخلية تقوم بتشييدها ضمن عدة مباني جديدة . سكر النيل الأبيض أصل الحكاية : في التاسع من نوفمبر عام 2009 وقع السودان على اتفاقية تمويل للمراحل النهائية لمشروع سكر النيل الأبيض حيث وقع عن الحكومة كل من وزير الصناعة –حينها- د. جلال يوسف الدقيرومحافظ البنك المركزي السابق د. صابر محمد الحسن وقعا مع محفظة البنوك السودانية والأجنبية وشركة سكر النيل الأبيض على اتفاقيات تمويل بمبلغ (105) ملايين دولار لتنفيذ مكونات المرحلة الأخيرة والنهائية لمشروع سكر النيل الأبيض فيما قال مدير عام شركة سكر النيل الأبيض في ذلك الوقت إن التوقيع يعتبر أول تجربة فريدة في تمويل المشروعات التنموية، مُبيناً بأن المبالغ المُعتمدة يُستفاد منها في تنفيذ بعض مكونات المرحلة الاخيرة والنهائية لمشروع سكر النيل الأبيض وكشف في ذات المناسبة المدير العام لبنك المال المتحد كمال الزبير ، أنّ هذه العملية تُعتبر مُؤشراً قوياً لجدية القطاع المصرفي السوداني في دفع عملية التنمية بالبلاد، مُوضحاً بأنّ جملة التمويل تصل ل (105) ملايين دولار بمشاركة (11) بنكا أجنبيا وسودانيا .وقد تم تصميم المصنع بطاقة تشغيلية تبلغ 450 ألف طن في العام على أن تبدأ المرحلة الأولى بإنتاج 150 ألف طن بجانب توفير أكثر من 40 ألف طن من الإنتاج الزراعي والمحاصيل النقدية (السمسم وزهرة الشمس والذرة الصفراء) إضافة لإنتاج الإيثانول وطاقة كهربائية تفوق ال104 ميقاواط للتشغيل والتي توفر أيضاً 52% منها لتغذية الشبكة القومية للكهرباء حيث ينتج مشروع سكر النيل الأبيض مايعادل 8% من إجمالي إنتاج سد مروي من الكهرباء بجانب توفير فرص العمل وسد حاجة البلاد من السكر والاتجاه للمنافسة العالمية . ذهاب وإياب .. قراصنة وعقبات غادرالدكتور جلال الدقير كرسي وزارة الصناعة تاركاً وراءه الدكتور عوض أحمد الجاز الذي كانت أولى إفاداته وهو يتسنم الوزارة إعلانه عن ثورة شاملة في صناعة السكر قبل أن يقول للإذاعة السودانية بهدوء إن قراصنة صوماليين قاموا بإحتجاز السفينة التي تحمل معدات تخص مصنع سكر النيل الأبيض منذ 15يوماً ، ثم اكتفى بالقول إن جهوداً مبذولة لتخليصها للإسراع بدخول سكر النيل الأبيض حيز الإنتاج ، وقد أثار إعلان الوزير عن قرصنة معدات المشروع كثيراً من اللغط حيث فسر حديث الجاز بأنه قد أضفى للحادثة أبعاداً جديدة ترفع الستار عن حرب خفية تقودها الحكومة مع جهات تحاول عرقلة المشروع . حينها ربما رأت الوزارة وإدارة مشروع سكر النيل الأبيض أن تطاول ذلك الاحتجاز من شأنه أن يتسبب في إرباك كامل للجدول الزمني للمشروع الذي اكتسب مزية اقتصادية بعد أن بنيت عليه الكثير من الآمال والأرقام التي ستقود لإدخال المشروع في عجلة الاقتصاد الوطني وتغذية شرايينه ، إذ إن السكر أصبح أحد أهم البدائل الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة لتعويض عائدات النفط وخفض الاستهلاك المحلي الذي يؤدي للحفاظ على العملة الاجنبية ، تلى ذلك أخبار متناثره اجتمعت عند نقطة فاصلة خرج بها الطرفان ( الوزارة والادارة) وهي الاتجاه لايستيراد معدات جديدة ولكن لم يمضِ كثير وقت على تلك الاخبار إذ تم الإعلان في التاسع عشر من يونيو من العام الماضي عن تمكن الحكومة السودانية من إطلاق سراح الباخرة التي تحمل معدات مصنع سكر النيل الأبيض والتي احتجزها القراصنة الصوماليون بالبحر الأحمر منذ أكثر من شهرين ، مما حدا بالمدير العام لمصنع سكر النيل الأبيض للقول إن فك احتجاز السفينة من قبل القراصنة الصوماليين يعتبر نصراً للسودان والقائمين على أمر المصنع ، سيما أنه يجعل إداره المصنع تلتزم بالجدول الزمني الذي حددته لتدشين عمليات الإنتاج أواخر العام الجاري . وصول الشفرة تقول الحكاية أن طواحين مصنع سكر النيل الأبيض التي تدير صناعة السكر ذات مواصفات تقنية وعالمية عالية حيث تم التعاقد لاستجلاب برنامجها التشغيلي من شركة استرالية بيد أن الشركة لها تعاقد هي الأخرى مع شركة أمريكية تقوم بتزويدها بمثل تلك البرامج غير أن الشركة قد امتنعت عن تزويدها بسبب القوانين الأمريكية التي تحرم على الشركات والمؤسسات التعامل مع السودان بفعل المقاطعة الاقتصادية والعقوبات المفروضة على السودان من قبل الولاياتالمتحدة ، وتؤكد متابعات (الصحيفة) أن جهوداً مبذولة لمعالجة الأمر واعتبرت مصادر تحدثت ل(السوداني) أن الأزمة عارضة وأنها ليست الأولى التي يتعرض لها السودان حيث حدثت مثل ذلك في مجالات البترول والسكة الحديد والسلاح والطيران وأكدت أن الازمة في طريقها للحل خلال اليومين المقبلين .